موسى المعاني يكتب لـ(اليوم الثامن):

ماذا يريد وريث تركة الشاه من وراء السعي إلى وأد الثورة الإيرانية

طهران

فجأة وبدون مقدمات يخرج الكثيرين عن الثوابت التي لا تقبل الخرج أبدا، يخرجون عن تلك الثوابت ويقرون بذلك في قرارة أنفسهم ويعلمون أن خروجهم مرفوض لكنهم اعتادوا أن يكرهوا الآخرين على نزواتهم ومخططاتهم بالقوة ودون أدنى  إقتدار، فكل ما يؤخذ بدون قوة أو تحايل هو دليل إقتدار وشرعية وعكس ذلك فهو نزوة قائمة على الباطل تستعين بالقوة والتحايل على الوجود الآني على الأرض؛ وتكون تلك القوة المستعان بها في أغلب الأحيان قوة مستعارة، وسرعان ما يتلاشى ذاك الوجود ويتبخر ويعود كلٌ على حقيقته ويضمحل بعد استعراض مفضوح لن ولم يستمر طويلا حيث لا يبقى أمامه عند ذلك سبيلا سوى مواراة سوءاته وحفظ ما تبقى من قدر ضئيل من الحياء .. الحياء الذي يُفطر الإنسان عليه.

الإدعاء أمر ممكن في أوساط جاهلة مخدرة تعاني خواء العقل والبطن لكنه أي الإدعاء لن يدوم طويلا فجيلٌ واحد كفيلٌ بكشف المستور وإبطال الإدعاء، أما إذا أردنا أن نتكلم بالحقائق فأحداث التاريخ خير شواهد حيث لم تقم دكتاتورية السلطة البهلوية في إيران بعشرينيات القرن الماضي على شرعية إذ سلبت الملك من القاجاريين، كذلك لم تتمكن السلطة البهلوية من كسب وبناء شرعية لها في السنوات اللاحقة لحكمها من خلال إنتهاج سياسة عادلة رصينة تراعي وتحترم كافة مكونات الأمة الإيرانية المختلفة والمتعددة بل اعتمدت العنصرية مقياسا وأداة لحكم الدولة وكان العنف والإكراه من وسائل إخضاع الشعب وبالتالي كانت دكتاتورية الحكم البهلوي منذ البدء دكتاتورية سلطة قائمة على القوة والبطش والإكراه خاوية تماما من أي نوع من الإقتدار والشرعية اللذان يمكنان أي سلطة من الإستمرار، وخيل للبهلوية أن ما جد عليهم وما اقتنصوه حقيقة بعد تسطر الملالي حول عرشهم لخدمتهم والإنتفاع من حولهم، ونسوا نشأتهم الأولى كنسيانهم أن الملك لله الواحد القهار، وحاق بهم سوء عملهم وتجبرهم وخيالهم الخاطئ فإذا بالذي مكنهم بالأمس يقتلع الأب من كرسي اللاشرعية ويضع الإبن عليه، وكما يقال الولد على سر أبيه فسار كما سار ليقتلعه الشعب بثورة شعبية عارمة كانت أعظم شرعية شعبية بالشرق الأوسط في حينها .. نعم قد كانت أعظم شرعية شعبية في حينها إذ إمتدت متنامية بروح المرحوم الدكتور محمد مصدق وسائرة على خطاه مكرمة مسيرته ثائرة له مسددة أقوى رسالة ذعر للقوى الرجعية، لكن النخبة السياسية التي أعدمها الشاه وقمعها في دهاليز سجونه ما أدى إلى غياب هذه النخبة عن المشهد السياسي لقيادة الثورة وسمح للملالي المتطفلين المدعومين من الغرب بتسيد المشهد واقتناص الفرصة كي لا يخلو مقعد مشروع الدكتاتورية في إيران خاصة بعد مجيئ كبيرهم متكئاً على أكتاف الفرنسيين مستعدا لإتمام مسيرة من سبقه لتتوالى الكوارث والمصائب على الشعب الإيراني وشعوب ودول المنطقة إلى اللحظات التي نعيشها الآن، وقد تستمر وفقاً للمخططات الحالية لملالي طهران مع دعم تيار الإسترضاء في الغرب المتناغم معها بشأن إخراج حالة الزواج السري بين البهلوية والملالي إلى العلن بإشراك ابن الشاه المخلوع في السلطة علما بأنه لن يكون أكثر من صورة على حائط آيل للسقوط ظانين أنهم بذلك قد يتمكنون من القضاء على الثورة الإيرانية الجارية والقائمة إمتداداً لثورة فبراير العظيمة.. وتلك هي الحقائق التي يجب أن يدركها ويؤمن بها الجميع في إيران والشرق الأوسط والعالم.

