عبدالرحمن كوركي مهابادي يكتب لـ(اليوم الثامن):

إيران .. البديل الديمقراطي في معمل الإختبار!

طهران

ربما يمكننا الإشارة إلى المواقف الهستيرية لقادة الديكتاتورية الحاكمة ضد المقاومة كعنوان لأفضل وأهم إنجازٍ لانتفاضة الشعب الإيراني الجارية في هذه الأربعة أشهر وهم في حالة من الخوف التام من مصيرهم الأسود الذي يواجهونه على وقع صوت أقدام المقاومة الإيرانية ويستشعرونه بتقدم إنتفاضة الشعب، حيث لم يتمكنوا بشفاه مرتعشة وأصوات مكسورة ووجوه مرتكبة وغير متوازنة الأخيرة من إخفاء "اختلالهم" في الوضع الراهن للمعادلات المتعلقة بإيران.

أهم إنجاز للانتفاضة!

عشية الذكرى السنوية الثالثة لمهلك قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإرهابي في ما يسمى بـ الحرس الثوري، نعت إسماعيل قاآني قائد هذه القوة الإرهابية يوم الثلاثاء الموافق 20 ديسمبر ٢٠٢٢بنبرة ساخرة جميع معارضي الدكتاتورية الحاكمة المتسلطة على إيران نعتهم بـ "عديمي الشرف" ويأتي هذا كإعتراف ضمني بوضع الدكتاتورية الهشاشة والانحدار المتزايد باستمرار لقوى حرس الحكومة، وفي إشارة إلى دعم المجتمع الدولي الواسع للمقاومة الإيرانية ومؤتمر واشنطن الأخير الذي عقد ببث رسالة السيدة مريم رجوي وخطاب وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو الذي أظهر مخاوف الدكتاتورية الحاكمة من دور ومكانة المقاومة الإيرانية ذلك لأن قادة هذا النظام قبل غيرهم يعرفون ما هو المسار الذي سلكته انتفاضة الشعب الإيراني وفي أي نقطة هي الآن وماذا بعد؟

وقال قاآني: " إقترحت كل الدول الأوروبية والأمريكية إمرأة كرئيسة لجمهورية إيران" ويضيف وكأنه وحش محاصر في جحر وليس لديه مخرج مهددا بنفس ثقافة التعالي والسخرية والجنون الحيواني: "أنتم أكثر البشر عارا!" لكن كل هذه مكتوبة في السجلات كما ينبغي، وسوف تسقط واحدة تلو الأخرى بحول القدرة الإلهية، وستؤكلون جميعا وأنتم تتآكلون أيضا، لكن عندها لا يمكنكم إلا أن تفتحون أعينكم لتروا أنه لم يتبقى شيئا لكم! "

كما قال الحرسي حسين سلامي القائد العام لقوات حرس خامنئي في خطاب مماثل يضا: "في واشنطن ونيويورك ينتخبون رئيسا لإيران ويقولون إنه الرئيس الديمقراطي لإيران" (وكالة أنباء قوة القدس الإرهابية - 28 ديسمبر 2022).

إبراهيم رئيسي الذي كان عضوا في فرقة الموت التي قتلت أكثر من 30 ألف سجين سياسي عام ١٩٨٨ ولهذا السبب يُعرف بجلاد ٨٨ في أوساط الشعب الإيراني قال في 27 ديسمبر 2022 بنفس ثقافة التعالي والشخرية ولسان الخوف: "لأن العدو يريد ضرب النظام فيأتي لإستهداف عمود الخيمة ..لماذا؟ .. إننا لا يمكننا التراجع ولا يمكننا الوصول إلى مكان، ولا يوجد لدينا أكثر من طريق للتقدم للأمام، ولقد قرر الإمام خامنئي المضي قدما، يكمن شرفنا واعتزازنا في ما يمكن لهذه الخيمة أن تفعله، وبحسب تعبير الحاج قاسم سليماني إن حماية هذا المقام من نوع هدي النبي".

وكان شخص ولي الفقيه علي خامنئي قد قال قبل أن يرى مدى توسع قوة الشباب الإيراني في الانتفاضة الأخيرة مستشعرا بالخوف: "جيلنا شبابنا ليس لديه معلومات كثيرة عن الأحداث الماضية بما في ذلك عن (المجاهدين)" ( تليفزيون شبكة خبر النظام 20 ديسمبر 2022).

في أعقاب التصريحات المختلفة لقادة النظام بشأن الشباب والمنتفضين الإيرانيين الذين نعتوهم بـ الأخساء والغوغاء عملاء  الأجانب، حيث أعلنت وزارة المخابرات في الدكتاتورية الحاكمة رسميا في 2 يناير 2023 في إشارة منها إلى مجاهدي خلق: "(المجاهدين) كانوا يستأجرون الأخساء والغوغاء لإحداث مشاهد أعمال الشغب الأخيرة." وأعلنت هيئة القمع هذه في بيانها أن المجاهدين كانوا "يستأجرون الأخساء والغوغاء في كواليس أعمال الشغب الأخيرة".

