إبراهيم بوغانمي يكتب:

أفول زمن الإخوان والتوازنات الجديدة بالشرق الأوسط

العديد من المؤشرات تؤكد أن الداعمَين الرئيسيين لجماعة الإخوان المسلمين، تركيا وقطر، أسقطا ورقة الإخوان، الأمر الذي يوحي بأن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على تغيرات سياسية واستراتيجية كبرى ستتوضح ملامحها بعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة بحسب ما يقول محللون.
ويؤدي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني زيارة إلى مصر الجمعة والسبت. والزيارة هي الأولى له منذ المصالحة الخليجية التي تمت خلال قمة العلا في السعودية في يناير/كانون الثاني من العام الماضي والتي أنهت ثلاث سنوات من القطيعة الدبلوماسية والاقتصادية بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة، وقطر من جهة ثانية على خلفية دعم الدوحة لتنظيم الإخوان المسلمين المصنف إرهابيا في أكثر من دولة عربية.
وقبلها بأيام استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحفاوة كبرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بعد سنوات شهدت تأزما في العلاقات بين البلدين بسبب الإخوان المسلمين أيضا.
وتستضيف الدوحة قيادات إخوانية فارة من العدالة شأنها في ذلك شأن تركيا إلى جانب الدعم المالي والإعلامي الذي تقدمه الدولتان للتنظيم.
ثم بدأت تظهر ملامح عودة قطر إلى البيت الخليجي بتخليها التدريجي عن جماعة الإخوان عبر ترحيل عدد من قياداتها إلى ماليزيا. 
ويعتبر طرد أعضاء وقيادات في الإخوان من قطر أحد أبرز الشروط التي قدمها الرباعي العربي (الإمارات والسعودية والبحرين ومصر) في حزيران/يونيو 2017، لاستئناف علاقاتها مع الدوحة.
 

 جماعة الإخوان المسلمين تصلح لإدارة دكان وليس لإدارة دولة

ويعتبر محللون أن أقوى مؤشرات تخلي الدوحة عن الإخوان بعث بها في آذار/ مارس الماضي رئيس الوزراء القطري الأسبق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الذي يشتهر بأنه "عرّاب" ما يعرف بالربيع العربي.
وقال الشيخ حمد المعروف بدعمه المباشر مع أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة جماعة الإخوان ابان احداث الربيع العربي، في حوار مطول لجريدة القبس الكويتية إن "جماعة الإخوان المسلمين تصلح لإدارة دكان وليس لإدارة دولة".
وصرح الباحث التركي في برنامج دراسات العالم العربي بالجامعة الأمريكية في واشنطن مصطفى غربوز في آذار/ مارس الماضي لموقع صحيفة أحوال تركية أن "أردوغان استخدم دعم الإخوان المسلمين كورقة لحشد الدعم حول نظامه، لكن مثل هذا الخطاب لم يعد يقدم نفس القيمة بعد الآن".
وتابع "بالنسبة لأردوغان، فإن هزيمة الإخوان المسلمين كقوة سياسية في المنطقة لا يمكن إلا أن تكون بمثابة انتكاسة لطموحاته السابقة للقيادة في الشرق الأوسط.
ولاحظ غربوز أن "الأحزاب الإسلامية فقدت نشاطها" وأن "مسرحية أردوغان الإقليمية عانت من هزيمة كبيرة".
ونبهت صحيفة دي برسه النمساوية المرموقة في نيسان/ أبريل 2021 إلى أن "أردوغان مستعد للتخلي عن الإخوان، لكن بمجرد أن تجد أنقرة مساحة تحرك جيدة على الساحة الدولية فإنها ستعيد الإخوان إلى حضنها".
وعن زيارة أمير قطر لمصر قال المحلل السياسي نصر الدين بن حديد في تصريح خاص إن "توقيت الزيارة حساس للغاية. فهي تأتي قبل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة من جهة، وقبل أيام من الاحتفال بذكرى ثورة 30 يونيو والتي أطاحت بقيادات جماعة الإخوان من مصر والتي تسببت في توتير العلاقات بين مصر وقطر جراء الدعم القطري الهائل للإخوان قبل وبعد سقوط حكم الإخوان في مصر".
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2018 تكهن الكاتب السياسي معتز علي لما يسميه "سقوط ورقة الإخوان التي استخدمها المحور التركي القطري في لعبة المصالح". وقال إن "إسقاط الإخوان من حسابات أنقرة والدوحة مرهون بانتهاء الصراع بينهما وبين الرباعي العربي، إما بانتصار طرف على آخر أو بتقارب وجهات النظر بين تلك الدول وتصالحها". 
 

الموقف الموحد الذي سيعرضه العرب على بايدن عندما يزور المنطقة في أبريل المقبل سيتضمن توافقا عربيا على إنهاء منظومة الإخوان

وبالفعل بعد قمة العلا الخليجية قال خبراء إن قطر ستتخلى عن الجماعة نظرا لأنها أصبحت "ورقة محروقة ولم يعد لها أي وزن يذكر". 
وعن زيارة بايدن للمنطقة وعلاقتها بالتقارب العربي مع تركيا وقطر أوضح بن حديد المقرب من تيارات الإسلام السياسي في تونس أن" زيارة ولي العهد السعودي لتركيا وأمير قطر لمصر تندرجان في إطار وضع اللمسات الأخيرة لطي صفحة الإخوان نهائيا من توازنات المنطقة التي يبدو أنها مقبلة على توازنات جديدة".
وشدد على أن الموقف الموحد الذي سيعرضه العرب على بايدن عندما يزور المنطقة في أبريل المقبل سيتضمن توافقا عربيا على إنهاء منظومة الإخوان"، مضيفا أن "مثل هذا الموقف سيخدم الحوارات التي ستدور بين الرئيس الأميركي والقادة العرب على اعتبار موقف بايدن السابق من تنظيم الإخوان المسلمين". 
ومعروف أن بايدن كان ضد رحيل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك وتسلم الإخوان المسلمين للسلطة عام 2011 عندما كان نائبا للرئيس باراك أوباما.
وتابع بن حديد "أعتقد أن الأولوية في الشرق الأوسط الآن هي كيفية مواجهة التهديدات الإيرانية ودراسة مسألة التطبيع العربي مع إسرائيل". وهما حسب رأيه ملفان يحظيان بأهمية بالغة لدى الإدارة الأميركية.