رائد الجحافي يكتب لـ(اليوم الثامن):
ماذا سيأتي من زيارة بايدن بعد إغراق أوروبا بسياسته الفاشلة التي أكدت ضعف واشنطن
زيارة بايدن للكيان الاسرائيلي وبعده إلى السعودية، تأتي لمحاولة إحياء المشروع الذي كان «ترامب» قد أعلن عن تبنيه وهو ما يسمى بالناتو العربي بين إسرائيل والسعودية ودول عربية اخرى.
وهذا الشيء كان بايدن قد اكده وجاء في مقال له نشرته صحيفة الواشنطن بوست، تناول فيه سبب زيارته للسعودية، الذي أكد أن الزيارة تأتي لانشاء تحالف عسكري.
كما أكد ملك الاردن في مقابلة له على قناة سي ان بي سي، ان هناك تحالفا بين بعض الجيوش العربية مع الجيش الاسرائيلي سيكون الاردن مقره الرئيسي، جاء ذلك اثناء حديثه عن ناتو عسكري عربي ونظام دفاع جوي مشترك بين إسرائيل وعدد من الجيوش العربية.
وفي تغريده له حول الزيارة المرتقبة يقول بايدن ان التطبيع والحفاظ على أمن "اسرائيل" اهم من ازمة الطاقة، ويضيف "نسعى لتقليض احتمالية استمرارية بعض الحروب التي لا معنى لها بين "اسرائيل" والدول العربية وهذا ما اركز عليه".
وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قد التقى وزير الحرب الصهيوني بيني غانتس بمقر السلطة في مدينة رام الله، مساء الخميس الماضي وتم الاتفاق على مواصلة التنسيق الأمن، والهدف من اللقاء يأتي تمهيداً للزيارة التي سيقوم بها بايدن والذي سيبدأها من فلسطين المحتلة.
المهم، إلى حد اللحظة ظهرت الدول الذي جرى معها التنسيق والتواصل لزيارة بايدن، وهي السعودية، والأردن، ومصر، والكيان الإسرائيلي، والحكومة الفلسطينية، والإمارات، والعراق.
لكن الوقائع السابقة والراهنة تؤكد أيضاً مشاركة دول الخليج بالذات البحرين والكويت، بالإضافة إلى المغرب، وتونس، والحكومة الليبية، والسودان، ودول أخرى.
زيارة بايدن وتلهف السعودية لهذه الزيارة تأتي بهدف عرقلة نشاط ايران في مواصلة بناء ترسانتها النووية، هذا أيضاً ما يراه بايدن وبعض مؤيديه الأمريكيين بأنه قد يحقق لواشنطن ورقة من أوراق الضغط على طهران تجاه موضوع ملفها النووي، وقد ينجح بايدن إلى حد ما ولو إعلامياً أمام الرأي العام الأمريكي في تحقيق انتصار سيبقى مجرد انتصار وهمي، بينما لا يستفيد منه العرب بالذات الرياض الذي سيكون عليها تحمل أعباء هذه الزيارة مادياً ودبلوماسيا، خصوصاً وأن واشنطن والتي وان نجحت في تحقيق ضغط ما تجاه طهران فأنها ستسغل هذا الضغط لتحقيق اي مصالح أمريكية ليس الا.
واشنطن التي غرقت سياستها ودبلوماسيتها في أفغانستان، والعراق، وليبيا،وسوريا، ستفشل بكل تأكيد عن تجد أي مشروع ناجح في الشرق الأوسط.
واشنطن التي اوصلت أوروبا إلى اخطر مرحلة مفعمة ومشبعة بأكبر أزمة على امتداد التاريخ وتركت سياستها الاوربيين داخل معترك دموي واقتصادي فإن استراتيجياتها اليوم عاجزة عن خلق مشروع ناجح يضمن حماية الإسرائيليين ويضمن استمرار قوة حلفائها في الشرق الأوسط لا سيما السعودية وقطر وغيرهما.
وكما أن الدول العربية ومعها الكيان الإسرائيلي أنفسهم لا يستفيدون من اي حلف عسكري أو أمني كان، فالظروف المحيطة والبيئة العربية ونزعة الشعوب العربية -التي وان ظهرت اليوم خانعة- فأنها لن تقبل بهكذا تحالف مع الإسرائيليين.
الأنظمة العربية التي تسعى وتؤيد هكذا مشروع نفسها لم تعد بذات الثقة القديمة تجاه واشنطن التي انهارت سمعة قوتها وهيمنتها بالذات بعد هروبها من المواجهة مع موسكو في الحرب الأوكرانية الجارية، رغم أن واشنطن كانت الدافع والمسبب الأول والأخير لهذه الحرب التي أظهرت مدى ضعفها مقابل مدى قوة موسكو التي تفوق قوة الأمريكيين.
قد تطرح على طاولة النقاش في القمة التي ستوافق زيارة بايدن للرياض بعض الملفات والنقاط دون شك منها ملف الوقود وملف الحرب الأوكرانية وكذلك الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية بالذات الحرب اليمنية، وبما أن موقف بايدن سيكون ضعيف جداً وسيحمل تبريرات مهزوزة بينما يطرح ويعلل مآلات الحرب الأوكرانية، سيكون أشد خجلاً عندما يأتي الحديث حول حرب اليمن وفشل جميع خطط واستراتيجيات واشنطن تجاه ايقاف الضربات التي تتعرض لها السعودية من الحوثيين، وفشلها في إحراز أي انتصارات طيلة ثمان سنوات من المواجهات الشرسة الغير متكافئة..
قد يكن في أذهان بعض أمراء الرياض أنه لابد من إيجاد حليف قوي يضمن لها حماية أراضيها وسيادتها بعد تجربتها المريرة خلال ثمان سنوات مع الحوثيين وتزعم أنها ستقايض الإسرائيليين في ذلك إذ ستشترط للتطبيع مع الإسرائيليين وحمايتهم انتزاع التزامات بحمايتها وانقاذها من الحوثيين ومن طهران.
والخلاصة ان الرئيس الأمريكي جون بايدن الذي بنفسه ألتمس ومعه الأمريكيين وسياسيي المعمورة فشل سياسته بعد مضي عام ونصف على تقلده كرسي الرئاسة، مدى الفشل الكبير الذي آلت إليه الاستراتيجية الأمريكية في أوروبا تجاه ملف الحرب في أوكرانيا والتي وان حاول الديمقراطيين ترجمتها لصالحهم بأنها أتت على زعزعة الاتحاد الأوروبي وأثرت على انحلترا، لكن الحقيقة التي يصعب تجاهلها أو تجاوزها وهي أن تلك الأزمة في أوكرانيا إلى حد اليوم أثرت كثيراً على اقتصاديات العالم بالذات الدول العظمى منها الولايات المتحدة الأمريكية التي اهتز اقتصادها العام واهتز احتياطها من المال والوقود والغذاء لتحقق قفزة كبيرة في مستويات التضخم النقدي والبطالة وارتفاع أسعار الوقود هذا ناهيك عن الهزة التي لحقت الثقة بينها وحلفائها على مستوى العالم.
الأيام القادمة ومستجدات الأحداث في الحرب الأوكرانية ستضيف الكثير من المشاهد على احتمال الانهيار المرتقب لهذه القوة الاقتصادية والعسكرية التي انفردت بها واشنطن طيلة عقود ماضية وجعلت منها القوة العظمى المهيمنة على الكرة الأرضية..