عبدالرحمن كوركي مهابادي يكتب لـ(اليوم الثامن):
تضطر الدكتاتورية في إيران إلى الإستسلام في النهاية!
إيران ليست مكانا للديكتاتورية، والشعب الإيراني يريد حكومة وطنية وشعبية، وهذه هي قاعدة النضال في الماضي والحاضر وهي حجر الزاوية في حكومة الدولة المستقبلية، حجر زاوية يجمع كل شرائح الشعب الإيراني بمختلف أطيافهم القومية والدينية والسياسية.
وعلى الرغم من أن هذه القاعدة قد وحّدت الشعب الإيراني حول نفسه إلا أنها على الجبهة المعاكسة قد قربت النظام الديكتاتوري الحاكم وبقايا الديكتاتورية السابقة من بعضهما البعض واصطفوا في مواجهة الشعب الإيراني ويسعى كل منهم بطريقة ما إلى بقاء نظامٍ ديكتاتوري! وتسعى الأولى إلى ذلك بالقمع والإعدام والقتل والترهيب والاغتيال والجريمة والنهب، وتسعى الأخرى من خلال مساندة الأولى تحت شعار الرفض والمعارضة نفاقا ورياءا مع الأولى! الأمر الذي زاد من التعقيد واليقظة في مسار الحركة.
بالطبع هناك عوامل أخرى تزيد من تعقيد الموقف، لكن هذا هو السياق الحقيقي للتطورات التي تجري الآن فيما يتعلق بإيران في مواجهة نضالات الشعب الإيراني، فهناك منظمة ريادية تحظى بدعم الشعب منذ فترة طويلة ولعبت دورا محوريا في تشكيل مقاومتها وكذلك في تكوين المنافس الوحيد لنظام ولاية الفقيه الديكتاتوري ألا وهو "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية".
إقدام تاريخي وهام
وفي إقدام تاريخي وغير مسبوق نشر هذا المجلس عن أسماء أكثر من 33 ألف موظف في منظمة سجون نظام ولاية الفقيه تضمنت رؤساء ومحققون وعناصر مخابرات وجلادون وسيافون منفذون للأحكام إلى جانب 22 ألف صورة أثارت غضب رؤوس النظام، وبالطبع لم يكن هذا الكشف أول كشف للمقاومة الإيرانية ضد النظام الحاكم فقد سبق هذا أن كانت هذه المقاومة الإيرانية أول من فضح المشاريع النووية للنظام على مستوى العالم، وهو الإقدام الذي لاقى تأييدا وترحيبا من قبل أعلى كبار المسؤولين الحكوميين في الدول العظمى بالعالم، وهي أي المقاومة الإيرانية إن لم تفعل ذلك لأصبح المجتمع الدولي الآن في ظروف مؤلمة للغاية.
وكان المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية قد أعلن في كشفه قائلا: "إن منظمة السجون هي إحدى أفظع أجهزة الفاشية الدينية التي تحكم إيران بالقمع والتعذيب والإعدام وأكثرها إجرامها، وفي أعقاب إعراب الجمعية العامة للأمم المتحدة عن مخاوفها في قرارها الثامن والستون الذي يدين انتهاكات حقوق الإنسان في إيران والصادر في 16 ديسمبر 2021، وقد أراد "مسؤول لجنة الأمن ومكافحة الأرهاب بالمجلس جمع الحقائق المتعلقة بسلطة الجلادين القضائية في إيران وبشكل خاص حول ما جرى ويجري في سجون هذا النظام وإتاحتها لعامة الناس والأمم المتحدة والمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان ليعرف العالم ماذا يجري في ايران."
وقد تضمن هذا الكشف أسماء (1169) شخص من مكتب منظمة سجون سلطة ولي الفقيه القضائية من بينها 223 من الرؤساء والقادة، وجلادي المخابرات، ومنفذي الأحكام تحت يافطة خبراء، وموظفي المقر المركزي في طهران مع أرقام التليفونات المباشرة والداخلية وأرقام الفاكس و 100 لوحة مصورة عن سلطة ولاية الفقيه القضائية في 23 محافظة إيرانية ، وكذلك أسماء 2273 شخصا من السجناء السياسيين وسجناء الرأي في سلطة ولاية الفقيه القضائية.
وفي أحد النماذج عن القوائم التي تم الكشف عنها أعلاه قوائم "سرية للغاية" تضمنت سجناء انتفاضة الشعب الإيراني ضد الحكومة، ووفقا لهذه القوائم تبين أنه حتى يوليو 2020 كان هناك 267 سجنا ومعتقلا ومعسكر تأهيل وإصلاح يعود لمنظمة مصلحة سجون النظام، وأن لدى قوات الشرطة 159 معتقلا، و 147 معتقلا مستقلا لوزارة المخابرات.
وبحسب إحصاءات مكتب السجون، ينتظر 5197 شخصا تنفيذ أحكامٍ بالإعدام أو القصاص بحقهم، وأن هناك 107 أشخاص حُكِم عليهم ببتر الأعضاء، وحُكم على 51 شخصا بالرجم، و 60 إعداما دون سن الـ 18 عاما سنة 2020، وأن قوائم أسماء الـ 5370 سحينا المحكوم عليهم بالإعدام أو القصاص في سجون ولاية الفقيه تضمنت عناصر متعددة من بينها إدراج القضايا السياسية بين قوائم الجرائم العادية.
