وليد ناصر الماس يكتب:
انتفاضة الجياع.. ضرورة ومشروعية!!
منذ نحو عام من الآن بدأ شبح الجوع يلوح في الأفق، فقُرعت نواقيس الخطر، وأُطلقت الدعوات محذرة من مجاعة وشيكة، دون ان تجد تلك المبادرات طريقا لآذان أصابها الصمم . فها هي الكارثة اليوم قد حلت بكل معانيها على شعب اكتوى بنيران سنوات طوال من الحرب والحصار الجائر واستبداد الفصائل.
الملايين من سكان بلدنا باتوا اليوم عاجزين عن توفير الحد الأدنى من متطلبات البقاء على وجه الحياة، في أسوأ أزمة إنسانية يشهدها عالمنا منذ عقود طويلة.
لقد تبخرت جميع الآمال والتطلعات بقيام حكومة وطنية مقتدرة تعي واجباتها وتنهض بمسؤولياتها بكفاءة وأمانة.
حيث برهنت الأحداث المختلفة والأيام المتوالية هشاشة اتفاقية الرياض وعجزها عن لم شمل أطراف تقف على النقيض من بعضها، وضعف أداء حكومة المحاصصة المنبثقة عن ذلك الاتفاق المتعثر أصلا، إذا لم يلمس المواطن المغلوب أثرا إيجابيا يستحق الذكر والثناء منذ إبرام الاتفاق، على صعيد مختلف الخدمات ومتطلبات الحياة الأساسية، غير زيادة الاحتقان بين المتفقين ونشوب جولات من العنف والتصعيد المتبادل بينهما.
لا خيار اليوم لمجابهة ممارسات التجويع والإذلال، التي تنتهجها الفصائل الحكومية المتصارعة كنتيجة بديهية لفشلها، سوى الخروج للشارع بصورة حضارية، والاستمرار في التصعيد السلمي من خلال التظاهرات والعصيانات المدنية، وإغلاق المؤسسات المشاركة في تدمير العملة المحلية وزيادة معاناة المواطن.
يظل الأمل اليوم معقودا على الطبقة المثقفة في هذه المجتمع لقيادة ثورته، والنأي بها بعيدا عن التجاذبات السياسية، ومحاولات التوظيف غير البناء لمطالبها العادلة.
ستظل ثورة الجياع محافظة على عفويتها وسلميتها، مستمدة مشروعيتها من عدالة مطالبها المحقة، مستندة على التأييد الجماهيري الواسع والإرادة الفولاذية للشعب المغوار، الذي يأبى أن يعيش منكوس الرأس مسلوب الكرامة.
نعلم جيدا عن نوع المؤامرات التي تُحاك على هذه الثورة في مهدها محاولة تشويهها وحرف مسارها، وندرك طبيعة المخاطر المتنوعة التي تقف في سبيل هذا المسعى الوطني النبيل، لكن إيماننا عميق بنصر الله وتأييده، وثقتنا راسخة بإصرار هذا الشعب وعناده ورفضه المطلق لأشكل الخنوع والمهانة والاستسلام.
لن يقف العمل الثوري السلمي عند مستوى ونقطة محددة، أو محافظة بعينها، بل وهو الأهم توسيع نطاقه ليشمل جميع المحافظات والجهات المحررة، التي ما انفكت ترزح تحت وطأة الفقر والجوع والمرض والاقتتال الأهلي رغم مصطلح التحرر.