د. محمد الموسوي يكتب لـ(اليوم الثامن):
المسؤولية عن قتل وتسميم ملالي الشؤم لبنات وأبناء الشعب الإيراني مسؤولية جماعية
الملالي في إيران يكرهون الإناث.. يقتلون الإناث.. مرعوبون من الإناث.. يسممون الإناث
يُقال والعهدة على الراوي وأود أن أصدق ذلك اليوم بأننا لم نعد نعيش في هذا العالم بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية كعالم منفلت لا ضوابط فيه ولا تحكم العلاقات الدولية فيه قيم وقوانين وثوابت حتى يفعل كل دولة أو نظام أو كيان أو حلف ما يحلو له، فهناك ما تُسمى بالأمم المتحدة، وهناك مجلس الأمن الدولي، وهناك محكمة العدل الدولية، وهناك المحكمة الجنائية الدولية، وهناك مؤسسات أممية أخرى منبثقة من الأمم المتحدة أو شريكة أو نظيرة لها، ومن المفترض أن كل ذلك يخلق مساحة سليمة للتعايش السلمي والقانوني المنضبط بين الدول والبشر في هذا العالم وخاصة الدول والكيانات الأعضاء في المجتمع الدولي والتي أقرت بمواثيقه وانضوت تحت مظلته، كذلك من المفترض أن يخلق ذلك كوناً بشرياً خالياً نسبياً من الحروب والأزمات استناداً لما قامت لأجله الأمم المتحدة ومؤسساتها الفرعية والشريكة وقريناتها المماثلة؛ إلا أن الحقيقة غير ذلك تماما فقد كان العالم قبل قيام الأمم المتحدة عالماً قائما التكتلات المتحالفة مع بعضها البعض والمتربصة ببعضها البعض في الوقت في إطارٍ ما يسميه البعض بالنظام الدولي الذي أسسه الأوروبيون الكبار، ولا زال الوضع قائماً على حاله وانتقل بعد قيام الأمم المتحدة أيضا إلى الصورة ذاتها قبل نشوب الحربين العالميتين إذ باتت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي مظلة عالمية في مفهومها ومواثيقها وفي واقعها مظلة للكبار ومنصة للتكتلات التي تنظم الأمور وتدفع بها ضمن مخططات ومصالح الكبار، تلك المصالح التي لا تعرف لا قيماً ولا ضوابط ولا قوانين ولها مبرراتها الخاصة، كما أن هؤلاء الكبار وعمالهم من أفراد ومؤسسات ودولٍ وأنظمة معفيين من تبعات الوقوع تحت طائلة القوانين والأعراف الدولية وهكذا كان حال نظام الشاه المخلوع في إيران وخليفته نظام الملالي وبعض الكيانات الأنظمة والكيانات في هذا العالم من المحسوبين على ما يسمونه بالنظام العالمي النظام الذي تحكمه سلطة رأس المال وطموحه الذي يرى في كل ما هو موجود على هذا الكون مادة ووسيلة لنموه وتوسعه وحماية وجوده.
نظام الملالي المتسلط المغتصب لسلطة الشعب في إيران إحدى الأدوات والدمى في هذا النظام العالمي كسلفه نظام الشاه، وقد تغاضت المؤسسات الدولية بكافة صورها وأشكالها عن جرائم وانتهاكات نظام الشاه الدكتاتوري في حينه وهكذا تفعل اليوم مع دكتاتورية الملالي التي فاق طغيانها وانتهاكاتها كل التصورات وتجاوزت كل القوانين والقيم والأعراف وكل ما يصدر عن تلك المؤسسات الدولية لا يتخطى تصريحات مدينة بخجل أو قرارات حتى وإن كانت صارمة تراعي في الوقت ذاته عدم المساس بتمكن النظام من السلطة.
مجازر إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية صنفها النظام الدولي بـ إنتهاكات صارخة
كانت مواقف النظام الدولي على مدار ما يقرب من مائة عام في إيران على نمط ووتيرة واحدة وهي عملية دعم السلطة المتحكمة على قبحها ومهما كان حجمه لطالما تلبي المصالح وتنقاد لقوى رأس المال العالمي، ولم تكن ثورة عام 1979 في إيران ثورة عابثة ولم تأتي من فراغ وقامت بعد أن طفح الكيل وبلغ مبلغاً يدفع بالشعب الأعزل إلى الوقوف أمام قوى الطغيان العاتية المدججة بالسلاح الحربي، وإلى اليوم وبعد 44 سنة لا زالت تلك الثورة تغلي في دماء الأباء والأبناء والأحفاد الأحرار داخل وخارج إيران والقمع هو القمع والقتل هو القتل والإضطهاد والتعذيب والإعدامات وانتهاكات حقوق الإنسان هي نفسها وباتت أكثر تعاظماً وإمعاناً والموقف الدولي هو نفس الموقف .. بعد 44 سنة لا يزال النظام الدولي يسمي مجزرة سنة 1988 التي أباد الملالي فيها أكثر من 30 ألف سجين سياسي أمضى بعضهم محكوميته بالسجن وعلى وشك الإفراج عنه بحسب القانون المزعوم ويقضي بقيتهم أحكاما بالسجن لكن فتوى بالإبادة شملتهم جميعا يسميها النظام العالمي بإنتهاكات وإن أنصف أسماها بإنتهاكات صارخة؛ لقد قضوا نحبهم أمام مرأى ومسمع العالم .. والعالم ذاته اليوم وبعد أن تحرى الدقة وتحقق وأكتشف أنها جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية لا يزال مراعياً لسلامة الملالي وبقائه على سدة الطغيان ولا بأس إن سقطت حقوق الإنسان وتبعتها الشرعية الدولية في إيران.
