مهدي عقبائي يكتب لـ(اليوم الثامن):
سقوط النظام الايراني ضرورة إنسانية وحضارية وتأريخية
وجهت الجالية الايرانية في فرنسا رسالة مشاركة في الانتفاضة الشعبية التي تشهدها ايران، للشهر الخامس على التوالي، اكد الالاف الذين شاركوا فيها رفضهم للدكتاتورية بجميع اشكالها، طالبوا برحيل الملالي، وطي صفحة عودة نظام الشاه المقبور الى الابد. رفع المشاركون في المسيرة التي انطلقت من ميدان دانفر روشيرو في باريس إلى ساحة إينوليد التاريخية الاعلام الايرانية احياء لذكرى ثورة الشعب الايراني المناهضة للشاه وهم يرددون هتافات “الموت للديكتاتور”، “الموت للظالم، سواء كان الشاه أو المرشد” مشددين على الخطوط الحمراء الفاصلة بين الشعب واعدائه.
شهد التأريخ الانساني الکثير من الانظمة الاستبدادية الدموية التي إرتکبت الجرائم الفظيعة التي يندى لها الجبين الانساني، ولکن الامر الذي يجب ملاحظته وأخذه بنظر الاعتبار إن تلك الانظمة التي تنتمي الى عقب تأريخية غابرة، قد أصبحت ضمن سجلات التأريخ ولم يعد لها من أي دور أو تأثير في هذا العصر، ولاسيما وإن التطور الحاصل في المجالين الانساني والحضاري على مر التأريخ، وبسبب من التغيير الحاصل والجاري على العلاقات الاجتماعية من حيث الشکل والمضمون، فإن تلك النظم الاستبدادية وبسبب من أفکارها ومفاهيمها التي تتعارض مع التطور الحاصل في المجتمعات، تعتبر بحکم الملغية ولايمکن إحيائها في العصور اللاحقة، لکننا إذا ماتمعننا في النظام الايراني الذي يقوم على أساس نظرية ولاية الفقيه القرووسطائية، فإننا نجد أنفسنا أمام حالة شاذة وغريبة وفريدة من نوعها أبتلي بها الشعب الايراني.
أغرب مافي الحالة الايرانية، إن نظام ولاية الفقيه، قد تأسس على أنقاض الحکم الملکي الدکتاتوري الذي أسقطه الشعب الايراني بثورته الکبرى في عام 1979، وذلك عندما قام التيار الديني المتطرف بقيادة خميني بأکبر عملية کذب وخداع من نوعها عندما قام بإستغلال الدين کغطاء وطفق خميني يغدق الوعود والعهود المعسولة على الشعب بالعرية والحياة المرفهة، لکنه وفي الوقت نفسه کان يقوم بشحذ سکاکين الدکتاتوية والاستبداد ويمهد ليس لعودة الدکتاتورية التي أسقطها الشعب بثورته بل وحتى لنظام غريب وشاذ من نوعه قادم من أعماق القرون الوسطى!
لأن الافکار والمفاهيم الاجتماعية والفکرية والسياسية وحتى الاقتصادية التي يدعو إليها نظام ولاية الفقيه، تنتمي بأشکالها ومضامينها الى العصور الوسطى ولاتنتمي الى العصر الحديث بصلة، فقد کان من الطبيعي جدا أن يحدث حالة من التناقض وعدم الانسجام والتطابق فيما بينها وبين الشعب الايراني الذي يعيش ضمن أفکار ومفاهيم متطورة بفعل خضوعها للتقدم الانساني والحضاري الذي شمل معظم جوانب الحياة.
نعم ربطت تظاهرة باريس الضخمة أهداف ثورة شباط 1979 بالانتفاضة الوطنية الراهنة، والتقطت رسالة الرئيسة المنتخبة من المقاومة مريم رجوي، التي اكدت دخول البلاد الى مناخات الثورة الديمقراطية، وشددت على مطالبات الايرانيين بجمهورية ديمقراطية خالية من التعذيب والقتل والاستبداد والتبعية، ورفضهم للدكتاتوريات سواء كانت بالعمامة أو التاج، محددة ملامح مستقبل ايران والايرانيين، الذي يقابل بالترحيب لدى شعوب العالم.