ثامر الحجامي يكتب لـ(اليوم الثامن):
تحالف قوى الدولة في الميزان
تجرى الإنتخابات العراقية المبكرة بعد أيام، في ظل صراع إنتخابي شديد بين الكتل السياسية، إعتمدت فيه تلك القوى على تأثيرها في الشارع العراقي وماكناتها الاعلامية، والحضور الجماهيري لمرشحيها، وسط غياب البرنامج الإنتخابي لغالبية تلك القوى، والأهداف التي تريد تحقيقها في المرحلة القادمة.
غالبية الكتل السياسية المشاركة في العملية الانتخابية واضحة للجمهور العراقي، وكانت صاحبة التجربة الأبرز في الحكم طوال السنوات السابقة، وهي المؤثرة في القرار السياسي وما وصل اليه حال العراق في المرحلة الحالية سلبا كان أو إيجابا، بحسب قوتها وتأثيرها النيابي والحكومي، وهي وإن رفعت شعارات جديدة لكسب الناخبين، لكن واقع الحال يقول أن أدائها لن يختلف عن الدورات السابقة.
وكما هي العادة في النظم البرلمانية، فإن بعض الكيانات العراقية أخذت إتجاه اليمين وأخرى إتجاه اليسار، رغم غياب هذين المفهومين عن فكرها السياسي، يبرز تحالف قوى الدولة من بين تلك القوى بأخذه جانب الوسطية والإعتدال في برنامجه الواضح وخطاب قادته ومرشحيه وعلاقته مع القوى السياسية الأخرى.. يكاد أن يكون الكيان الأبرز إن لم يكن الأوحد، الذي إعتمد في خطابه على برنامجه الإنتخابي وأهدافه التي يريد تحقيقها، قبل إعتماده على قوة مرشحيه ورمزية قادة التحالف.
ما يميز تحالف قوى الدولة الذي يتكون من كتلتي النصر والحكمة، أنه يمثل قوى الإعتدال والوسطية، ويرفض التشدد والتطرف والولاءات الخارجية، ومن القوى المتمسكة بهيبة الدولة وفرض القانون، كما إنه يمثل خط صد ضد قوى اللادولة، التي تهدف الى عسكرة المجتمع وخلق خطوط موازية للدولة، وهو منفتح على جميع القوى والمكونات الأخرى وفق المصلحة الوطنية للبلاد، ويكاد يمثل حلقة الوصل بين إتجاه اليمين وإتجاه اليسار، ويعود ذلك الى الحركة المحورية والحنكة السياسية، التي يمتلكها رئيس التحالف.
فالسيد عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة الوطني شخصية لها ثقلها الكبير، ويمثل دورا محوريا في العملية السياسية طوال الفترة الماضية، وحلقة وصل مع جميع الكيانات الأخرى في الساحة العراقية، إضافة الى علاقاته الإقليمية والدولية، وخاصة مع القوى المؤثرة في المشهد العراقي، ولطالما طرح البرامج التي تهدف الى بناء الدولة وتقوية مؤسساتها الرسمية، ومعالجة المشاكل السياسية والإقتصادية التي تمنع بناء دولة قوية، فإرثه التاريخي وحنكته وعلاقته مع الجميع مكنته أن يكون خيمة جامعة، ومصدرا للقرارات المهمة التي تخدم البلاد.
أما الجناح الثاني في تحالف القوى هو السيد حيدر العبادي رئيس الوزراء الأسبق وزعيم كتلة النصر، وهو شخصية أثبت نجاحا مهما إبان توليه من عام 2014 الى عام 2018، فتحت إدارته خرج العراق من أزمة كبرى وحرب ضروس، تكللت بالإنتصار على الأرهاب في معركة طاحنة إستمرت أكثر من ثلاث سنوات، إستهلكت من موارد العراق البشرية والمادية الكثير، رافقتها أزمة مالية خانقة خرج منها العراق ولديه فائض مالي، ولم يكن ذلك ليتحقق لولا الإدارة الناجحة والعلاقات المتوازنة مع القوى الدولية، وكاريزما السيد العبادي الهادئة في أصعب الظروف.
في تحالف قوى الدولة توفرت ثلاث خصال هي ركائز نجاح أي مشروع، القيادة الناجحة المدركة لما تتطلبه المرحلة المقبلة، والمشروع الإنتخابي المميز القابل للتطبيق، والأدوات الجيدة القادرة على التنفيذ، لذلك فإنه سيكون التحالف الأبرز في المرحلة القادمة، إذا ما أحسن الناخب العراقي الأختيار.