صالح أبوعوذل يكتب:
الجنوبيون وعدم تقدير مشاعر اليمنيين الشماليين
قرأت منشورا قصيرا على "فيس بوك"، لمسؤول في وزارة الإعلام اليمنية، وهو من المقربين جداً من سعادة السفير محمد آل جابر.
المسؤول اليمني -هذا-، يشكو فيه الجنوبيين بأنهم لم يقدروا مشاعرهم كيمنيين، لم أدر حقيقة كيف يريدنا نقدر مشاعرهم، يعني ماذا يريدنا ان نفعل مثلاً :"كل الذي يقوله هؤلاء انهم يريدوننا ان نقاتل الحوثيين بدلا عنهم؟، والا هم أول من يرفع شعار الوحدة او الموت حين يشعروا ان مصلحتهم مع السعودية انتهت.
يعتقدون ان السعودية ستستمر في صرف لهم مخصصات شهرية، طالما هم يظهرون مواقف عدائية تجاه الحوثيين، مع اننا لم نر أي مواقف جادة وحقيقية تجاه الانقلاب الحوثي.
ولأن للجنوبيين تجارب طويلة تجاه أخوتهم في اليمن الشمالي، والممتدة منذ مشاركة الجنوبيين في معركة الدفاع عن نظام الجمهورية العربية اليمنية في مطلع ستينيات القرن الماضي، حين حاول انتزاع النظام من اسرة المملكة المتوكلية، التي عادت الآن بقوة بعد معارك طويلة، بدأت في صعدة، ودفع الجنوب فاتورة كبيرة، وهنا أتذكر الشهيد البطل اللواء ركن عمر العيسي العوذلي، قائد اللواء (103 مشاة)، الذي كان يقارع التمرد الحوثي في جبال صعدة، في حين كان البعض يتفرج على الجنوبيين وهم يقاتلون التمرد في جبال صعدة.
الساسة اليمنيون – أصدقاء سعادة السفير- الذين يريدون من الجنوبيين ان يحترموا مشاعرهم "الفياضة"، لم يسجلوا أي مواقف حقيقية ضد الحوثيين، يكفي انهم يحصلوا على "فيزة إقامة وحساب بنكي"، في العاصمة السعودية الرياض، مقابل لا شيء، ماذا يفعلون.
قد يقول البعض انهم يكتبون الحوثي، ولكن حديثهم عن الحوثي مرتبط بمسألة "الدفع بالجنوبيين للقتال نيابة عنهم".
هناك الكثير من الممارسات الحوثية في صنعاء، تهجير قسري لكل المواطنيين الذين ينتمون إلى تعز وإب والحديدة، الاستحواذ على الأموال للتجار اليمنيين بقوة السلاح، امتهان المرأة، واجبار فتيات على "ممارسة (......)"، للابتزاز السياسي، منع صلاة التراويح، فرض على المواطنيين اختيار أسماء معينة لمواليدهم، ويفضل ان يكون أسماء المواليد "بأسماء قادة الميليشيات والمشرفين".
هناك مئات القضايا التي يفترض ان تكون في طليعة اهتماماتكم، وظفوا خطابكم لتوحيد اليمن (الشمال)، في مواجهة المشروع الطائفي الذي يهدد النسيج اليمن، خطابكم الذي يفترض ان يكون تجاه (بلادكم) الممزقة شر ممزق، فالحوثيون لم ولن يقبلوا بكم الا كـ(رعية)، حتى لو تعتقدوا انكم ستصلون معه الى اتفاق، لكن هذا الاتفاق حين يحصل ستكون "القبائل او الاقيال"، درجة ثانية.
بمعنى أجعلوا قضيتكم الأولى "تحرير بلادكم"، الحوثيون لن يقبلوا بكم على الاطلاق الا مواطنيين "درجة ثانية"، وصدقوني الجنوب لن يكون وطنا بديلاً لأحد.
الجنوب سيحشد نفسه بنفسه متى ما وجد المصداقية من قبلكم في تحرير بلادكم، بلاش الحديث عن "تأسيس جيش وطني وما جيش وطني"، لأن الجنوبيين حرروا بلادهم وهم تشكيلات مقاومة، لم يكونوا جيش الا بعد التحرير، واسسوا جيشهم وأمنهم رغم الهجمات الانتقامية الإرهابية التي حاولت تحول بينهم وبين بناء قوات عسكرية وأمنية.
الجنوبيون لديهم تجارب مريرة مع الاشقاء في اليمن الشمالي منذ فك الحصار عن صنعاء في مطلع ستينات القرن الماضي مرورا بحروب الردة، مرورا بحروب صنعاء، ثم الحروب باسم تنظيم القاعدة، وصولا الى حرب الحوثيين وقوات علي عبدالله صالح، وصولا الى حروب الاخوان "واسقاط خيبر"، وغيرها.
كل هذه الحروب يحاول الجنوب ان يقدم خطابا تصالحيا مشروط، بموقف هذه القوى من حرب الحوثيين، دون ذلك مشاعركم بلوها تماما في مياه معدنية، ثم ضعوها في ثلاجات الفنادق حتى تحصل على درجة برودة متوسطة ثم بالهناء والعافية.
ويكفي.