سمير عادل يكتب لـ(اليوم الثامن):

لا يمكنه تضليل الجماهير وحجب الحقيقة في الرد على بيان الصدر الاخير

بغداد

الحقيقة كأشعة الشمس لا يمكنك حجبها بالغربال، بذل مقتدى الصدر جهودا مضنية في خطابه او بيانه الاخير  كي يحجب الحقيقة عن الجماهير وتضليلها عن الاهداف التي يخفيها، وتسويق صورة مخادعة عن الفساد والمطالب العادلة للجماهير وصراعه على السلطة وإضفاء صبغة ألوهية ودينية على شخصه، كي يفوت الفرصة لأي نقد لمواقفه وسياسات تياره، التي لم تختلف قيد أنملة عن اخوته الاعداء في الاطار التنسيقي وتحديدا غريمه نوري المالكي، وخلال ما يقارب عن عقد ونصف من عمر العملية السياسية في العراق .

- ان الصدر وتياره السياسي استأثر بالسلطة السياسية، وهو احد دعامات البيت الطائفي الشيعي الذي مسك بزمام السلطة التنفيذية مدة سبعة عشر عام، ولم يغادر ولو مرة خيمة البيت الشيعي عند المفاوضات والمباحثات حول تشكيل حكومة الجعفري والمالكي والعبادي وعبد المهدي واخرها الكاظمي، وكان يصارع مثل الاخرين على حصته في الوزارات والمناصب الخاصة. وكل المزايدات السياسية اليوم تخفي في طياتها صراعه على السلطة.

وعلى الصدر بالرد على السؤال الذي يطرحه المواطن البسيط؛ ماذا يسمى وجودك وتيارك في المحاصصة السياسية طوال ما يقارب عقدين من الزمن؟ هل شبعتَ واكتنزت مما غنمت ولم تعد بحاجة الى تراكم الثروات لتعلن التوبة بسبب صحوة ضمير في غفلة من الزمن!. وإذا قبلنا توبتك، فهل تدرك بأنه ليس هناك تقادم على الجرائم مهما طال الزمن. أن ميليشياتك مسؤولة عن التطهير الطائفي والقتل على الهوية من المئات من الابرياء بين عامي ٢٠٠٦-٢٠٠٨ من أجل تغيير المعادلة السياسية لصالح بيتك الطائفي الشيعي من اجل الانفراد بالسلطة على حساب الإسلام السياسي السني والتيار العروبي ، فمن فضلك قل لنا بماذا ترد على هذا السؤال؟

- أنه يدعي بأنه يحارب الفساد وليس لديه مصلحة شخصية، ونحن نقول للجماهير على الصدر وتياره السياسي وقادته الكشف عن ما يملك امامكم من أموال منقولة وغير منقولة، وعلى أعضاء تياره السياسي بدا من نائب رئيس البرلمان حاكم الزاملي وبقية نوابه في البرلمان السابقين واللاحقين والمستقيلين الكشف عن ما يملكون. ان (الكصكوصة) التي يتحدث الصدر إلينا عنها ويتباهى بها، بل وحتى اصم آذاننا بسبب العدد المرات التي دقت الطبول لها، هي في الحقيقة عن اولئك الذين فاحت منهم رائحة الفساد وباتت تزكم الأنوف وتحرجه وتياره السياسي ولا يمكن غض الطرف عنهم، ولذلك ذهب الى تنحيتهم. من جهة اخرى ان الصدر ينصب نفسه القاضي ويحاكم من وصلت إليه (الكصكوصة) حسب ادعاءاته، في الوقت الذي يجب أن يتحول اولئك الى القضاء. الا ان هذه المسالة تكشف عن ان الصدر لا يريد فضح جماعته الذين بدورهم سيدلون باعترافات بما لا يحمد عقباه. بيد ان الاهم في كل هذا يؤكد بأن لا قانون في العراق غير قانون الميليشيات. فهل أصدر يوما ما القضاء او أية محكمة قرارا قضائيا باستدعاء والتحقيق مع اولئك الذين وصلت إليهم (الكصكوصة)!!!

اما النقطة الاخرى في هذا المضمار، على الجماهير أن تسأل مقتدى الصدر من أين يمول ميليشياته (سرايا السلام)؟ أن عديد عناصره يبلغ من ٣٠٠٠-٥٠٠٠ عنصر يتقاضون المعاشات والرواتب بشكل منتظم. اذا لم تكن تلك الأموال التي يمول بها ميليشياته من عمليات النهب والفساد والاتاوات والاستحواذ على الساحات العامة لتحويلها الى كراجات وريع مطار النجف والعمولات التي يحصل من وزرائه والمناصب الخاصة، فهل يخبر الصدر الجماهير من أين له هذه الاموال؟!!

