عائشة الحسنات تكتب:

دور المرأة في القيادة السياسية (2-2)

لا تزال المرأة تعيش منعدمة الحقوق والكرامة في بعض البلدان ومنها إيران حيث  يستخدم النظام الإسلام كوسيلة وأداة سياسية لأجل بلوغ الغايات، كذلك ينظر النظام للمرأة ويعاملها كإنسان من الدرجة الثانية وهو سلوك استعبادي مهين يتنافى مع الإدعاء بالإسلام الذي كرم المرأة جاعلا الجنة تحت أقدام الأمهات، كما يتعارض هذا النهج مع الإدعاء بالولاء  للرسول وآل بيته الطيبين الطاهرين إذ يوصي الرسول بالنساء خيرا.

وسواء تعلق الأمر بتعاطي النظام الإيراني أو غيره فإنه كيف يكون المرء حرا وأمه وأخته وزوجته وابنته مستعبدة أو مضطهدة أو مهانة أو يعاملونها كإنسانة من الدرجة الثانية إنه قمة التردي والانحدار الإجتماعي والسياسي الذي لن يقود إلى أي نهضة واستقرار وازدهار بل إلى قتل القيم والخروج عن صلب العقائد والتخلف والرجعية، والتدهور على كافة الأصعدة.

وفيما تستخدم دولا محدودة الموارد كالأردن كل طاقاته من أجل حماية الدستور وتنمية الفرد والمجتمع والدعوة إلى نهضة المرأة وضرورة مشاركتها الواسعة والشباب في العملية السياسية؛ تقوم دولا أخرى متعددة الموارد والقدرات كإيران باستضعاف الشعب ومعاداة النساء والفتيات والزج بكل من يخالف النظام الرأي في السجون حتى ولو كان على حق، وفي هكذا أنظمة يفسر الرأي المعارض لنهج النظام كخيانة وطنية،  ومن يطالب بتحسين مستوى المعيشة المتردي يكون مخلا بالأمن الوطني أما النظام فيحيي ويميت كما يشاء ويسخر مقدرات الشعب في إثارة الفتن والحروب وصناعة أسلحة الدمار الشامل وزعزعة أمن الدول وتصدير الإرهاب دون أدنى حرج أو إكتراث، وبدلا من أن تكون إيران من أكثر الدول في المنطقة نموا وتقدما ورفاهاً باتت من أتعس الدول وأكثرها بؤسا ودماراً.

ما يبعث على الأمل في إيران هو نهضة المرأة الإيرانية في وجه الظلم والبغي والاستعداد وقد كان للمرأة دورها الهام في مواجهة دكتاتورية الشاه وإسقاطها والتنبؤ المسبق لما قد يكون عليه حال إيران على يد نظام من الواضح في حينها أنه جاء متمما لمنظومة الشاه الإستبدادية وتكمن خطورته في ادعائه وتستره بالدين لذا كانت المرأة الإيرانية المسلمة له بالمرصاد وكان لها ولا يزال دورٌ سيخلده التاريخ خاصة دور نساء مجاهدي خلق المحجبات اللائي خرجن في مظاهرات بطهران في حينها يرفض الحجاب بالإكراه، وفي ثورة ٢٠٢٢/٢٠٢٣ التي أراد النظام الإيراني تشويهها وتقزيمها بوصفها ثورة ضد الحجاب فتخرج نساء المقاومة الإيرانية المحجبات فيصححن المسار ويسقطن المؤامرات المحاكة ضد ثورة الشعب،   وعندما خرجت السيدة مريم رجوي تعزي ذوي الفتاة الكردية المغدورة مهسا أميني وتستنهض عزائم الشعب الإيراني للنهوض في وجه الظلم والاستبداد فإنها بذلك تجسد دور المرأة في القيادة السياسية، وعندما تخرج وتقول لا حجاب بالإكراه ولا ملابس بالإكراه ولا دين بالإكراه مسترشدة بالإسلام المحمدي الحنيف فإنها بذلك لا تجسد دور المرأة في القيادة السياسية فحسب وهي القائدة لأكبر كيان سياسي إيراني معارض عميق الجذور بل تجسد هنا ما هو أبعد من ذلك وهو الرشد في القيادة السياسية؛ الرشد الذي يواجه ويناضل على عدة جبهات وفي شتى الميادين ولا سلاح له سوى إرادة صلبة لا تلين واستعداد تام للتضحية والفداء من أجل وطنهن وقيمهن وعقيدتهن، ولقد كان للمرأة الإيرانية الدور الريادي الأول في قيادة الثورة الوطنية الإيرانية الجارية واستمرار وحماية مسارها وحشد المواقف العالمية لنصرتها. 