يدرك ابن الشاه المخلوع في قرارة نفسه تماما تماما بأنه ليس الآن سوى مواطنا أمريكيا من أصل إيراني يرث ميراثا عظيما في شكلين أحدهم وهم والآخر حقيقة، والوهم أنه وريثاً لسلطة حكم عائلته التي بينا أنها كانت حدثاً طارئً بالصدفة وبقوة الغير ودون اقتدار واستمرت بسلطة (البغي والإكراه) وهما قاسمان مشتركان بينها وبين الملالي، أما الحقيقة فهي أنه أي ابن الشاه وريث تركة من السوء بمالها وسيرتها ..مالها الذي هو مقدرات شعب مسروقة وسيرتها التي تحمل أوزارا من دماء مسفوكة بالباطل لم تسترد حقوقها حتى الآن ولا زال أولياء الدم أحياءا يرزقون.، هذا بالإضافة إلى السجل الأسود لمنظمة سافاك الشاه الإجرامية الدموية والظلم الذي لا تزال آثاره في المجتمع والسجون قائمة ولا زال الملالي خلفائهم مستمرون على النهج لإكمال مسيرة الدكتاتورية الشاهنشاهية المقبورة، فأي تركة وأي ميراث يتكلم عنه ابن الشاه فكل التركة التي لديه غير شرعية .. والشيئ الشرعي الوحيد الذي لدى ابن الشاه المخلوع الآن ويجب أن يحافظ عليه وكذلك يشكر الله عليه هو أنه نصف مواطن أمريكي من أصل نصف إيراني .. ووصف نصف المواطنة وارد حيث لم يؤدي خدمة العلم بالجيش الإيراني ومن الممكن أنه لم يؤدي خدمة العلم في الجيش الأمريكي أيضا.

يوحي الجانب الأهم في تحركات ابن الشاه المخلوع بأنه يتحرك مُوَجهٌ وفق مخططات ليست من صنعه ولا من رؤيته ولا ناقة له فيها ولا جمل لكنه على أمل أن يكون له، وكذلك مُدركاً بداخله أنه لا شرعية له داخل إيران، ونستدل على ذلك بقوله في مقابلة تليفزيونية معه ما فحواه :(إننا إذا ما أردنا التفاوض مع العالم بشأن مستقبل الشعب الإيراني فإننا بحاجة إلى توكيلات من الشعب من السجناء السياسيين ومن القوى السياسية و...) ولا يمكنه الحصول على تلك التوكيلات إلا في حالة واحدة وهي أن يعمل الملالي بكلا تياريه الإحتيالي الإنبطاحي والبربري على توفير ذلك له وفقاً لمخططاتهم وتعاون الغرب معهم في محاولة تسوء من خلالها وجوه الغرب وأكبر مكسب يمكن أن تحققه هذه الحاولة هي مجرد تأخير سقوط الملالي وحملهم وتاريخهم وسجلهم الأسودين إلى محاكم الشعب.

 في هذه الحياة ثوابت لا يمكن تخطيها مهما بلغت قدرة البشرية أوجها وهي أن الملك لله وأن الشرعية الحقيقية التي يقوم عليها أي حكم هي العدل القائم على الشرعية الشعبية وسلطة الشعب.. والثورة الشعبية الوطنية الإيرانية الجارية هي ثورة من أجل إقرار سلطة الشعب وباتت بشرعيتها وشرعية مقاومتها في الداخل والخارج تقترب من تحقيق أهدافها المشروعة التي ستحقق لإيران وشعبها الرخاء والإزدهار ولدول وشعوب المنطقة الأمن والسلام والاستقرار.

موسى المعاني / وزير أردني سابق