رحيم الخالدي يكتب لـ(اليوم الثامن):

أبو ذيبة خبير الأرض.. في الخالدية

إستكمالا لقصص المجاهد أبو ذيبة، نورد اليوم إحدى قصص الجهاد في مقارعة الإرهاب الداعشي، الذي أوغل في القتل والتهجير من خلال عقيدة منحرفة أدعت الإسلام زورا، تبنته مملكة آل سعود، وسعت لنشر الفكر التكفيري .

يحكي أبو ذيبة لنا قصة معركة الخالدية في محافظة الأنبار، حيث بدأت تجهيزات المعركة بغرفة العمليات، في مقر القيادة والسيطرة بالصقلاوية، وتم إعطاء الأوامر بالتحرك وكل حسب واجبه في المعركة، وكانت حصتي فتح الطرق الملغمة بالعبوات الناسفة، التي يتفنن الإرهاب بصناعتها..

هذا التفخيخ الذي يعمله الدواعش لا يمكن تحقيقه دون مساعدة الأمريكان، لأننا بين الحين والآخر نكتشف أسلوباً جديداً، مع لمسة ليست لهؤلاء الإرهابيين ولا يمتلكها سوى الجانب الأمريكي!

باشرت العمل من منطقة (البو شجل) وكانت تعد نقطة مثابة وإبتدأنا بالتفكيك، وكل ذلك كان بواسطة الفطنة والشطارة، وليس من خلال أجهزة كشف المتفجرات، وحقل الألغام عبارة عن حقلين وليس واحد، وبدأنا بفتح العبوات بعدها جاء أمر بدخول بلدوزر مدرع، وبعد مرور دقائق من عمله إنفجرت عليه عبوة ناسفة، كانت عبارة عن قنينة أوكسجين، مما جعل البلدوزر ينشطر لنصفين ليتعطل عن العمل.. والانفجار كان مهولا يرافقه القنص الكثيف، على سائق البلدوزر يرمون قتله.

تحركت صوب سائق البلدوزر وبطريقة مبتكرة أخرجته، ليس من إتجاه العدو بل من الخلف بعد فتح إحدى صفائح التدريع، وتم إنقاذه من القنص الكثيف، وبعد تأمين طريق المعركة إتجهنا صوب الأهداف، بعد معالجة القناص الذي كان يعد أحد المعرقلات، وكان مختبئا في أحد الجوامع، وهذا دأبهم في إتخاذ المساجد كملجأ لهم، ليدعوا أن القوات تستهدف بيوت العبادة! وكان التقدم صوب منطقة النهر الملتوي باتجاه شارع الــ "١٦٠" وقبل وصولنا للشارع بدأت معركة عنيفة بمعنى الكلمة، حيث أدى الإشتباك الى سقوط جرحى وشهيد، وهذا أدى لتأخيرنا بعض الوقت، وبهذا أوقفنا العمليات لهذا اليوم .

إبتدأنا صباح اليوم التالي معركة جديدة، بالتقدم صوب الأهداف المرسومة، التي ناقشها القادة في وقت متأخر من الليل الفائت، ومع انتصاف النهار وبعد التقدم وصلنا الى هدف ثابت، وهو عبارة عن مدرسة وحقول دواجن، لكن الذي آلم قلوبنا وأفجعنا إستشهاد المجاهد (ياسر ناصر الكلابي) بعد تفكيكه عبوة عنكبوتية متسلسلة مخفية المعالم، وكانت عبارة عن فخ وهذا الذي كنا نتكلم عنه سابقاً أن أساليب اولئك الإرهابيين، مستقات من الأمريكان..  وإلاّ كَيفَ لاؤلئك بالحصول على هذه المواد والخرائط الأليكترونية، التي يتم بها  صنع تلك العبوات!

قبل بداية اليوم الثاني أرسل قائد المعركة "طيب العراقي" الذي كان يدير المعركة ميدانياً، موجها الي بعض التعليمات، وهذا حصل بالفعل حسب توقعاته، من أن العدو ممكن أن يعمل كذا وكذا، فتصرفت وفق تلك التعليمات وقد أفادتني كثيراً، وبعد إنفجار تلك العبوة ناداني القائد الذي كان بالقرب منه، بأن أبحث عن "ياسر" وبعد البحث تحت أزيز الرصاص، عثرنا عليه بعيد عن مكان الإنفجار القوي، حيث يبعد مسافة عن مكان تلك العبوة، وهذا يؤكد أن العبوات كانت مصممة لإصطياد خبراء المتفجرات، ناهيك عن قوة إنفجارها التي قذفته بعيداً، ولن يسلم من كان بقربها لشدة قوتها .

تم إخلاء الشهيد بجهد جهيد من أرض المعركة، ووقف القائد بمكان العبوة مؤشراً بيده يجب إكمال الواجب، وتحرير الأرض وتطهيرها من براثن الإرهاب الداعشي، وتنفيذ وصية الشهيد ياسر، بعدم التوقف!

من المؤلم وغرابةِ الصدفة أننا كان لدينا إجتماع من الليل الفائت، نحن مجموعة المتفجرات، أننا يجب ان لا نتوقف بعد إستشهاد أيّ فرد منّا، وكان هذا عهد منا جميعاً.

بعد وصولنا للأهداف كان هنالك ثلاث جنود من الجيش العراقي محاصرين، وأحدهم كانت لديه أصابة بالغة، وإن لم يتم إخلائه يمكن أن يفارق الحياة، كون الإصابة في الفخذ، وكان عندنا معلومات ومن خلال الإعترافات، التي حصل عليها الحشد، أن الضربات تكون في منطقة الفخذ! لأنها قاتلة، كونها تحوي الشريان الرئيسي في الفخذ، ومن الصعب السيطرة عليه مالم يتم إخلائه من ساحة المعركة فوراً، وكثيرا ما أستشهد مجاهدونا إثر تلك الضربات النارية للقناص الداعشي، وأكثرهم كانوا أجانب ويعرفون ماهي الضربة لو كانت في الفخذ .

بعد إنقاذ الجندي تم إستهدافنا بصاروخ موجه، مما أدى لإصابتي في الرجل اليسرى، تم إخلائي على الفور للمستشفى الجوال قرب الجسر الياباني، وماهي الا ثواني لأجد عند رأسي القائد يطمأن على صحتي، بعد ذلك وصلت بسيارة الإسعاف الى المستشفى، وقام الكادر بخياطة الجرح وتجبيسها مع إعطائي إرسال للمستشفى المدني، لكني رفضت ذلك مؤثراً، إستكمال إنهاء المعركة بالنصر الذي نؤمن به وكان لنا ذلك.