د. صلاح الصافي يكتب لـ(اليوم الثامن):
العراق.. المحكمة الاتحادية تبتعد عن الأحكام السياسية وتعود لتطبيق القانون
بعد التفسيرات البعيدة عن القانون لأحكام المحكمة الاتحادية قبل التعديل والتي كانت برئاسة القاضي السيد مدحت المحمود، جاءت أحكام المحكمة الاتحادية بعد تعديل قانون المحكمة الاتحادية في عام 2021 وتشكيل المحكمة الجديد متماشياً مع القانون ومبتعدة عن الأحكام التي تشم منها رائحة السياسة من بعيد، فبعد حكم المحكمة الاتحادية باستبعاد السيد هوشيار زيباري والذي تناولناه في مقال سابق، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا، يوم الثلاثاء، حكما يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كردستان، الصادر عام 2007، وإلغائه لمخالفته أحكام مواد دستورية، فضلاً عن إلزام الإقليم بتسليم الإنتاج النفطي إلى الحكومة الاتحادية.
كذلك شمل الحكم إلزام حكومة الإقليم بتسليم "كامل إنتاج النفط من الحقول النفطية في الإقليم والمناطق الأخرى، التي كانت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان تستخرج النفط منها، وتسليمها إلى الحكومة الاتحادية والمتمثلة بوزارة النفط العراقية، وتمكينها من استخدام صلاحياتها الدستورية بخصوص استكشاف النفط واستخراجه وتصديره".
وأيضاً تضمن الحكم الذي نشر على موقع المحكمة "إلزام حكومة إقليم كردستان بتمكين وزارة النفط العراقية وديوان الرقابة المالية الاتحادية بمراجعة كافة العقود النفطية المبرمة مع حكومة إقليم كردستان بخصوص تصدير النفط والغاز وبيعه".
وفي رد فعل عنيف من قبل حكومة الاقليم أصدرت بياناً أكد فيه على رفض هذا الحكم واعتبرته غير عادل وغير دستوري، وأكدت أنها ستتخذ "جميع الإجراءات الدستورية والقانونية والقضائية لضمان وحماية جميع العقود المبرمة في مجال النفط والغاز"، ولا أفهم ما هي الاجراءات القانونية والدستورية التي تواجه به حكم المحكمة الاتحادية والجميع يعرف أن المحكمة الاتحادية هي أعلى سلطة قضائية وأحكامها باتة وغير قابلة لأي طريق من طرق الطعن القانونية، وهذا يعني أن الحكم أصبح واجب التطبيق، وهنا تكمن المشكلة كيف يمكن تطبيقه وكيف تستطيع حكومة اقليم كردستان اعادة كل هذه المبالغ، وما هو مصير العقود التي ابرمتها حكومات الاقليم مع الشركات النفطية؟.
وفي المقابل كان هناك ترحيب من كثير من السياسيين من العراقيين العرب وحتى بعض السياسيين الكرد من خارج حزب الديمقراطي الكردستاني، حيث النائبة الكردية السابقة آلاء طالباني أن حكم المحكمة هو "الحل الأمثل لأغلب الاشكاليات و الخلافات الموجودة بين بغداد واقليم كردستان حول تصدير النفط و وارداتها".
كمواطنين عراقيين ما أسعدنا، أصبحت مسحة الأمل تزداد شيئاً فشيئاً بعودة العراق إلى السكة الصحيحة، وإن المحكمة الاتحادية هي صاحبة الكأس المعلى بهذه العودة، ونأمل أن تكون أحكام المحكمة القادمة تعالج كل التجاوزات على الدستور وعلى القوانين من قبل السياسيين، واعادة هيبة الدولة، وتنقية العملية السياسية من الشوائب.