محمد جواد الميالي يكتب لـ(اليوم الثامن):
المستقبل السياسي للعراق
يمثل تمرير قانون أنتخابات سانت ليغو من قبل البرلمان العراقي خطوة مهمة إلى الأمام في العملية الديمقراطية في البلاد، حيث يحل القانون الجديد محل النظام الإنتخابي السابق، الذي تعرض لإنتقادات من قبل الأحزاب الكلاسيكية، بسبب أفتقاده للشفافية والنزاهة، مما أدى إلى أحتجاجات واسعة النطاق وعدم الإستقرار السياسي في البلاد.
نتيجة للجدل المستمر حول قانون الدوائر المتوسطة جاء تطبيق قانون طريقة سانت ليغو كضربة للمعارضة البرلمانية المتمثلة ببعض المستقلين، طريقة (Sainte-Laguë) هي صيغة تستخدم لحساب توزيع المقاعد البرلمانية في أنظمة التمثيل النسبي الإنتخابية، حاولت الأحزاب السياسية الكلاسيكية والناشئة تطبيق هذا الأسلوب في إنتخابات مجالس المحافظات التي ستقام بتاريخ 6/11 من هذا العام، لكنها واجهت ردت فعل كبيرة من نواب مستقلين، لأنهم يعتقدون أنها سترسخ وجود الطبقة الحاكمة داخل أروقة البرلمان، لأن القانون يضمن تخصيص مقاعد للأحزاب بما يتناسب مع عدد الأصوات التي تحصل عليها، تستخدم هذه الطريقة على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم في البلدان ذات النظم الإنتخابية للتمثيل النسبي، ويرى البعض أنها عادلة وديمقراطية..
رغم ذلك، وعلى الرغم من إقرار قانون الإنتخابات الجديد، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه النظام السياسي العراقي، الذي لا يزال يعاني من الفساد وعدم المساواة الإقتصادية والتوترات الطائفية، والتي ساهمت جميعها في أستمرار الإحتجاجات والإضطرابات المدنية بشكل متقطع ضد بعض قرارات حكومة السوداني، بالإضافة إلا التفاف بعض المستقلين حول المتظاهرين، الذين يعتبرونهم قاعدتهم الجماهيرية التي ترى أن تطبيق سانت ليغو لن يعزز التنوع في مجلس المحافظة، وهم يعتقدون أن القانون الأخير يفضل الأحزاب التي لديها قواعد دعم راسخة، ولا تأخذ في الإعتبار آراء وأصوات المجموعات والمجتمعات الأصغر، لذلك فإن هناك خطوات بدأ يتخذها قادة الإحتجاجات بالتسيق فيما بينهم للنزول للشارع ورفض القانون.
كذلك لا يمكننا أن ننسى التيار الصدري، بقيادة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، أحد أكثر القوى السياسية نشاطاً في العراق في السنوات الأخيرة، الذي يدعوا في كل أربع سنوات يشارك فيها بالحكومة إلى إصلاحات واسعة النطاق وإجراءات لمكافحة الفساد، والتي تلاقي صدى واسع من جماهيره وبعض المحتجين الذين يشعرون بأنهم محرومون من النظام السياسي الحالي، لكن بعض المصادر تقول أن الصدريون موافقون على قانون سانت ليغو، رغم ما يشاع من رفض على مواقع التواصل الاجتماعي؟!
ليس من الواضح ما هي الخطوات المقبلة للمتظاهرين والتيار الصدري، لكن من المرجح أنهم سيستمرون في الضغط من أجل إصلاحات سياسية وإقتصادية.. تتناسب مع ما يطمحون اليه، يبقى أن نرى ما إذا كانوا سينجحون في تحقيق أهدافهم أم لا.
في نهاية المطاف، فإن القرار بشأن النظام الإنتخابي الذي تم إقراره لإنتخابات مجالس المحافظات العراقية، فإن مدى نزاهته والشفافية تقع على عاتق الحكومة والمفوضية الإنتخابية التابعة لها، أما مدى ملائمته لأصوات المحتجين والمجتمعات الصغيرة، فإن صاحب التنظيم الصحيح سيكون مالك لحصة الأسد في أي إنتخابات و بأي قانون كان، لذلك على الجميع الآن أن يعد العدة لخوض غمار المعركة القادمة، ويبقى إصدار قانون الإنتخابات الجديد هو خطوة إيجابية نحو نظام سياسي أكثر شمولاً وديمقراطية في العراق.