- ان مليشيات التيار الصدري (القبعات الزرقاء) مع ميلشيات الطرف الثالث في الاطار التنسيقي متورطة بقتل المتظاهرين وحرق خيامهم. على الصدر ان يقول للجماهير لماذا ميلشياته هجمت على خيام المتظاهرين بالسكاكين والهراوات وقتل عدد منهم في ساحات بغداد والنجف وكربلاء والبصرة والناصرية وبشكل علني وامام مرأى ومسمع القوات الامنية التابعة للكاظمي. فإذا كان الطرف الثالث اخفى راسه وقناصته ولم يعلن عن جرائمه في قتل المتظاهرين، فأن مليشيات القبعات الزرقاء كانت تشن الهجمات على خيام المتظاهرين بعد أن استنفذوا كل امكانياتهم باحتواء انتفاضة أكتوبر والالتفاف عليها مثل بقية الاحتجاجات الاخرى التي جرت في ٢٠١١ و٢٠٠١٥.

- ان الصدر  ولأول مرة اصاب كبد الحقيقة في خطابه، بأنه ليس هناك مشكلة شخصية في هذا الصراع الدائر بينهم وبين إخوته في الإطار. ونحن نؤكد على هذه الحقيقة، فان مقتدى الصدر انقذ نوري المالكي في ايام انتفاضة شباط ٢٠١١ من قبضة الجماهير عندما اجتاحت الاحتجاجات جميع مدن العراق، وظهر احد قيادي الصدر آنذاك وهو بهاء الاعرجي وشغل منصب نائب رئيس الوزراء، وهو أكثر وزراء الصدر الذين وجهت إليه تهم الفساد، ليعزف وراء المايسترو المالكي بأن الاحتجاجات ورائها الاحتلال والقاعدة والبعث، وعندما فشلت تلك الدعايات في إيقاف الجموع الغفيرة التي خرجت ورفعت شعار (الشعب يريد اسقاط النظام)، هرع الصدر للإعلان بإعطاء ١٠٠ يوم فترة للمالكي من اجل الاصلاحات، كي يمتص غضب الجماهير والالتفاف على الانتفاضة، وحينها كان يملك التيار الصدري سته وزارات في حكومة المالكي. والجدير بالذكر أن مناطق نفوذ التيار الصدري سواء في مدينة الثورة في بغداد او في المدن الجنوبية، تزينها أكوام من الأزبال، ونقص الخدمات من مياه الشرب النظيفة والمستشفيات والكهرباء بشكل مريع. فأين الصدر ووزرائه في حربه على الفساد طوال هذه السنوات؟.

- على الجماهير ان تعي ان مقتدى الصدر مثله مثل باقي اخوته في البيت الطائفي الشيعي، لن يتورعوا في ارتكاب المجازر ودفع المجتمع العراقي الى أتون حرب أهلية من أجل مصالحهم الضيقة، وهم سادة واساتذه في توريط الجماهير. فكل مآسي العراق اضافة الى غزو واحتلال العراق، فان منظومة الإسلام السياسي التي يقودها البيت الطائفي الشيعي مسؤول بشكل مباشر عنها، بدءا من الحرب الاهلية التي كان ابطالها جيش المهدي في ٢٠٠٦ والذي تغير اسمه بعد ذلك الى (لواء الموعود) والان يحظى باسم اخر وهو (سرايا السلام)، مرورا بتسليم ثلث مساحة العراق على طبق من فضة الى داعش وكان بطلها حينها حزب الدعوة بزعامة المالكي، وانتهاء بالمجازر التي ارتكبت بحق المئات من شباب انتفاضة اكتوبر، وكانوا ابطالها هذه المرة ميليشيات الطرف الثالث الموالية لإيران والقبعات الزرقاء الاسم الآخر لميليشيات الصدر .

كما نذكّر الجماهير كيف ورط الصدر عناصر تياره المتوهمين به من العاطلين والمحرومين في عام ٢٠١٦ عندما نصب خيمته أمام المنطقة الخضراء وحرضهم لاقتحام اسواره مما ادى الى قتل عدد منهم في المرة الثانية، ليتوارى عن الأنظار ويختفي. وفي كل مرة يصل الى انسداد الافق السياسي، يورط جماعته، ويعلن مرة عن الاعتكاف ومرة الاعتزال من السياسة واخرى بالتفرغ للدراسة في الحوزة، وكان اخرها عشية الانتخابات اعلن بأنه سيموت او سيتعرض للاغتيال لاستجداء العواطف وتحريف الانظار عن تراجع نفوذه الاجتماعي...الخ.

فأننا نحذر الجماهير ان لا تكون طعما سهلا بيد الصدر ليتحولوا الى وقود في حرب ليست حربهم يريد زجهم فيها وتوريطهم.

