هاني مسهور يكتب:

الإماراتيون إلى 2071

بمنهجية غير تقليدية في بلد غير تقليدي جاء إعلان سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، بعد التشاور مع سمو ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن حكومة الإمارات الموكلة عليها مهمة تنفيذ "رؤية الإمارات 2021".

فمع إعلان الحكومة مع الإشارة لتصدر الإمارات في 100 مؤشر تنموي وتصدرها المنطقة في 470 مؤشرا حكوميا واقتصاديا وتقنيا، من هذا الباب الكبير والسقف العالي علو السحاب تدخل البلاد حقبة الخمسين.

الإمارات تخرج من أزمة كورونا أكثر عنفواناً ورغبة وطموح في تسجيل موقع متقدم في القرن الحادي والعشرين عبر إطلاقها حزمة مشاريع اقتصادية، فلا تُنافس الإمارات إلا نفسها، ولا يشغل قيادتها إلا بلوغ القمة وتحقيق مصالح شعبها ورفاهيته، وتأمين مستقبل أفضل للأجيال المقبلة، وكذلك توفير الراحة والأمان للمقيمين فيها.

ففينا تجتمع القيادة على قلب رجل واحد من خلال إعلانها وثيقة "المبادئ العشرة" باكورة أعمالها ضمن "مشاريع الخمسين" لتكون الوثيقة بمثابة مسار استراتيجي للإمارات في سنواتها المقبلة، ولتكون مرجعاً للمؤسسات الحكومية بما يفيد في تعزيز دولة الاتحاد، وبناء اقتصاد مستدام، وتسخير جميع الموارد لمجتمع أكثر ازدهاراً، وتطوير العلاقات الإقليمية والدولية، ودعم أسس السلام والاستقرار.

تؤكد مشاريع الخمسين في فلسفتها عامة على الدفع بالاقتصاد الكلي بأدوات جديدة غير تقليدية والتأسيس لدورة تنموية شاملة تضع الأجيال القادمة في القلب منها، حزمة ثانية ليست منفصلة عن الأولى في الأهداف وإن اختلفت في التوجهات غير أنهما يصبان في نهاية المطاف في مصلحة الاقتصاد الكلي وعجلة الانتاج ودعم التوظيف وتعزيز مشاركة الكفاءات المواطنة وتوفير أفضل الفرص التدريبية لهم وتمكينهم لأخذ مواقعهم الوظيفية في سوق العمل.

الرؤية الاستراتيجية بعيدة المدى تركز على القطاعين الحكومي والخاص شريكي التنمية تهدف إلى إطلاق الطاقات الإبداعية في شتى المجالات، التأسيس لدورة جديدة من المشاريع الاستراتيجية الوطنية الرامية إلى بدء مرحلة جديدة للقطاع الخاص بالدولة.

تنطلق مشاريع الحزمة الثانية من قاعدة اقتصادية قوية تمتلكها دولة الإمارات في القطاعات والمحاور كافة وتؤكد الدعم المتواصل من حكومة الإمارات لتحفيز المواطنين الشباب للدخول للعمل في القطاع الخاص وتوفير بيئة استثمارية مستقرة للجميع، من خلال رؤية واضحة للمستقبل.

البناء المؤسسي العصري والحديث للدولة الاتحادية في الإمارات، ورأس المال المبتكر، ممثلاً بالكوادر الوطنية المؤهلة والمبدعة، إضافة إلى استثمار الخبرات المتراكمة على مر الأعوام الماضية، توفر بعد صهرها في بوتقة واحدة رصيداً للتخطيط السليم ووضع الاستراتيجيات الصحيحة ثم التنفيذ الممتاز، كل هذه العناصر المتكاملة تدفع مجتمعة مختلف القطاعات بالدولة على إعداد استراتيجية فعالة للغاية للمرحلة المقبلة، مستفيدة من توجه الإمارات المتصاعد نحو الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، والاعتماد عليهما في كل مجالات الحياة، وتشجيع نهج الابتكار واستقطاب الطاقات الإبداعية المتميزة، وتوفير بيئة إبداعية للشركات والمؤسسات العاملة في مجال استثمارات المستقبل، القائمة على المعرفة والمعلوماتية.

هذه الطموحات والتحديات ضمن أولوياتها، من خلال الوعي بالمستقبل القريب والبعيد، والتركيز على التنمية الاستدامة، وعلى اقتصاد ما بعد مرحلة النفط، وعلى الذكاء الاصطناعي والابتكار والاستثمار في المعرفة واستكشاف الفضاء. إن مؤشرات النمو والازدهار الراسخة بالإمارات تبعث رسائل مبشرة بالنهوض والتفوق، إن ذلك ينعكس إيجاباً على الوطن، ويحفز الشعب على الإنتاج والعطاء، والثقة التي تتبلور في الخطاب الرسمي لقيادة الإمارات تنبع من تجارب ناجحة تم اكتشاف أسرارها المتمثلة بالولاء والإخلاص وحب الإنجاز.

تتجدد الطموحات وتتحفز الطاقات لصنع مستقبل مشرق، يواكب الخطط التي تقوم على قهر المستحيل، بما يلبي تطلعات الأجيال القادمة، وبخطى ثابتة وواثقة، تعزز ريادتها ومكانتها على خريطة الدول المتقدمة، مرتكزة في ذلك على إنجازاتها التي لا تعد ولا تحصى، لتمضي برؤية قيادتها المبدعة نحو مرحلة جديدة من مسيرتها التنموية الشاملة والملهمة، تعبر من خلالها إلى مستقبل واعد، يؤمن حياة أجود للأجيال الحالية والمقبلة، برؤية شاملة تربط الماضي بالحاضر والمستقبل.

إعلان حكومة تواكب مشاريع الخمسين المعلنة تؤكد أن العزم الذي كسر المستحيل في الخمسين عام الأولى التي أطلقها المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- وأشقاءه المؤسسين الأوائل تطلق روح جديدة تستوعب التحولات والتحديات لتعزيز مكانة الإمارات العالمية.