د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
الطفل المغربي والطفل اليمني مفارقات غريبة وعجيبة !!!
الطفل العربي غال علينا جميعا سواء في المشرق أو المغرب ، هذا هو شعور المواطن العربي من المحيط الى الخليج !!
وفي هذا المقال أحاول اسقاط ما يجري من حروب متناسلة في اليمن منذ سبعة أعوام على حادثة الطفل المغربي " ريان " الذي تعاطفت معه شعوب الأرض جميعا عندما سقط في بئر يزيد عمقها على 32 مترا ولا زالت محاولات إنقاذه تسير سريعا بالرغم من دخول اليوم الرابع على سقوطه في البئر ..وقد جندت الحكومة المغربية الإمكانيات اللازمة لإنقاذ الطفل " ريان "
وأنا كمواطن عروبي الهوى والهوية والدم العربي الواحد يسري في عروقنا جميعا فقد أظهر لي هذا الحادث البسيط أشياء كثيرة ومفارقات عجيبة ومنها ما يجري لأطفال اليمن من خلال الحرب الطاحنة التي تدور فيه ، وتحتشد في رأسي أسئلة كثيرة لعل من أهمها " قيمة الانسان العربي " في وطنه الذي من المفترض أن تكون قيمته عالية وغالية وليست رخيصة كما هو حال أطفال اليمن الذين يموتون بالمئات في معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل !!
وقد كشفت بل وذكرتنا حادثة الطفل المغربي بما يجري لأطفال اليمن رغم بعد المسافات بين اليمن والمغرب بل وفضحت زيف وكذب الشعارات التي يرفعها الحوثيون البغاة الطغاة لتبرير جرائمهم بحق أطفال اليمن الذين يسوقونهم الى الموت مكرهين ، ولا مجال للمقارنة بين النظام الملكي المغربي وعصابات الكهوف الحوثية في التعامل مع الشعبين المغربي واليمني ولا زلنا نتابع حتى اللحظة اهتمام المغرب ملكا وحكومة وشعبا بإنقاذ حياة طفل مغربي واحد وتسخير كافة إمكانات الدولة لإنقاذ حياته وفي المقابل نرى في اليمن أعمال القتل البشعة التي يتعرض لها أطفال اليمن في هذا التقرير حيث كشف مدير حقوق الانسان بصنعاء فهمي الزبيري :
ان مليشيا الحوثي جندت 9 آلاف و500 طفل منذ بدء الحرب عام 2014م واستخدمتهم وقودآ لمعاركها ضد أبناء اليمن !!
أوضح الزبيري أن الحوثيين ينتهكون القانون الدولي الإنساني واتفاقية حقوق الأطفال الذي يجرم تجنيد الأطفال دون السن القانونية وحددها بثمانية عشر عاما .
تستخدم المليشيات الحوثية آلاف الأطفال اليمنيين وقودا لحربها .
يقتاد الحوثيون عشرات الألاف من أطفال اليمن من منازلهم قسرا وتزج بهم في حروبها العبثية . ومن جانب آخر ..جدد تقرير حديث لفريق من الخبراء في شأن اليمن التابع للأمم المتحدة تسليط الضوء لانتهاكات الحوثيين في قطاع التعليم الى تبني أمورا محرضة على الكراهية والعنف وصولا الى تجنيدهم في جبهات القتال.
ووثق الفريق الاممي مقتل 1406 من أطفال اليمن زج بهم الحوثيون في المعارك عام 2020م.
قتل 562 طفلا بين يناير ومايو 2020م واعمارهم تتراوح بين 10 الى 17 عاما.
وقد ذكرت هدى الصراري رئيسة مؤسسة (دفاع) للحقوق والحريات ان مليشيات الحوثي جندت خلال العام 2021م أكثر من 30 ألف طفل.
هذا في اليمن بينما في المغرب وقف الملك والشعب والحكومة المغربية على رجل واحدة لإنقاذ حياة الطفل ريان ، وقد ذكرت جريدة العلم الإلكترونية " الرباط " ما يلي :
تواصلت أشغال الحفر العمودي للقيام بالحفرة الموازية للثقب المائي الذي سقط فيه الطفل ريان، بجماعة تمروت بإقليم شفشاون، طيلة ليلة الخميس – الجمعة حيث تجاوز عمق الحفرة 28 مترا.
وأفاد مصدر مسؤول من عين المكان لوكالة المغرب العربي للأنباء، صباح الجمعة، أن أشغال الحفر تواصلت طيلة ليلة الخميس-الجمعة، حيث مكنت هذه الجهود من تجاوز عمق 28 مترا في أشغال الحفر العمودي، مضيفا أن الاستعدادات جارية أيضا للشروع في الحفر الأفقي مباشرة بعد بلوغ عمق 32 مترا.
وأضاف أن أشغال الحفر كانت تتوقف من حين لآخر من أجل أخذ القياسات اللازمة لكون عملية الإنقاذ وصلت إلى مرحلة معقدة، وللقيام أيضا بالتدخلات الضرورية لتفادي انهيار التربة.