كتبت إحدى وسائل الإعلام الحكومية المقربة من علي خامنئي مؤخراً: " ترى الحكومات الأجنبية بشكل قاطع المجاهدين فقط كبديل مناسب للنظام الحاكم في إيران"، وتطرح وسيلة الإعلام هذه السؤال التالي: "لماذا ترى الحكومات الأجنبية التي تعارض أو تنافس النظام بشكل قاطع المجاهدين فقط كبديل مناسب للنظام الحاكم في إيران؟" وتُجيب نفسها على ذلك فتقول: "إنهم يعتبرون أن مجاهدي خلق هي المجموعة الوحيدة المتماسكة والمنظمة القادرة أحيانا على تنفيذ سلسلة عمليات هادفة ومهمة داخل تراب إيران".

التصريحات الأخيرة لقادة النظام هي اعتراف بحقيقة لا يمكن تجاهلها في الـ 44 سنة الماضية بشكل عام وفي الأشهر الأربعة الماضية على وجه الخصوص ذلك لأنهم أولا وقبل كل شيء رأوا وعرفوا أن الطرف الوحيد "الحاضر على مشهد الأحداث " ضد الدكتاتورية هو المقاومة الإيرانية التي أرعبهم وصولها الآن!

خوف الدكتاتورية الحاكمة من انتفاضة الشعب والتي ازدادت بشكل ملحوظ بعد المؤتمرات البرلمانية الداعمة للانتفاضة الإيرانية ومقاومتها في أوروبا وأمريكا هو مرادف لإعطاء العنوان الحقيقي للبديل الديمقراطي الوحيد الموجود على الأرض وداخل إيران!

والحقيقة القائمة على الأرض هي رسالة وتذكير بمصير مجرمين من أمثال قاسم سليماني، وأسد الله لاجوردي، وصياد شيرازي وجُناةٌ هذا النظام والتي لا يستطيع قادة هذا النظام تجنبها! إن تصرفات وسعار قادة هذا النظام الأخيرة ضد المقاومة إيران هي بوادر لترقُب مثل هذا المصير!

إن تهديدات الأجهزة العسكرية لهذه الحكومة ضد الشعب الإيراني والمنتفضين، واستجداء التفاوض من أرباب سياسة الإسترضاء الغربيين حول مختلف القضايا ومن بينها"الإتفاق النووي الإيراني" والتي يتم القيام بها فقط لتجنب الإطاحة بها لكنها لن تداوي الدكتاتورية الحاكمة من آلامها بعد الآن وهي على منحدر التهاوي والسقوط، كذلك فإن هذا المشهد المذهل للغاية عندما يطالب قادة الدكتاتورية الدينية الحاكمة الشعب بـ"الإنجاب" وبغطرسة تامة من أجل "تجديد" المجتمع! لكن الجواب الحاسم للشعب الإيراني هو أن السبيل الوحيد "لتجديد" و "صحة" المجتمع والتقدم في إيران هو الإطاحة بالديكتاتورية الدينية ولا شيء غير ذلك.

لقد إختار الشعب الإيراني ألا يقبل بأقل من إسقاط هذا النظام! ذلك لأنهم فهموا جيدا أن الدكتاتورية الحاكمة تتغذى باستمرار على دماء الشباب الإيراني، ورسالة الحكومة ليست سوى  "أن تُنجب أطفالا وسوف أقتلهم على أرضية الشارع أو في السجن!"، في هذا الاتجاه وبنفس ثقافة قتل البشر هذه أعلن إبراهيم رئيسي بجنون في هذا الخطاب: " إننا لن نرحم مُعارضين!"

لابد أن يعلم الجميع أن خامنئي ورئيسي وغيرهما من قادة هذا النظام المتورطين بشكل مباشر في قتل أكثر من 1500 شاب إيراني في انتفاضة 2018 وأكثر من 750 شابا إيرانيا في الانتفاضة الأخيرة قد ادعوا مرارا وتكرارا أنهم قد أنهوا الانتفاضة! فيما استمرت الانتفاضة وستستمر دون توقف حتى إسقاط الدكتاتورية، ويخبرنا النهج العلمي والمنطقي لمسار انتفاضة الشعب  أن الإطاحة بالدكتاتورية الدينية قريبة بل هي أكثر قربا.

كلمة أخيرة

أصبح المشهد الإيراني الحقيقي بعد مضي قرابة أربعة أشهر على انتفاضة الشعب الإيراني ضد الدكتاتورية أكثر وضوحا يوما بعد يوم، وتصر الدكتاتورية الحاكمة على قتل الشباب وقمع انتفاضة الشعب الذي سيبذل قصارى جهده للبقاء واقفا وصامدا على قدميه، وأيادي سوداء أخرى منخرطة في الدفع ببدائل بذيئة لفرض نوع آخر من الدكتاتورية على الشعب الإيراني!

كما أن الشعب الإيراني عازم على مواصلة انتفاضته تحت شعار "سنقاتل، سنموت، وسنستعيد إيران" حتى إسقاط الدكتاتورية الدينية وإقامة حكم وطني شعبي وديمقراطي، والشعب الإيراني مصمم وقد العزم على أن يكون جواب "النار" بـ "النار" والإطاحة  بالدكتاتور، وإنه بقوة وسلطة الشعب والقوى الشعبية سوف تُمحى البدائل المزيفة وقوات متطرفة من المشهد، المستقبل والنصر للشعب الإيراني!