تندفع الكلمات من لسانه ، ويصيغ العبارات ، ويعلو الصوت من جوف اعماقه ، وكأنها حشرجات انين او حنين متدفق ، وهو يستحضر اللحظات امامك وكأنك تسمعها لاول مرة ، وهو يصيغها بجمل وعبارات تعكس الواقع ، في انطلاقة الواثق لمايقول ، من حقائق الصور ومشاهد كامله ، لتبيان الحقيقة للناس ، والقارئ والمستمع ، عن عدن وما يحدث في عدن ، في ذلك الحضور الثقافي المتميز في منتدى اليابلي الواسع الحضور ، في الضاحيه الشعبيه ، في مدينة الشيخ عثمان ، الذي يزخر بصفوة الرجال ، وخيرة الشخصيات ، من زينة المجتمع في مدينة عدن وضواحيها ، وهو يتوسطهم بجسمه النحيل وقامته القصيره ، وتقاطيع وجه الدقيقه ،تكسوه ملامح ابن الفيحاء ، كمن يستحضر الحليلة الشعريه من بنات فكره ، مثل صعاليك شعراء ذلك الزمان ، وهو يستطرد لك الاحداث والعبر ، وكانه يسرد مقالا صباحيا سوف تقراه غدا ، في صحيفة الأيام في عموده الثابت منذ سنوات ، عقدين من الزمن واكثر ، والتى اضحت موسوعة ومرجع لكل باحث في مقاله الاسبوعي ( رجال في الذاكرة) ، او في الصفحة الاخيرة مع الناس وهمومها ، قضايا مظلومية ابناء عدن ، بعد حرب ٩٤ مدرسة نتعلم منه ، أبجدية الكلام ومنطق الافعال ، يسحرنا بكلماته المضيئه ، فهو من الذين يكتبون بضميرصادق ، واحساس مرهف ، باتجاه عدن وما يحدث في عدن ، انه المعلم الحكيم الاستاذ نجيب يابلي ...
هو واحد من قليل ، من يحركهم التعبير الصادق ، ونقل الحقيقة والواقع الى الناس ، لما يملك من الشفافيه والمصداقية ، والامانه الصحفيه ، وحب الناس ، ذلك الاحساس هو ما يذكرني ، بمقولة قالها الكاتب الكبير غارسيا ماركيز ، ان الكاتب يصبح كاتب اذا كتب عن بلده ، لهذا ظل اليابلي طوال رحلته الاعلاميه الطويله ، كاتب يكتب عن بلده عدن وأهلها ، حكيم عدن ،الذي نصبه فيه شخصيات وابناء عدن ، الاستاذ نجيب يابلي ، الذي لايكل ولايمل ، من الحديث عن عدن ، وتاريخ عدن ومعالمها واثارها ، وشخصيات اثرو فيها ، وهب نفسه وقته وقلمه ، للكتابة من حيث بدأ معا ، مع صاحبه و رفيقه وملهمه الفقيد الراحل الاستاذ هشام باشرحيل ، الذي ترك له مساحة كبيرة في الصحيفة ، لاجل العمل معا فريق واحدا في ايقونة اعلاميه ، في أستعادة وهج عدن وتاريخها الحضاري ، من منصة الايام الصحيفة ، حيث استطاع الكاتب نجيب يابلي من خلالها ، ان يغوص في اعماق الحارة العدنيه ويبين ملامحها ، وكشف سلوك ورغبات بعض المتنفذين ، لهدم الثرات وثقافة المدينه ، والاستيلاء الماكر لها ، ويحرر أبناء عدن ، من اجحاف غاشم ، نالهم منذو الاستقلال ، وخاصة شخصيات عدنيه كبيره ، من الذين نالهم الظلم والاجحاف من مسأوى السلطه واداة قمعها ، استطاع اليابلي أن يعيد لتلك الشخصيات العدنيه الاعتبار ، وإعادة الضهور مرة اخرى ، في منصات الاعلام وخاصة الرموز العدنيه ، الذي تم اخفائها وابعادها عن المشهد السياسي والثقافي لفترة طويله ، حيث عانت منها عدن في تلك الحقبة ، استحضر جيل الخمسينات والستينات ، الجيل الذهبي لعدن ، وبحنين متدفق ينعش الذاكرة العدنيه . ومن خلال كتاباته ، في جريدة الايام وباب صفحته (رجال في الذاكرة) ..
لم يكن الحكيم ابن عدن الاستاذ نجيب يابلي ، نرجسيا يبحث عن الشهرة لنفسه وذاته ، ولكن كان همه مدينه عدن واستعادة مكانتها ، بعيد عن الطموحات السياسيه ، والرغبات الغير مسوؤله ، كان موضوعيا في كشف الحقائق للناس ، وشهوة السلطه ونفوذها ، في تحدي سافر للواقع ، الذي اشبه الى التعسف ، تتجاوز وقائع الحياة واعرافها وخاصة في مدينة عدن ، والممتبع لواقع الاحداث وما يجري في عدن ، سيجد أن هناك تعمد سياسي ، في تغير ديمغرافي لمدينة عدن ، على حساب الممكنات المؤهلة من الموروث البنيه التحتيه للانسان في عدن وثراء اثارها الحضاريه من معالم سياحيه ، لبناء عدن ، بين حاضر قهري ومستقبل مجهول ، اراد كشف قوى مجهولة تتحكم بالواقع في عدن ، وتغير معالمها وشكلها الانساني ...
والمتتبع لمقالات الاستاذ نجيب يابلي ، يجد انه كثيرا ما يبحث مع القارئ ، ليس فقط عن مضاهر الحياة اليوميه او مايعانيه المواطن في عدن ، انما اراد ايضا كتابة تاريخ عدن واحياء رموزها الوطنيه ، خاصة بعد الاستقلال ، وإعادة النسيج الاجتماعي ورابط الاخوة و اللحمه بين مواطني هذه المدينه من قوى التوصيف القبلي والمناطقي ، وكشف القوى المجهوله العابثه في عدن ، وماذا يخبئ المستقبل المجهول لعدن ، فالكاتب الاستاذ نجيب يابلي ، نجح في التوليف الاعلامي ، ما بين توثيق الشخصيات الوطنيه والثقافيه ، وتسجيلها للواقع وكشف حقائق كانت مغيبه عنها ، والمساهمه بشكل كبير ، من خلال مقالاته ، في ابراز قضايا ، وهموم المواطن في عدن ، يعكس واقع الحياة الشعبيه وبيئته وضع الافق البارز لمعالم عدن نحو طريق جديده ..