وتقوم جرافات وآليات ثقيلة مدعومة بفريق من الطوبوغرافيين والعشرات من عناصر السلطات المحلية والوقاية المدنية والدرك الملكي والقوات المساعدة بإشراف مباشر من السلطات الإقليمية بجهود متواصلة منذ مساء الثلاثاء لإنقاذ الطفل ريان، 5 سنوات، الذي سقط على عمق 32 مترا، في ثقب مائي غير مغطى وغير مسيج قرب منزل العائلة بقرية إرغان بجماعة تمروت بإقليم شفشاون.
كما تمت تعبئة مروحية طبية تابعة للدرك الملكي وأطقم طبية متخصصة في الإنعاش تابعة لوزارة الصحة بعين المكان من أجل القيام بالتدخلات الطبية الضرورية بعين المكان قبل نقل الطفل ريان إلى أقرب مؤسسة استشفائية.
ورغم كل الجهود الجبارة التي سخرتها الحكومة المغربية لإنقاذ حياة الطفل ريان الا أنها لم تسلم من النقد اللاذع في الصحافة المغربية ومن ذلك ما يلي :
أكتب إليكم من “قاع الخابية” وأنا في قاع البئر، أحدثكم عن خيبتنا، عن جهلنا، عن أقسى درجات الاستهتار بالحياة
أكتب إليكم دون حاجة إلى ورقة وقلم، ودون حاجة إلى المداد
كم هي عميقة هذه الهوة بين الحياة والموت، لكني لست الوحيد.
لقد صرخت لكي يعيش باقي الأطفال، ويا لها من صرخة، فقد تردد صداها في حضرة المجلس الحكومي، بل إن الوزراء اضطروا لإعلان تضامنهم معي، وهم يعلقون نجاتهم، من المحاسبة الشعبية، على نجاتي؛ ألست أفضل نائب عن الطفولة؟
لا أخفيكم أنني لست الوحيد الذي يوجد في حفرة عميقة، ولكن هناك أطفالا آخرين، بعضهم يعيش في حفرة من الثلج وآخرون يعيشون في حفرة الإهمال، وبعضهم لا حول لهم ولا قوة، وكلهم يتنفسون تحت عتبة الفقر، ولكن الحياة تستمر، لأن الأغلبية المتواطئة تغلب الحقيقة
أنا اليوم أوجد في هوة سحيقة، ولا حول لكم ولا قوة سوى كتابة بلاغات تضامنية، عاجزة. عذرا لكل الأمهات، وعذرا لدموع الرجال، فالطفولة أكبر من كل الحسابات، وأكبر من الانتخابات، ولكن صرختي في قاع البئر كانت حتمية لكي يتألم الجميع على واقع مرير
أعلم أن الظرفية لا تصلح للمحاسبة، ولا أحد سيسأل عن صاحب المسؤولية التقصيرية في هذا الحادث، ولا أحد سيبحث عن الذي حفر حفرة لأخيه فوقعت أنا فيها
بكل أسف، بكل مرارة، أنا أختنق، وأخنقكم معي في واضحة النهار وفي غسق الليل، جوعي هو جوعكم، وألمي هو ألمكم، ودموعي صرخة في واد سحيق من أجل باقي الأطفال، والشكر موصول لذلك الطفل الذي وقف عند مدخل الحفرة ليتحدى الموت بحياته من أجلي، ولا شك أن شجاعته، محاولته من أجل النزول عندي، أكبر دليل على أننا أطفال من عالم آخر.. رغم الحاجة، ورغم الفقر
لا يمكن أن يحس بألم طفل إلا طفل مثله، أو فؤاد أبوين مكلومين، ولكن حادثة شفشاون ستترك ندوبها على المرحلة، ولن تخفف من ضررها إلا ترسانة القوانين التي ستعد خصيصا لهذه المناسبة، طالما أن السياسيين لن يضيعوا مثل هذه الفرصة السانحة من أجل وضع تشريعات تحت الضغط والطلب، كما لن يدعوا الفرصة تمر دون إلقاء خطاباتهم المأساوية المعتادة في مثل هذه المناسبات
هناك من سيستغل الحادث لتصفية حساباته، وهناك من سيطلق العنان لحساباته الخاصة، ولكن الألم واحد، والوطن واحد
في انتظار تفاعلكم، أشكر كل الصادقين، من المواطنين والمسؤولين، الذين بذلوا ما في وسعهم لكي تعيش الطفولة ولكي تعيش الإنسانية فينا، والشكر موصول لأولئك الذين لم يناموا، في انتظار موعد جديد مع الحياة والأمل في غد أفضل !!
وختاما أقول لكم اخوتي المغاربة :
رغم كل الألم الذي يعصر قلوبنا على الطفل ريان ورغم ما ساقه الكاتب المغربي ضد تقصير المسؤولين المغاربة ووجوب محاسبتهم فماذا أقول لإخوتي في المغرب عن معاناة أكثر من 30 مليون يمني يعانون من حرب ستدخل عامها الثامن وقد أكلت الأخضر واليابس يديرها طغاة عتاة وتجار حروب حتى دخل الموت كل بيت ودار في اليمن فلا مجال للمقارنة بين المغرب واليمن اعذروني اخواني المغارية أنه لا مجال للمقارنة بيننا وبينكم في مساحة الألم والحزن والدمار الذي ضرب البشر والحجر في اليمن ..حفظ الله المغرب العربي الأصيل ملكا وحكومة وشعبا .
د . علوي عمر بن فريد