عائشة الحسنات تكتب لـ(اليوم الثامن):
مآسي المرأة في الشرق الأوسط بين فكر الضلال المُصَدرِ ومساعي الخلاص
صور ومآسي للمرأة والشعوب في الشرق الأوسط صنعها أولئك الباغون الذين يخططون لتحرير القدس، وبدلا منها احتلوا أربعة عواصم عربية ونكلوا بأهلها وفتتوا مجتمعاتها ونهبوا ثرواتها وخيراتها وحطموا تراثها وتاريخها.. وهكذا حرروا القدس ببغيهم...
ماذا فعل خلفاء الشاه في إيران والشرق الأوسط .. في لبنان النور الذي ساده الظلام والبؤس والدمار والتردي والموت والحزن وأخيرا التشرد حيث باتوا يركبون قوارب الموت فراراً من موتٍ مُهين إلى مغامرةٍ؛ تنتهي في أغلبها أيضا بموتٍ فجيع، وهكذا هو حال المرأة اللبنانية مفجوعة على حالها وعلى أبنائها الذين بين يديها وأولئك الذين تلقفتهم الغربة أو وطرق المغامرات المميتة، وفي العراق العريق عراق الخير والتاريخ الذي يسرح ويمرح فيه الموت والدمار والفقر والتشرد إذ تشرد في داخله الملايين من أهله وغيرهم، وهرب إلى الخارج من جحيمه القائم الملايين لا يعرفون إلى أين يقودهم المصير فبعد أن أهلكتهم الحروب المفروضة عليهم ونُهِب بلدهم وثرواتهم بعد عام 2003 يعودون فيفرضوا عليهم جحيم الطائفية والفتنة وعصابات الإرهاب المصطنعة ليفتتوا تماسكهم الإجتماعي وسيادة بلدهم ويوصلونهم إلى مفهوم اللادولة كي تكون مرتعا سهلا للشر وأهله، وبالنتيجة وفي نهاية المطاف فإن حال المرأة العراقية التي من المفترض أن تكون من المُنعمات هو من سيئ إلى أسوأ ومن قهر إلى قهر ولا داعي لسرد صور المآسي الموثقة للمرأة العراقية في كل نواحي الحياة والوجود، كما حطموا ولم يبقوا من تاريخ العراق شيئا كي لا يقال له عراق المجد والتاريخ لكنه سيبقى عراق المجد والتاريخ مهما صنعوا، وكان أملهم عزل العراق عن أمته المجيدة لكنهم لم ولن يُفلِحوا، أما حال المرأة السورية التي كانت آمنة مستقرة فهو غني عن التعريف ولا يخفى على أحد في بلدٍ شُرِد منه أكثر من نصف أهله وتحول نصفه إلى إطلال موحشة مبكية وهلك اقتصاده وفقد أمنه وأمانه وفي غياب أمنه وأمانه سادته شراذم الشر تفرضه على من شاء ومن أبى وقد بات شرهم عابراً للحدود محملا بالسلاح والمخدرات مهددين أمننا واقتصادنا وموجعين قلوب النساء والأمهات على ذويهم وأبنائهم ما بين شهيد واجب وسجين مغرر به بسبب المخدرات ومفلس نهبت المخدرات ماله فأوجعت عائلته، وعودة إلى سوريا برأيكم ما هو حال المرأة السورية التي هي كادحة من الأساس ما هو حالها الآن ولن نقول لقارئ العربية تخيل الموقف واستنتج فالموقف مرسوم ومنشور ومشروح وغني عن التعريف، وماذا عن المرأة في طامة اليمن السعيد الكبرى إذ لم يعد سعيداً أبدا وباتت له الصومال على حالها الضعيفُ مأوىً وملجأُ.. ماذا عن اليمن الدولة التي نزعت سيادتها ووجودها نزوة جماعة مارقة فحطمته وأهلكت شعبه وهددت وأضرت بالجوار وأدخلته في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وتقع تبعات كل ذلك على المرأة في اليمن وصور آلامها ونكباتها لا تحصى ولا تُعد ...، وبعد كل تلك المصائب يتحدث صناعها الباغون الحمقى عن أساطيرهم الملحمية خارج الكوكب من أجل تحرير القدس .. أي تحرير هذا الذي ألغيتموه حتى في الأحلام بعد بغيكم وعدوانكم فأهديتم للمحتل هدية لم يكن ليحلم بها في أعمق حالات نومه وخدره
يصنعون الهلاك والموت لنا ؛ ونناضل والأمل سلاحنا، ونمضي بالأمل نحو غد مشرق والرُشد طريقنا وإخوتنا ورعاة مسيرتنا خير سند لنا فلكل مسيرة سندٍ وخصم وعدو، ومسيرتنا مسيرة ديمقراطية وعدل ونهضة تمضي بالرقي من أجل شعبها وأمتيها.
وهنا .. وللوقوف على الحقائق ليعلم القاصي والداني بأننا أمة وعي وكتاب لها هويتها وتاريخها المُشرف ونهجها الفكري وتلك ملكية لها قداستها سواء من حيث العقيدة أو من حيث التراث، فماذا يدفعك وأنت كما تقول بأنك لست جزءا منا إلى تصدير ما تراه ومن إتبع هواك على أنه فكرا واجب الإتباع بالإكراه والضلال في موضع، وبالعدوان والضلال في موضع، وبالخداع والتغرير والضلال في موضع .. هل هذا من الدين في شيئ بالطبع لا، هل أصلحت من نفسك وحال رعيتك واهتديت أولا .. لا لم تفعل بل مارست الإكراه بغيت عليهم كما بغى قارون (إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين) وهكذا بغوا خلفاء الشاه على شعبهم ودولتهم وعقيدتهم وعلى دولنا وشعوبنا الآمنة وعلى عقيدتنا السمحاء وما أدق شبه البغي بين الصورتين بغي الأمس وبغي اليوم، وقد بغوا على المرأة في إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن، وكما لم يمضي بغي قارون دون حساب لن يمضي بغيهم دون حساب وها هي المرأة الإيرانية تنتفض وتقود ثورة وطنية موفقة منذ سبعة أشهر مستمرة بحماس رغم الموت والقمع الدموي والسجن التعسفي والإختفاءات القسرية والأحكام الجائرة والتعذيب وسياسة الإسترضاء والمواقف الدولية غير المرجوة وغير المنصفة بحق الشرعية الدولية.
إننا أمة هادية مهتدية حرة .. وأهل عزةٍ وكرامة وإباء وعلى فكر قويم ورأي سديد ولسنا على ضلال حتى تصدروا لنا فكركم وما تحملون، ولا نحتاج من يقومنا ولا نقبل بأن يصدر لنا قارون فكرا إن امتلكه أو إرهابه وسلاحه ومخدراته، وإننا نرفضه وفكره ونتصدى له وسنستمر في ذلك دفاعاً عن أنفسنا وشرعيتنا، فالمدرك الرشيد لا يصدر فكرا ولا غيره لدول وشعوب ذات سيادة وخصوصية لأن ذلك تعدٍ سافر صارخ (والله لا يحب المعتدين).
إن إنتصار المرأة الإيرانية وثورتها ومقاومتها أمل لا ترتقبه المرأة الإيرانية فحسب بل ترتقبه نساء وشعوب دول المنطقة الذين اكتووا بنار وجحيم نفس الحداد المعتدي، وتغيير مستقبل إيران ووضع المرأة فيها ومستقبل دول وشعوب المنطقة مرهون بنجاح هذه الثورة المظفرة.
عائشة الحسنات / نائبة برلمانية أردنية