محمد عبدالحميد يكتب لـ(اليوم الثامن):

بشائر واحتمالات واستحالة تجاوب المليشيات مع مبادرة احلال السلام

عدن

لا يختلف اثنان بشان نقض الحوثيين للعهود والاتفاقات وعدم التزامها بالقوانين والاعراف اليمنية والدولية منذ نشأتها وحتى اللحظة وهذه حقائق مسلم بها وليس فيها ادنى مجال للشك.

دعونا نخوض في الحديث عن الاحتمالات المتوقعة والخطوات التي اتوقع ان تقوم بها مليشيا الحوثي الارهابية في حال وقعت على مبادرة السلام العمانية السعودية لانهاء الحرب في اليمن واحلال السلام بعد ان وصلت الاطراف المتحاربة الى تعادل سلبي لم يتمخض عنه حسم نهائي ينهي الصراع لصالح اي منهم

الاحتمال الاول ان مليشيا الحوثي تريد استغلال كل المغريات المقدمة من قبل الوسيطين العماني والسعودي والمتمثلة بصرف رواتب كافة الموظفين لتسع سنوات دفعة واحدة وهذه الخطوة ستنعش الاقتصاد وتعود بالنفع على الملايين وتريد المليشيا ان تقنع الراي العام في مناطق سيطرتها بان صبرهم عليها طيلة سنوات انقطاع الرواتب قد اتت ثماره بفضل قوة موقف المليشيا التفاوضي الناتج عن انتصارها العسكري وبناءا على ذلك فانها من خلال هذا الانجاز تلمع نفسها امام موظفي الدولة للاستفادة من ولائهم مستقبلا بعد اي اتفاق سياسي قادم حتى الذين كرهوا تجويعها خلال تسع سنوات سينسون المعاناة عندما يستلمون رواتب تسع سنوات دفعة واحدة وهناك فوائد مالية ضخمة ستجنيها المليشيا من صرف الرواتب يعلمها المحللون الاقتصاديون والخبراء 
وفور اصطياد وقطف الثمار ستنقلب على ماتبقى من خطوات احلال السلام واستعادة الدولة اليمنية

الاحتمال الثاني 
تريد المليشيات الحوثية اغتنام الهدنة ووقف الحرب للاستفادة في ترتيب اوراقها عسكريا وامنيا واقتصاديا واستيراد كل ماعجزت عن استيراده خلال فترة الحصار والتفتيش الذي كان طوال فترة الحرب واقناع اتباعها انها خرجت منتصرة وان السعودية جاءت اليها وهي خاضعة منكسرة ومعترفة بها كقوة تحكم على ارض الواقع وذلك يشكل صفعة كبيرة لكل من استبعدوا وصول الامر الى هذا الحد من الانقياد وراء شروط وضغوطات الحوثي ويعتقد الحوثي بان هذا الامر سيصيب مكونات الشرعية ومنتسبي الجيش الوطني الذي يقاتل في كل الجبهات بالاحباط والياس ويوثر سلبا على مستوى قوته واداءه وجاهزيته في المعارك في المرحلة القادمة التي سيحاول استباقها باستغلال فترة الهدنة بمحاولات اختراق ونصب مندسين وجواسيس سينشرهم كناشطين وسفراء للسلام في اتفق على حرية التنقل والحركة بين المحافظات وستكون الشرعية ملزمة بعدم ايقاف او التشكيك بنوايا اي ناشط او مراقب او منظمة ترغب في اقامة اي نشاط او تحرك ايا كان مصدرها او الهدف الخفي لها
وكعادتها في نهاية امتصاص لب مصلحتها ستنقلب بعد ذلك وتعرقل الخطوات التي تليها واعاقة تحقيق السلام ان لم يكن وفق مزاجها وخططها الجهنمية للبقاء في الحكم والسيطرة على مقدرات البلاد

الاحتمال الثالث
في حال كان تجاوب مليشيا الحوثي مع المبادرة العمانية السعودية لانهاء الحرب هذه المرة استجابة لطلب ايراني او تنفيذا لاوامر المرشد علي خامنائي بالتزامن مع عودة العلاقات السعودية الايرانية 
فانه يجدر بنا الاشارة لعدة امور يمكن اختصارها بالنقاط التالية 
النقطة الاولى سيكون استكمال تنفيذ خطوات الحل النهائي واحلال السلام في اليمن مرهون باستمرار العلاقات السعودية الايرانية وستتاثر عملية السلام في اليمن سلبا او ايجابا حسب التقارب او التنافر بين السعودية وايران
النقطة الثانية
ربما تكون ايران املت على الحوثيين اتخاذ خطوات ايجابية وابداء رغبة في التخفيف من معاناة اليمنيين وخاصة الذين صبروا على تجويع المليشيات لهم ثمان سنوات بلا رواتب وهذه النصيحة لقيت اذانا صاغية من قبل مليشيا الحوثي تحاشيا لغضب شعبي محتمل في مناطق سيطرتهم لان ثورة الجياع في ايران قبل اشهر كادت ان تطيح بنظام المرشد لولا تواطى الشرق والغرب ومصلحتهم من بقاء الشيعة في حكم ايران الذين حاربوا الاسلام وطعنوا فيه وفعلوا بالعرب والمسلمين كل ماعجز اليهود والنصارى فعله منذ الف عام
النقطة الثالثة
من خلال فتح المطارات والموانى الى كل الوجهات في العالم فان حرية انتقال قادة المليشيا وغسل اموالهم واستثمارها والاستفاده من هذه التسهيلات سيكون بامكان ايران والمليشيا وكل الاجنحة الشيعية في المنطقة بما فيهم الحوثيون التواصل والتعاون وتوطيد العلاقات اكثر والقيام بما عجزوا عن فعله في سنوات الرقابة المشددة علي تحركات الطائرات والسفن التي ظل التحالف مقيدا لها منذ انطلاق عاصفة الحزم