- إن معضلة جماهير العراق ليست فقط المحاصصة السياسية التي تعني من الجانب الآخر التقسيم والتقاسم بين عمليات السرقة والنهب والفساد الإداري والسياسي، انما ايضا البرنامج الاقتصادي، السياسة الليبرالية الجديدة التي جاء بها الاحتلال وحاول رئيسه المدني بول بريمر بتطبيقها، الا أنه فشل، فيما نجح الكاظمي بالشروع بها وبمعية جميع الكتل السياسية بما فيهم التيار الصدري. ان محاولة الصدر وتياره بحصر كل مشكلة العراق بالمحاصصة انما محاولة جهنمية لإخفاء حقيقة البرنامج الاقتصادي للأخوة الأعداء في البيت الشيعي، طبعا يشاركهم ايضا (البيت القومي العروبي والكردايتي). بمعنى اخر ان الكتلة الصدرية الى جانب كل الكتل السياسية صوتت بالإجماع على تخفيض العملة المحلية وعلى الورقة البيضاء لحكومة الكاظمي. وان هذه السياسة كانت تبغي من ورائها تحميل العمال والموظفين والعاطلين عن العمل من الاناث والذكور، والطلبة وزر الازمة الاقتصادية وتحميل ضريبة سرقاتهم ونهبهم على كاهل أولئك المحرومين. بمعنى اخر ان الصدر يدرك هذا، ولكن يحاول طمس هذه الحقيقة ولا يتحدث عنها. وكل ما ذهب إليه حاكم الزاملي عندما كان النائب الاول لرئيس البرلمان وتياره قبل استقالتهم الاخيرة هو إطلاق عدد من القنابل الدخانية حول مسائلة وزير المالية عبد الامير علاوي في البرلمان، لذر الرماد في العيون وتضليل الجماهير واخفاء حقيقتهم المعادية لمصالح العمال والكادحين، وأنهم لا يختلفون عن اخوتهم الاعداء في العملية السياسية.

- أما حول قمع الصدر للحريات فحدث ولا حرج. طبعا ليس هناك المجال لفتح ملفات معاداتهم للنساء بدليل لا وجود حتى لظل امرأة  في تظاهراتهم وسنكتب عنها في فرصة اخرى، ولا عن ملف معاملة المثليين وقد اشرنا اليه سابقا في مناسبات اخرى، ونؤكد للجماهير ان اية حكومة يشكلها الصدر تعني الضرب بيد من حديد كل مخالفيهم كما رأينا في انتفاضة اكتوبر على سبيل المثال وليس الحصر، وأن  عدد الفيديوهات وخاصة بعد اسدال انتفاضة أكتوبر الستار عن فصلها الأول تظهر مليشيات الصدر تعذيب المعارضين والمخالفين وتطالبهم بالتوبة والغفران من مقتدى الصدر او يطالب أهاليهم بالتبريء من ابنائهم. وكانت تنشر بشكل اوسع بينما والرقابة الالكترونية لحكومة الكاظمي تتفرج دون  ابداء اي رد فعل.

- ان مطالبة الصدر اليوم بحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة هي تعبير عن المأزق السياسي وانعدام الافق عند التيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر. فهو يريد منفذا لما ذهب اليه، لأن أية انتخابات مهما كانت نتيجتها حتى لو حاز الصدر على جميع مقاعد البرلمان فليس بإمكانه تشكيل حكومة على هواه وسيعاد نفس سيناريو الامس، لان من يحسم تشكيل الحكومة في العراق هي الميليشيات. ويدرك الصدر هذه الحقيقة إلا أنه لن يستطع الذهاب ابعد مما دفع اليه جماعته في افتراش ارض البرلمان وأكل ما لذ وطاب في حفلات الولائم التي اعد لها وسخرت الاموال المهوله للانفاق عليها (من اين لك هذا)  كما تنقلها شاشات الفضائيات مع التقاط صور السيلفي.

- واخيرا ان الصدر يذيل توقيعه على البيان (حفيد الحسين). اننا نلفت انتباه الجماهير ان الصدر يبغي وراء هذه الممارسة شيئين، الأول هو سحب البساط من تحت اقدام الاطار التنسيقي بأنه هو الممثل الحقيقي للشيعة، وبهذا يصطف من جديد ويبين تمسكه الطائفي وإعداد هويته الطائفية لإبرازها عند الحاجة. اما الثاني هو محاولة لإضفاء الالوهية والتقديس على شخصه للوقوف بوجه أي نقد سياسي تجاه شخصه.

كلمتنا لجماهير العراق .. ليس في جعبة الصدر أي شيء لكم، انه يدعو الى الاعتصام حتى تحقيق مطالبكم كما ادعى في كلمته. ولكن ما هذه المطالب ؟ فلم يقول لنا عنها شيء. انها مطلبه هو، وليس اكثر من تشكيل حكومته يديرها هو وتياره السياسي.اما مطالب الجماهير فهي:

-محاكمة قتلة المتظاهرين.

-فتح ملفات الفساد في محاكم علنية (من اين لك هذا؟).

-حل المليشيات تحت اية مسميات.

-ضمان بطالة لكل الاناث والذكور لمن بلغ عمره ١٦ عام وما فوق، حتى حين توفير فرص عمل مناسب.

-رفع الحد الادنى للأجور والمعاشات بما يتناسب مع القدرة الشرائية والتضخم.

-المساواة التامة بين المرأة والرجل. 

-إلغاء الورقة البيضاء.

- أن تكون رواتب ومعاشات النواب والوزراء واصحاب المناصب الخاصة مساويا لراتب العامل الماهر

ان الصدر وتياره بعيد عن هذه المطالب ولن يذهب الى تنفيذ اي واحد منها لأنها خطوة نحو هلاكه وهلاك تياره.