الإنتفاضاة الإيرانية على خطى الثوار وثورة 1970
تأججت الإنتفاضة الإيرانية على خطى ومسار ثورة الشعب الإيراني وقواه الحرة ثورة فبراير 1979 ولا زالت قائمة ولن تنطفئ شعلتها لطالما أصحاب الحق قائمون ومنظمون يديرون معركتهم النضالية في الداخل والخارج، لكن المؤسف أيضا هو كيل ذلك النظام الدولي بألف مكيال مع القيم والأعراف والقوانين الدولية خاصة القيم المتعلقة بالحريات وحقوق الإنسان حيث تم التغاضي عن عشرات جرائم قتل الأطفال والنساء، والإعدامات والتعذيب داخل السجون، والعفو القبيح الذي أصدره النظام لإكتظاظ السجون وعجزه عن إدارتها فعفى عن بعض سجناء الرأي ليكبلهم بالأصفاد سجناء في بيوتهم وتحت الرقابة وآخرين أكرهوهم على كتابة وثائق إدانة بحق أنفسهم شريطة الإفراج عنهم حتى إذا ارتكبوا مخالفة بسيطة تقع عليهم أشد وأقسى العقوبات.
بعد إستخدام ما يسمى بـ الحرس الثوري في إيران وقوات الأمن والشرطة والوحدات الخاصة الذخيرة الحربية في مواجهة المنتفضين العزل وإراقة دمائهم على أرض الشارع بالإضافة إلى الجرائم والإنتهاكات سالفة الذكر كان لابد من موقف دولي نقي وصادق لكنه لم يحدث وبدلا من أن يصادق الإتحاد الأوروبي على شرعيته وهي البرلمان الأوروبي بوضع وتصنيف الحرس ككيان إرهابي على قائمة الإتحاد الأوروبي رفضوا وضع الحرس على القائمة.، ومع الأسف لا يزال الرواي يروي قصة وجود الشرعية الدولية.
من أمِنَ العقاب أساء الأدب والتهاون والمهادنة جزءاً من الجريمة
بعد فشل نظام الملالي ..نظام الجهل والجريمة في إيران في قمع الإنتفاضة ودحر النساء الثائرات ووحدات المقاومة لم يصبح أمامه سوى ابتكار طرق إنتقامية جديدة من المرأة الإيرانية خاصة بعد أن رأى بأنه في مأمن من العقاب الدولي طيلة 44 سنة من إبادة الحرث والنسل، وبعد أن رفض الأوروبيون وضع حرس الملالي الإرهابي على قائمة الإرهاب شرعوا في القيام بتشريعات جديدة أشد إجراما وقبحاً، وهجمات كيميائية تكتيكية محدودة على مدارس الفتيات فقط في عشرات المدن ومئات المدارس وبوتيرة تصاعدية حتى عجت المستشفيات بالضحايا وارتبك النظام نفسه وتضاربت تصريحاته الكاذبة من لسان رأس إلى آخر من رؤوس النظام، وضج إعلام النظام تارة فاضحاً وتارة محاولا الستر لكنه وكما يقول المثل (بدلا ما كحلها عماها) ولم يعميها فقط بل أعماها، فتارة متطرفون أرتكبوا جرائم التسميم الكيميائي لمنع الفتيات من الذهاب إلى المدارس أو بالأحرى لمنع الفتيات والشابات الإيرانيات من المشاركة في الإجتجاجات الوطنية التي قصمت ظهر النظام وستهوي به في سحيق عميق عما قريب، وتارة تدعي كائنات في مناصب بسلطة النظام أن ذلك من حيل الطالبات كي يتهربن من الإمتحانات، وتارة عمل إرهابي، وتارة إنه ليس تسمم بل ما هو إلا حالة دوار أصيبت به الطالبات من رائحة مادة صبغية يصبغون بها أرصفة الشوارع وهذا يعني أنه تمت صباغة أرصفة جميع شوارع إيران حتى تلك الشوارع غير الموجودة قد تمت صباغتها أيضا، ثم تخرج من جحرها سلطة الملالي القضائية بجلالة قدرها وتأمر بتوجيه تعميما بعدم استعمال عبارة هجمات كيميائية، ولا عبارة تسميم كيميائي، واستعمال عبارة (سوء حال ) بدلاً من ذلك وهذا أكبر دليل على عجزهم وافتضاح أمرهم وفشل أجهزتهم الأمنية في رعاية مخططاتها وهو ما دفعها إلى البحث عن أكباش فداء لجرائمهم كالعادة فاعتقلوا شابة عمرها 19 عاما، وطفلتين إحداهن بعمر الـ 16 عاما والأخرى بعمر الـ 17 عاما وهذه أعمار أطفال نسميهم في العربية بالفتيات أو الصبايا ونسب جرائم التسميم الكيميائي هذه لهن ومن لهؤلاء أن يأتين بمثل هذه المواد التي لا تستطيع أن تمتلكها وتحافظ عليها وتديرها إلا الدول والمؤسسات والجماعات الإرهابية المقتدرة، ومن قراءة الأحداث وتفاصيلها نرى أن رائحة هذا الإبداع الإجرامي تفوح من وراء ما يسمى بـ الحرس الثوري.
