عائشة الحسنات تكتب لـ(اليوم الثامن):
عندما تكون المرأة مفتاح الخلاص
عندما تقاتل المرأة في قلب الميدان من أجل انتماءاتها وحقوقها فإنها تكون أشرس المقاتلين وأشدهم بأساً وأكثرهم تضحية وإيثاراً، ولنا معشر النساء في نسيبة بنت كعب التي قاتلت مع الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في غزوة أُحد وحملت سيفها ووقفت تداع عن الرسول هي وزوجها زيد بن عاصم وولديها عبدالله وحبيب حين ابتعد عنه المقاتلون واستشهدت ودعى لها الرسول بأن تكون من رفاقه في جنة الخلد، وفي خولة بنت الأزور التي حررت نفسها والأسيرات اللائي كن معها في قبضة أسر الروم ثم حررت أخاها من الأسر قدوة حسنة.
عندما تكون المرأة العربية في الأردن وغيرها من الدول العربية شريكة في النهضة والبناء شراكة كاملة تليق بمكانتها كأم وأخت وزوجة ومربية ومعلمة ومفكرة وشريكة فإن ذلك أمر يبعث على الارتياح ويحمل الأنفس بطيب الآمال وضمان نجاح مسيرة النهضة والنصر في المواجهة والاطمئنان على المستقبل، ويدفعنا نحو المباركة والدعم والمؤازرة.
لكن عندما نجد أن المرأة من حولنا في سوريا والعراق ولبنان واليمن وإيران مضطهدة ومظلومة ومهددة في كرامتها وحياتها وتعليمها مقيدة مستعبدة بلا آمال وطموح، وقد استهلكها البعدين السياسي والإجتماعي فإننا أمام مأساة كبيرة تستوجب العمل بجد وكثافة على كافة الأصعدة بدءا من الدعم الفكري والثقافي وصولا إلى تحريرها من قيودها وتمكينها التام في كافة نواحي الحياة.
للدخول إلى معالجة مآسي وقضايا المرأة في المنطقة لابد معالجة الجذور الأساسية المسببة والتي منبعها إيران في حقبتيها الشاهنشاهية البائدة والحقبة المستخلفة الحالية القائمة التي يسودها القمع والقتل والسجن والإعدام التعسفيين لخصوم الرأي الذين لا يجوز اعتقالهم وتعذيبهم كما يجري تحت مظلة النظام الاستبدادي الشمولي في إيران حيث يتعرض المجتمع على تنوعه واختلاف مكوناته إلى شتى صنوف القمع والظلم الموزع على الجميع والعنصرية التي تطال الجميع حيث لا يعترف هذا النظام بأحد حوله سوى الموالين له فقط سواء كان ذلك في إيران أو العراق أو سوريا أو لبنان أو اليمن والبحرين والسعودية، وتتعرض المرأة الإيرانية إلى شتى صنوف القمع والاضطهاد وتم تسويق النهج الاستبدادي ضد المرأة الإيرانية إلى دول المنطقة كجزء من ذلك الذي يسمونه بتصدير الثورة؛ وقد عرفنا الثورة فكراً سامياً وسلوكاً راقياً وأهدافاً جميلة نبيلة.
يتم استهداف المرأة الإيرانية اليوم كونها تمثل رأس الحربة في مشروع تحرير المجتمع من قيود الإستعباد والاستبداد ووطأة الفقر والجوع والفساد والإفساد فالجوع المؤدي إلى فساد هو نتيجة إفساد والجوع والعوز المؤدي إلى جريمة هو نتاج الإفساد والتعاظم غير المشروع لثروات من في السلطة هم وواجهاتهم.. وعادة ما تكون تخمة أرباب السلطة على حساب المال العام وبسطاء الشعب، وقد بلغ استهداف المرأة حدا مشيناً وصل إلى المساس بالكرامة والأعراض وخطف الطالبات من مهاجعهن واقتيادهن إلى السجون أو إلى جهات غير معلومة أو فصلهن ظلماً من الدراسة أو تعليق دراستهن ونفيهن دراسيا في أماكن بعيدة عن مسقط رأسهن ومقاعد الدراسة التي تأقلمن فيها، والأكثر إيلاماً هو التسميم الموجه ضد فتيات المدارس من خلال الهجمات الكيميائية التي عمت أرجاء إيران بحسب ما ذكرته مراجع دولية معنية، وأما الألم والاستهجان في آن واحد هو أن يتم اعتقال جدة عمرها 68 عاماً لدفاعها عن حفيدتها، أو يتم اعتقال رجل طاعنٌ في السن بعمر 80 عاماً هو وابنته لمساعدتهما لفتاة إثر تعرضها للضرب المبرح في مظاهرات قمعتها القوى القمعية بإفراط، في أجواء بات القمع فيها من الثوابت التي لا تعرف القيم في حين أن شعارات الدين قد ملأت الآفاق ضجيجاً لكنها تهاوت في أعين الناس نتيجة التناقض بين الحقيقة والممارسة.
عندما تكون المرأة مفتاحاً للخلاص غير آبهة بالقمع والموت والتعسف فإن النصر قادمٌ لا محالة، وعندما المرأة في المقاومة الإيرانية مثالاً ناصعا للعزة والكرامة والشرف وتحظى بقبول عالمي واسع وذات رؤية سياسية وفكرية واجتماعية تقدمية بالرغم من المعوقات التي لا حصر لها ولا عد فإن النصر لا محالة قادمٌ، وعندما يتحقق نصر ثورة المرأة في إيران تكون قد زالت الأسباب أو المسببات التي تحدثنا آنفاً ونكون قد وصلنا إلى تحرير مجتمعاتنا منها ومن تبعاتها لتنعم مجتمعاتها بالأمان ونحمل مستقبلنا بطيب الآمال.
لا نرى أزماتنا في المنطقة بمعزل عن بعضها البعض فهي مترابطة، ولا نرى الخلاص في موضع بمعزل عن المواضع الأخرى لطالما المسببات واحدة.
عائشة الحسنات / نائبة برلمانية أردنية