هيلة المشوح تكتب:
مقتل الظواهري.. هل يعني النهاية؟!
قطعاً لم يدر بخلد زعيم «القاعدة» أيمن بديع الظواهري وهو يقف بشرفة منزله في قلب العاصمة الأفغانية كابل بعد شروق شمس 31 يوليو أنها ستكون آخر لحظات حياته المتخمة بالإرهاب والمخضبة بالدماء والدمار بعد أن سقط صاروخان على تلك الشرفة، ما أسفر عن مقتله بينما انحصرت الأضرار الناجمة عن الضربة في الشرفة -فقط- دون أن يلحق أسرته أية أضرار، وهذا مؤشر على براعة ودقة العملية التي استمر التخطيط لها أكثر من ستة أشهر في عملية أشرفت عليها وكالة المخابرات المركزية الأميركية ونفذها الجيش الأميركي. وبتكتيك مقارب لمقتل زعيم القاعدة الأسبق أسامة بن لادن في 2 مايو2011 في آبوت أباد بباكستان مع فارق الوقت وتطور الأدوات.
في الأسبوع الماضي يتكرر السيناريو ذاته، وتطيح بالظواهري من خلال صواريخ «هيلفاير» عالية التقنية، ومن ثم الإعلان عن وفاة الظواهري ونجاح العملية بفضل الرصد وعمليات التحري الدقيقة لموقع المطلوب الأول عالمياً في قضايا الإرهاب. وبعد رصد نمط حياته وروتينه اليومي ودراسة نوع وصلابة منزله والمواد المستخدمة في بنائه. ويبدو أن هذا هو مفتاح نجاح المهمة فضلاً عن نوع الصاروخ المستخدم ج والذي صرح مسؤولون أميركيون إن هذا النوع من الصواريخ تطلق من طائرات مسيّرة، وهي من نوع جو – أرض الأميركية التي أصبحت عنصراً أساسياً في عمليات مكافحة الإرهاب الأميركية في الخارج منذ هجمات 11 سبتمبر عام 2001. ويمكن إطلاقها من منصات مختلفة كالسيارات والمروحيات والسفن، أو طائرة مسيّرة كما في عملية الظواهري.
وهناك اعتقاد أن الولايات المتحدة استخدمت في هذه العملية نسخة غير معروفة من صاروخ «هيلفاير» وهي «آر 9 إكس»، التي تخترق الهدف باستخدام طاقتها الحركية كالتي استخدمت عام 2017 في قتل أبوخير المصري وهو أحد زعماء «القاعدة»، وأحد نواب الظواهري في سوريا، وقد أظهرت صوراً لسيارته في حينها أن الصاروخ أحدث فجوة في السقف ومزق ركابها، دون آثار لحدوث انفجار أو أي دمار للسيارة!
لاتزدهر التنظيمات الإرهابية بلا دعم لوجيستي وبيئة جغرافية حاضة، آمنة، وقابلة لتوسعها، ولولا طبيعة أفغانستان الجغرافية التي تحالفت مع جماعة «طالبان» وتنظيم «القاعدة» منذ الثمانينات الميلادية، لما تغول التنظيم، وازداد عدد مقاتليه من بضع مئات إلى عشرات الآلاف حتى نهاية التسعينات الميلادية وبداية الألفية الجديدة، لتخبو بعد ذلك وتتراجع قوة «القاعدة» بعد تضييق الخناق الأمني عليها في منطقة الشرق الأوسط والخليج، وتغير بروتوكولات الحرب الغربية على الإرهاب بآليات رصد وتتبع جديدة بتقنيات عالية الدقة في المطارات والموانئ وجميع سبل الملاحة العالمية مما شل حركة التنظيم وساهم في تدهور تركيبته، وتشتيت أعضاؤه فضلاً عن العمليات العسكرية في تصفية رموزه.
في سيناريوهات زعماء الإرهاب كالظواهري وقبله بن لادن وبينهما البغدادي والزرقاوي وغيرهم من قادة التنظيمات الإرهابية عبرٌ تاريخية، تدعو للتمعن والشروع في التوثيق التاريخي لعمليات الأفول الدرامي لكل من عبث وأفسد في الأرض واستباح أرواح الأبرياء وروّع الأمنين وفجر مدنهم وأحياءهم ومنازلهم. فالباطل يندحر في نهاية المطاف مهما بلغت قوته وهيمنته وقوة داعميه. فهاهو زعيم أعتى تنظيم إجرامي يتم التخلص منه في عملية لم تستغرق دقائق. فهل يسدل الستار بعد بن لادن والظواهري على تنظيم «القاعدة» الإرهابي؟ وهل يُعد مقتل الظواهري هو مقتل للتنظيم برمته؟ربما!