د. عبدالله العوضي يكتب:

«داعش».. عودة غير محمودة

أبوظبي

منذ العام 2015، والتحالف الدولي المكون من قرابة سبعين دولة، لا زلنا نسمع بين الحين و الآخر طنين «داعش» من أفغانستان التي تبحث لها عن ترسيخ سبل الأمن و الاستقرار بعد أكثر من خمسين عام من الحروب الدولية والأهلية التي لم تهدأ حتى الساعة بفعل إرهاب «داعش» وصولاً إلى قلب القارة الأفريقية. 
هذا ما ذهبت إليه مجلة «ذا ديبلومات» بعد نشرها تقرير حول «توسع تنظيم داعش في أفريقيا وتداعياته على جنوب شرق آسيا». جاء فيه: 
أفريقيا أضحت منطقة استراتيجية للتنظيم الذي استغل مشكلات الفقر والصراعات الدينية والعرقية وضعف أنظمة الحكم فيها لمصلحته.
حيث غدت قوة «ولاية غرب أفريقيا» بشمال شرق نيجيريا، كما يبدو أكبر فروع تنظيم «داعش» في أفريقيا.
وقد دعا هذا التنظيم من خلال مقطع للفيديو مترجم للغة الإندونيسية إلى الهجرة لأفريقيا من أجل بناء قاعدة جديدة للعمليات هناك. 
يظهر بأن استقرار الدول هو العدو الأول لتنظيم «داعش». وعلى تويتر يقول الممثل الروسي الخاص لأفغانستان: (قبل سيطرة طالبان على كابول، كان عدد مقاتلي «داعش» في أفغانستان 10 آلاف، وبعد الحملات الأمنية التي شنتها الحركة تحسن الوضع إلى حد ما، لكن داعش تعاود الظهور الآن).
و مما يعد إنجازا ملحوظا لدور فرنسا في محاربة «داعش» في النطاق الأفريقي، ما بثته إذاعة «مونت كارلو» الدولية، في 16 يونيو 2022، بأن فرنسا قامت باعتقال «أمية ولد البقاعي»، المسؤول الكبير في تنظيم «داعش» بمنطقة الصحراء الكبرى، في «مالي»، عن طريق عملية نفذتها قوة «برخان» (قوة فرنسية لمكافحة التمرد في منطقة الساحل الأفريقي). 
و فرنسا من أوائل الدول الأوروبية التي تنبهت لخطورة الإرهاب، عندما تعرضت لعملية إرهابية في فترة رئاسة جاك شيراك، من 1995 إلى 2007، وهو ما أشار إليه شيراك في مذكراته، عندما قال: «في مواجهة تنامي الإرهاب الذي صار حقيقة اختبرتها منذ استلامي مهامي عندما حصل اعتداء على مخازن بوينت شو «point show» الكبرى في الشانزيليزيه قررت أن أنشئ فوراً مجلساً وطنيا للأمن، يضم موظفين من وزارات الداخلية والعدل والدفاع والخارجية، وكذلك موظفين في مختلف الأجهزة المختصة بمكافحة الإرهاب» 
كان من الملح تنسيق الجهود خاصة وأن بلدنا بدا عاجزاً وبالتالي مكشوفاً في هذا المجال، بسبب عدم توفر المعلومات الكافية حول المرتكبين المحتملين للاعتداءات الإرهابية و بسبب عدم وجود تعاون دولي حقيقي». 
هذه النقطة طبعا، تغيرت بعد أن تم تشكيل التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، و كان ذلك من صميم ردة الفعل على ما سمي ب«الربيع العربي» الذي حمل معه رياح الفوضى غير الخلاقة. 
ومن بعض نتائج ذلك التحالف، أنه في يوم 12 يوليو الماضي، نفذت قوات القيادة المركزية الأميركية غارة لطائرات من دون طيار شمال غرب سوريا، استهدفت اثنين من كبار مسؤولي«داعش»، وقد قُتل في الغارة «ماهر العقال»، أحد كبار قادة «داعش» الخمسة وزعيم التنظيم في سوريا.
وأعقب ذلك بالأمس القريب الإعلان الرسمي عن مقتل أيمن الظواهري، زعيم تنظيم «القاعدة»، في العاصمة الأفغانية كابول، خلال عملية عسكرية استخباراتية أميركية، و هو أصل بذرة «داعش».