ويقول المجلس الوطني للمقاومة في كشفه أنه يوجد بالوقت الحاضر أكثر من 48 ألف سجين "لم يحسم أمرهم بعد" وأن عدد "السجناء الأجانب" 5398 سجينا.
وفي عملية الإفشاء هذه تم ذكر قائمة أسماء 12 مليون سجينا من اجمالي عدد السكان البالغ 85 مليون إيراني (من 20 يونيو 1981 إلى 6 مايو 2022) من بينهم (579015) سجينة، وجريمة 8762 سجينا منهم منذ يناير 2018 وما بعدها هي تهمة إهانة ولي الفقيه والمشاركة في أعمال شغب وإحراق وتدمير لافتات ولافتات لأجهزة ورؤوس النظام".
وبحسب "تقرير سري وغير قابل للنشر" قد أُعِد في سبتمبر 2015 خصيصا "لأعضاء حكومة روحاني فقط " أن ما يقرب من 600 ألف سجين يدخلون السجون سنويا وأن 2.400.000 ألف أسرة من عوائلهم تعاني من مشاكل وقضايا عديدة، وأُعلِنَ في عملية الإفشاء هذه عن أحدث جدول مشفر لـ 325 سجنا ومعتقلا لمنظمة السجون في سلطة الجلادين القضائية في 31 محافظة.
مرحلة هجوم الشعب على الديكتاتورية
في مرحلة الهجوم على الديكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران القائمة وتصاعد أصداء شعارات الإطاحة بالدكتاتورية في أرجاء المجتمع والإستيلاء على الفضاء العام بالمدن وبالتوازي مع عمليات الإفشاء هذه التي تقوم بها المقاومة لم يمضي يوما إلا وقامت فيه وحدات وأنصار المقاومة في جميع أنحاء إيران بالإستيلاء على شبكات السيطرة والكاميرات.
وفي عشية الذكرى السنوية لموت خميني في 2 يونيو 2022 قامت وحدات المقاومة البطلة من خلال عملية واسعة النطاق بالإستيلاء على كاميرات السيطرة في بلدية طهران ونظام "طهراني" وكاميرات المراقبة بقبر خميني، ومقر رئيسي الجلاد، ووزارة المخابرات، وما يسمى بـ الحرس الثوري، وقوات الشرطة القمعية ومقبرة جنة الزهراء ومجموعها 5138 كاميرا تم إخراجها عن السيطرة، وعلى الرغم من أن هذه الكاميرات كانت تحت سيطرة بلدية طهران إلا أنها في الواقع لخدمة بيت العناكب ولي الفقيه علي خامنئي، وإبراهيم رئيسي رئيس جمهورية الملالي، وقوات الحرس التي هي أداة الكبت والقمع الرئيسية.
بدأت انتفاضة الشعب الإيراني الوطنية العامة ببداية عام 2022 بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وبلغت ذروتها بانهيار مبنى متروبل في أبادان ، وتم فضح دور حرس خامنئي في هذه الجريمة.
وكان لهذه العمليات الأثر المهم للغاية كونها حدثت في خضم هذه الانتفاضات وبالتزامن مع ذكرى موت خميني الدجال، وقد حدث ذلك أثناء جاهزية قوات النظام وكانت في الواقع ضربة قوية لجدار الرقابة والكبت الذي تمارسه حكومة الملالي.
الشعب ينتصر على الديكتاتورية!
اتحدت فلول نظام محمد رضا شاه بهلوي في مثل هذا الظروف الخطيرة والمصيرية مع النظام المتحكم في إيران وأصبحوا صوتا واحدا، وبحسب قول زعيم الثورة الشعبية الإيرانية السيد مسعود رجوي " الشاه وال شيخ يريدان اقناع الشعب الايراني بأنه أخطأ لكونه قام بالثورة! وأن تخلصوا وأخرجوا من رؤوسكم فكر الثورة الساذج بإسقاط الاستبداد والتبعية! ... والآن ما مضى قد مضى، ولكن اعتبروا وأقبلوا بخامنئي والاستبداد الديني، وتجنبوا العنف وضعوا جانبا فكرة حرق سلطة حكم الملالي وآثارهم، واحترقوا تحسرا على الماضي، وابنوا الحاضر مع الحاكم ولا تنظروا للمستقبل."، وأضاف السيد مسعود رجوي أن جيلنا "انطلق بهدير الحرية تحت راية لا شيخ ولا شاه حاملا السلاح بيده ناهضا منتفضا مع المقاومة" وقالوا أنه "لا يمكن لأي قوة في العالم أن تحول دون ثورة وانتصار الشعب الإيراني."
بالنظر إلى تطورات الأشهر القليلة الماضية نشهد حقيقة قيام معركة شرسة لجبهتين متعارضتين حول إيران من جهة، في إحدى الجبهتين نجد ديكتاتوريتي الشاه والملالي وداعميهم الإستعماريين ومن سماتها البارزة العداء للسيادة الوطنية والشعبية، وعلى الجبهة الأخرى تقف المقاومة والشعب الإيرانيين بشعار "لا ملك ولا شيخ"، وقد عقدوا العزم على إلقاء دكتاتورية الملالي في مزبلة التاريخ وإستحضار أقوال ومطالب الشعب إلى سدة السلطة وإعادة إيران إلى مكانها الحقيقي في المجتمع الدولي .. وسنشهد تصاعدا في ذروة مشهد الأحداث بشهر يونيو من هذا العام!