حميد طولست يكتب لـ(اليوم الثامن):
إصلاح الفكر الدين قوة وعزة للإسلام
لا احد يجادل في أن التنوير أهم من التعليم في بناء الأوطان والمجتمعات الإنسانية التي تعاني من الجهل الثقافي الأخطر من الجهل العلمي أو الأكاديمي ، والذي لن يتأتى إلا بمراجعة الكثير من الأحكام والقواعد الفقهية المندرجة في إطار الفكر الديني القابل للاجتهاد الذي هو عمل بشري لا يرقى إلى قداسة الشعائر الدينية التعبدية لإحتماله الصواب والخطأ ، الذي يلزم رجال الدين النزهاء بمراجعة كل شيء على أُسس جديدة تتلاءم وما تعيشه معارف العصر من تطورات متسارعة تفرض على الوعاظ أن يدرسوا مواعيظهم دراسة متأنية مستفيضة انطلاقا من النزعة الإنسانية والفهم الصحيح للدين ، قبل أن يُمطِروا الناس بوابِلها المقدس لتعاليم السلف المشبعة بكم الأخطاء المعرفية المتراكمة عبر العصور، وكم الجهل الذي كان فيه وعليه أصحابها الممجدين للفكر الخرافي الذي يخاف من كل جديد ، ليس لأنه بدعة كما يدعي فقهاء المصلحة الدنيوية ، ولكن لأنه لا يحقق غاية تشكيل الصورة النمطية للوعي الشعبي العام ، وتعزيز ثقافته السلبية التي يحرصون على تكريسها في الجماهير بقصد الاسيلاء على وعيهم الجمعي ، بتحويل الدين الى سلطة قهرية ، من خلال طقوس- لا علاقة لله بها- افتعلها الشيوخ من أجل السلطة ، التي إذا ما لم تتحقق ، لرجال الذين المزورين، وأعيتهم حِيَل الوصول إليها أو خَشُوا أن يعُمَّ التنويرُ الذي ينشره الفقهاء الصادقون ، ويحُول نوره دون تحقيق أهدافهم المتطرفة ، لجؤوا إلى لغو الكلام وجعجعته ، لعلهم يتغلبون به على رفعة الدين وسمو مقاصده ، ولعلهم يبزون به حجج الحق وبوارق التنوير التي بدأت تخفق في آفاق المجتمع ، وتتغلغل في عقول العامة والبسطاء ، ضدا في توظيفهم السياسى السافر للدين الذي أصبح من السهل على أى مسلم حصيف أن يتبين - بفضل وسائل التواصل الاجتماعي -ملامح ظواهره المغلفة بالوعظية المبررة لخطايا التصرفات التسلطية المستحضرة من أوهام السلطة المبطنة بلبوس تفقيه المسلمين في الدين الذي يتبناه المتشيخون والمتفيقهون الذين يدعون زورا وبهتانا ، أنهم أصحاب التوحيد بلا منازع ، وأن غيرهم من المسلمين كفرة ومشركون ، والذين برهن الواقع أنهم مبعث أوجاع البلاد وإنهياراتها التي تضع السلطات التنفيذية في الدولة وولاة الأمر أمام مسؤولية مضاعفة في حماية المجتمع من تجبر وطغيان بعض الشيوخ والوعاض المصابين بالأمراض السلوكية المروعة والمؤدية لكل المؤمنين بعلو الدين ونزاهته، وعلى رأسها سخافات "الخلافة" السرابية البعيدة عن الواقع المعاش.
في الختام لا أخفيكم قرائي الأعزاء ،أني متيقن أن أولئك الذين يحلمون بتعميم فكرة الخلافة الغريبة والمستوردة من تربة مختلفة عن تربتنا تمام الاختلاف، سيتهمني بعضهم -كما فُعل معي فيما سبق - بالسطحية وضحالة الفكر وحب الظهور ، وسينعثني البعض الآخر بالزندقة والمروق ، وسيطلب فريق ثالث من الله أن يهديني صراطهم المستقيم –خسب زعمهم- ويرمي بتنويرهم وضيائه في قلبي المعتم لأنحاز الى صفوفهم ، ويدعو فريق آخر الله أن يطمس على قلبي فلا أفطن لـ"قوالبهم" التي لا افضحها كراهية في شخوصهم ، وإنما مقتا لنفاق وخداع ما ينشرونه من فتاوى تحريم كل ما هو جميل في مجتمعاتنا المسلمة لهدم بنائها بدعوى إصلاحها ..