د. ياسين سعيد نعمان يكتب:
المحور السياسي في اللقاء التشاوري
أربعة مكونات هي المؤتمر، الإصلاح، الانتقالي، مكون طارق استأثرت بستين في المئة (23) من مقاعد تمثيل المكونات في مجموعة المحور السياسي (في اللقاء التشاوري بالرياض).
وإذا عرفنا أن المؤتمر ومكون طارق هما وجهان لعملة واحدة (درة وميزان) لعرفنا أن حصة المؤتمر هي 12 مقعدا من ال23 مقعدا. وبالعودة إلى المسار التاريخي الذي شكل ذات يوم ثلاثية المشهد السياسي اليمني: المؤتمر، الاشتراكي، الإصلاح، نجد أن منظمي المؤتمر اجتهدوا (مكتفين بأجر واحد): فحافظوا على مكانة المؤتمر، قلصوا مساحة الإصلاح، وأقصوا الاشتراكي كلية.
هل لذلك دلالة ما؟! ربما!!
وفي هذا قد تكون لهم نظرتهم، لكن التجارب تقول لنا إن هذه النظرة تحتاج دائماً إلى قراءة أعمق من تأثير الأصوات العالية أو المتعالية.
بقية المكونات البالغ عددها 14 مكونا كان نصيبها 18 مقعدا.
وكان الحزب الاشتراكي هو الوحيد الذي استثني من المشاركة في هذا المحور الهام.
الإقصاء بالنسبة لهذا الحزب ليس شيئاً جديداً، لكن أن يأتي في فعالية تسعى لتوافقات وطنية تستهدف مواجهة تحديات وجودية كما يقال، مسألة تحتاج إلى تفسير.
سألت أحد قيادات الحزب الاشتراكي المشاركة في اللقاء عن سبب استثناء الحزب من التمثيل في المحور السياسي، قلّب كفيه في حيرة كتعبير عن أنه لا يعرف.
سألني، ما رأيك؟
قلت له مازحاً ومتألماً في وقت واحد، لا يوجد لديّ سوى تفسير واحد، إذا أردت أن أنصف المنظمين، وهو أنهم ربما لا يرون الحزب طرفاً في الأزمة السياسية التي يناقشها المحور، فهو منذ عام 1994، بالرغم من جراحه، يعمل على إيجاد أرضية مشتركة لكل القوى السياسية اليمنية لتجنب العنف والحروب.
وكان يقوم بذلك بأدوات سياسية، ومن موقعه في ميدان المواجهة مع تحديات الحياة السياسية بكل أشكالها وألوانها.
ولم يغره الإقصاء الذي تعرض له أن يذهب إلى تكوين المليشيات، وكانت متاحة أمامه، وكان خبيراً بها، بل تمسك بقيم الدولة، وقاوم الأنظمة الظالمة والمستبدة.
رفع صوته في وجه النظام وممارساته الإقصائية وتمسك بالدولة، وعندما جاء خصوم الدولة ليجتثوها من الجذور تمسك بأهمية بناء الجيش الوطني المعبر عن إرادة الدولة الجمعية رافضاً تكوين المليشيات السياسية والجهوية.
وفي حين ترك كثيرون مساحة بينهم وبين مفهوم الدولة، وهي المساحة التي ملأوها بالقوة "الخاصة" التي حددت مكانتهم في خارطة التمثيل، فإن الحزب لم يترك مثل هذه المساحة وتمسك كلية بأهمية الدولة، وللأسف لم تتسع له خارطة التمثيل التي لم تحكمها قيم الدولة وإنما القدرات الخاصة.
هناك من يحتاج إلى زمن ليدرك معنى أن يواصل الحزب الاشتراكي تمسكه بقيم الدولة، وهو جزء من الثمن الذي دفعه، وسيواصل دفعه.. لكن نظرته للمسألة لن تموت.