ونتسائل هنا لماذا لا تسمون الأمور بمسمياتها وتطرحون الحقائق كما هي... لقد فضحتكم تناقضاتكم ذلك لأن الله يريد أن يظهّر حقوق الأبرياء وتنشرون باطلكم بأيديكم.، ولماذا أيها الغرب المهادن كل هذا الإسترضاء الذي أوصل النظام بدعمكم إلى الإستخفاف بأرواح البشرية وقتل الأطفال والنساء والشباب في الشوارع والسجون ومقاصل الإعدامات، وبدعمكم اليوم يوجهون هجمات كيميائية خاصة إلى مدارس البنات في إيران؛ ومن يوم 15 أبريل ينصبون كاميرات لقمع المرأة وتركيعها وتركيع المجتمع؛ كيف تنادون بحقوق المرأة وتجعلون من دعمكم لنظام الملالي قاعدة ارتكاز لقتل واصطهاد وقمع وتعذيب وتسميم المرأة وهناك فتيات لقين حتفهن جراء الهجمات الكيميائية على المدارس، لماذا هذا الكيل المفضوح بألف مكيال.. لماذا تتسترون على جرائم قتل المرأة والتنكيل بها في إيران، عشرات الشابات أمثال مهسا (جينا) أميني قد قُتِلن بصور أبشع من جينا أميني فلماذا تم التعتيم عليهن وركزتم على قضية جينا أميني لتكون غطاءاً على جرائم النظام الشنيعة الأخرى وبذلك تجعلون أن مقتل جينا مجرد حادث فردي ومضى وليس نهجا سلطويا متبع لدى ضد النساء.. تحملكم سياسة الإسترضاء التي تتبعونها الشراكة في مسؤولية كل ما حدث ويحدث على يد النظام الإيراني.
إحتمالية إمتلاك نظام الملالي لأسلحة كيميائيّة وبيولوجية
تشير الهجمات الكيميائية التكتيكية الموجهة والواسعة النطاق ضد مدارس البنات في جميع أنحاء إيران إلى وجود أسلحة وتقنية كيميائية في إيران وقد يكون ذلك منذ عقد الثمنينيات من القرن الماضي، وقد امتلكت جماعة أنصار الإسلام التي كانت بشمال العراق وانسحبت منه إلى الإراضي الإيرانية في نهاية عقد التسعينيات من القرن الماضي وقد تسببت حينها في قتل ودمار كبير في أوساط أكراد العراق، كذلك من يمتلك هذه التقنية الكيميائية والصاروخية لا يُستبعد أن يمتلك قدرات بيولوجية وهذا ما يهدد أمن وسلامة الشعب الإيراني ودول وشعوب المنطقة.
رسالة
رسالتنا إلى أحرار هذا العالم .. إن مسؤولية الدفاع عن المرأة في العالم وفي إيران ودول الشرق الأوسط مسؤولية جماعية وواجبة على كل حر تقدمي في هذا العالم، ولن نكون بصمتنا متقاعسين عن نصرة المرأة في إيران وإنقاذ الفتيات الإيرانيات من الهلاك بالسموم والغازات الكيميائية والحرمان من الحق في التعليم والحق في الحياة.. معا لنصرة المرأة في إيران والعراق وسوريا واليمن وفلسطين وكل مكان.
د.محمد حسين الموسوي (د.محمد الموسوي) / كاتب عراقي