مشاري الذايدي يكتب:

إسلاموفوبيا... انظروا بمن ابتلاني!

بالتزامن مع كون شهر نوفمبر- الشهر الحالي - من كل عام، شهر «التوعية بالإسلاموفوبيا» في بريطانيا، أوقفت الحكومة البريطانية عملاً كانت بدأته قبل أكثر من ثلاثة أعوام يتعلق بوضع تعريف رسمي لـ«الإسلاموفوبيا».
تشهد بريطانيا جدلاً سياسياً وفكرياً حول الموقف السياسي الذي يجب اتخاذه حيال حماية المسلمين ببريطانيا من جرائم الكراهية الدينية، وتحوّل هذا الأمر إلى حلبة عراك سياسي بين اليسار واليمين، بين حزب المحافظين وحزب العمّال. رموز سياسية، بعضهم من أصول آسيوية مسلمة، من حزب العمّال وغيرهم، يتَّهمون المحافظين بالتقاعس عن حسم هذا الأمر قانونياً وسياسياً للأبد. كان قد تمَّ تعيين مستشار لهذا الغرض، لكن عمله توقَّف بعد قدوم بوريس جونسون لرئاسة الوزراء، كما أنَّ الوزير الراهن للإسكان والمجتمعات المحلية مايكل غوف، الذي شارك الشهر الماضي في مناقشة تناولت موضوع التطرف، عندما لم يكن بعد عضواً في الحكومة بعدما أقاله جونسون، أكّد أنه يريد مواجهة «الإسلام السياسي»، الذي وصفه بأنَّه «فيروس»، لكنه نفى في المقابل أن يكون معادياً للإسلام، قائلاً إنَّ هناك «مقاومة» في دوائر وايتهول الحكومية لوضع تعريف محدد للإسلاموفوبيا، نتيجة الرغبة في عدم التسبب في إساءات. حسب تقرير واف لـ«الإندبندنت العربية».
ما زال الجدل صاخباً، لكن بعيداً عن خبث السياسة وخبائثها، وحقيقة النيات ومآربها، علينا نحن أبناء المسلمين أن ندعمَ كلَّ قانون وتشريع ومسعى يجرّم الكراهية العمياء ضد المسلمين، لأنَّ هذا السلوك، فضلاً عن كونه من أقبح المسالك البشرية، هو كذلك - أعني تجريم كراهية المسلمين - يعني تحقيق احترامنا الصلب لذاتنا، فمن يكره ذاته يعدّ إنساناً مشوّهاً، لا يفيد نفسه ولا ينفع كارهيه!
في 15 مارس 2022، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بالإجماع قدّمته باكستان نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي، باعتبار يوم 15 مارس اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا.
إذن هو خطّ عالمي، يجب تعزيزه أكثر وأكثر، والفوبيا، كما يقولون، نوع من «الرهاب» المرضي النفسي لكراهية أمر ما (شعب، أو دين أو حيوان ما، أو وضعية ما، مثل الخوف من الأماكن العالية.. إلخ).
تظلّ بعد ذاك كله، ملاحظة حيوية وجودية حاكمة، وهي:
هل يعني نقد جماعة مسلمة ما، أو حزب سياسي مسلم، أو شخصية مسلمة، نوعاً من أنواع الإسلاموفوبيا؟!
بكلمة أصرح، إذا انتقد شخص حسن البنّا أو سيد قطب أو يوسف القرضاوي أو طارق رمضان أو إلهان عمر أو نهاد عوض أو المودودي أو الندوي أو سلمان العودة أو سفر الحوالي أو حسن نصر الله وخامنئي... إلخ.. هل يعني أنَّ هذا المنتقد موصومٌ بوصمة الإسلاموفوبيا!؟
المثير للسخرية هي أن يتَّهم يساري غربي ما، ليس مسلم الديانة، شخصا مسلما ينتقد أبناء الإسلام السياسي بأنه مصاب بالإسلاموفوبيا!!


وَلَو أَنّي بُليتُ بِهاشِميٍّ خُؤولَتُهُ بَنو عَبدِ المَدانِ
لهان عليَّ ما ألقى ولكنْ تعالوا فانظروا بِمَنِ ابتلاني