من الصور الجميلة التي تستحق الإشادة والتقدير أن المرأة الإيرانية السياسية القائدة في أشرف والمقاومة الإيرانية هي أنهن أصبحن قدوة للمرأة في كل مكان بالعالم وبتن يحملن على عاتقهن اليوم هموم قضية نهضة وتحرر المرأة في إيران وكافة أرجاء العالم، ومما يثير الإعجاب بهذه المرأة السياسية القائدة هو ما طرحته وتهدت به أمام العالم من رؤية وأرضية ناضجة لتقوم عليها الدولة الإيرانية المستقبلية وهي على النحو التالي :

1. لا لولاية الفقيه. نعم لحكم الشعب في جمهورية تعددية بأصوات حرة للشعب.

2. حرية التعبير وحرية الأحزاب وحرية التجمع وحرية الصحافة وحریة الفضاء السيبراني.، تفكيك قوات ميليشيا الحرس، وقوة القدس الإرهابية، وعصابات النظام، وقوة البسيج، ووزارة المخابرات، ومجلس الثورة الثقافية، وجميع الدوريات والمؤسسات القمعية في المدن والقرى وفي المدارس والجامعات والدوائر والمصانع.

3. ضمان الحريات والحقوق الفردية والاجتماعية وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وحلّ أجهزة الرقابة وتفتيش المعتقدات، ومقاضاة المسؤولين عن مجزرة السجناء السياسيين، وحظر التعذيب وإلغاء عقوبة الإعدام.

4. الفصل بين الدين والحكومة، والعمل بمبدأ حرية الأديان والمذاهب.

5. المساواة الكاملة بين المرأة والرجل في الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ومشاركة المرأة المتساوية مع الرجل في القيادة السياسية، وإلغاء جميع أشكال التمييز، والحق في حرية اختيار الملبس، والزواج، والطلاق، والتعليم والعمل. وحظر استغلال المرأة تحت أي ذریعة.

6.استقلال السلطة القضائية ونظام قضاء مستقل، وفقاً للمعايير الدولية القائمة على مبدأ البراءة، والحق في الدفاع، والحق في المقاضاة، والحق في التمتع بمحاكمة علنية، والاستقلال الكامل للقضاة. وإلغاء قوانين نظام الملالي "الشرعیة" ومحاكم الثورة الإسلامية.

7. الحكم الذاتي ورفع الاضطهاد المزدوج عن القوميات والإثنیات الإيرانية على غرار مشروع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لمشروع الحكم الذاتي لكردستان إيران.

8. العدالة وتكافؤ الفرص في التوظيف والأعمال والتجارة والسوق الحرّ لجميع الإيرانيين.

إحقاق حقوق العمال والفلاحين والممرضين والممرضات والموظفين والتربويين والمتقاعدين.

9. حماية وإحیاء البيئة التی تدمرت في حکم الملالي.

10. إيران غير نووية خالية من أسلحة الدمار الشامل، وتحقيق السلام والتعايش والتعاون الاقليمي والدولي.

القيادة السياسية للمرأة الإيرانية سواء في المقاومة الإيرانية أو في أشرف أو في صفوف الثوار داخل إيران قيادة مناضلة فريدة الطراز عميقة الجذور أصيلة بشرعية تمثيلها وسعة مظلتها وتنوع أطيافها صاغتها الحاجة الوطنية والنهضة من أجل إنقاذ الشعب وليست الدوافع السلطوية، ويأتي تعاظم تضحيات من عظمة قيمها وثوابتها. 

لهكذا قيادة سياسية للمرأة يكتب المجد والنصر، وبنجاح ثورتها سيكون النجاح للمرأة الحرة في كل مكان بالعالم. 

عاش نضال المرأة الحرة في كل مكان.. عاشت قيادة المرأة الإيرانية السياسية من أجل وطنها ومن ثبات واستقرار المنطقة من خلال برنامج المواد العشر الذي تطرحه وتتبناه السيدة مريم رجوي. 

معا لأجل إمرأة مناضلة وشريكة سياسية قائدة حرة.

عائشة الحسنات / نائبة برلمانية أردنية