الاحتمال الرابع
هل تنوي مليشيا الحوثي وضع مشهيات للسلام من خلال الموافقة المبدئية ومن ثم وضع شروطها التعجيزية ووضع الغام في كل ملف من الملفات المطروحة للتفاوض وتكون بذلك حاولت كسب ود اتباعها واظهار المليشيا بانها تفكر بالسلام وتخفيف معاناة اليمنيين من باب اخلاء عهدة وتملص ليس الا واتخاذ مثل هذه الخطوة كمناورة شكلية ظاهرها التجاوب وباطنها عدم التنازل عن خطواتها اللاشرعية التي جلبت الحرب والدمار وسفكت من اجلها انهار من الدماء

(شروط ومطالب تعجيزية ستعرقل اي مبادرة)

ومن اهم الشروط التعجيزية المحتملة المطالبة باعتماد رواتب جنود وظباط المليشيا المضافين منذ العام ٢٠١٤م وحتي الان ثم اعتماد الدرجات الوظيفية التي اضافتها حكومات المليشيا وكل القرارات اللا شرعية التي اتخذتها منذ انقلابها واحتلالها صنعا وكذا اعتماد كافة القرارات والترقيات والتنقلات والتعاقدات وقرارات الفصل والازاحة وكل العبث الاداري الذي ارتكبته طيلة تسع سنوات ولا يمكن للمليشيا ان تتنازل في مثل هذه الامور لانهم اتباعها واياديها المستقبلية للاستمرار والبقاء في كل مفاصل الدولة مستقبلا 
الشرط التعجيزي والذي يعد لغما خطيرا هو مطلبها باعتماد قتلاها شهداء وطلب تعويضهم ماديا بديات وبناء المنازل التي دمرت واجبار اطراف الشرعية والدولة اليمنية القادمة اعتبارهم شهداء واعطائهم كافة الامتيازات التي تعطى للشهداء الاحرار والثوار القدامى والمتاخرين

وبدلا من تحميل مليشيا الحوثي مسؤلية تسببها بالحرب والدمار ومقتل الالاف المولفة من اليمنيين من قبل المجتمع الدولي وتخليص اليمنيين منها كونها جماعة ارهابية سلالية طائفية عرقية تجاوز ارهابها كل حدود العقل والمنطق لم نجد سوى تسابق المبعوثين والسفراء على زيارة صنعاء والاعتراف ضمنيا بها كسلطة امر واقع وهذه المبادرة خير دليل على طرق التعامل مع المليشيا الحوثي المخزية التي ماكان للاشقاء ان يجبروا على الوصول اليها لو تمت عاصفة الحزم بالخطط العسكرية المحكمة وتجنب الاخطاء والتشضيات والصراعات في صفوف الشرعية بضو اخضر من هذا الطرف او ذاك واوصلت الحكومة الشرعية الى هذا الحال

وبالمقابل اسهم بقاء نظام المليشيات بشكل موحد ومتماسك ولم يتمكن التحالف وكل اليمنيين من اسقاطة رغم وجود كافة الامكانيات لتحقيق ذلك

وبدلا من ان يشعر الحوثي بالخجل من اسر مئات الالاف الذين قادهم الى محارق الموت في الجبهات كونه لم يقدم لهم شيئا ولم يحقق اي مكسب فما يعتبره اليوم نصرا حوثيا عظيما على العطوان كما يتبجح به لرفع معنويات اتباعه الرعاع 
طالب به الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح رحمه الله قبل خمس سنوات ودعا اليه بالقول بدلا سقوط الاف القتلى والاستمرار بالحرب العبثية لابد في نهاية المطاف من ان يجلس الجميع ويتحاوروا ويصلوا الى حل حوار بين اليمنيين من جهة وحوار مع الاشقاء في الخليج تحدث وكانه ادرك ماسيحدث في وقتنا الراهن بالتفصيل واتهم حينها بالخيانة
و هاهو الحوثي اليوم يستقبل السفير السعودي بصنعاء و يتفاوض بدماء واشلاء مئات الالاف من قتلاه ويتاجر بمعاناة الملايين المتبقية من الاحياء في مناطق سيطرته والذين يفتقرون لادنى مقومات الحياة لكنه لا يهمه شي من ذلك بقدر مايهمه مشروعه السلالي الطائفي الحاقد على اليمن

وقد صرح عبد الملك الحوثي في بداية العاصفة مخاطبا اتباعه بانه لو ضحى مليون بحياتهم من اجل انتصاره فانه منجز ومكسب وفي خطاب اخر صرح بانه لن يتنازل حتى ولو طعفر باجساد اتباعه وتطايروا ذرات في الهواء فانه لن يتنازل عن مشروعه التافه المنحرف الذي شرخ النسيج المجتمعي وهدد التعايش السلمي بين اليمنيين القائم منذ الاف السنين

لقد اضاع الحوثي الف فرصة اتيحت للسلام ومايزال حتى اللحظة يفكر بطريقته المعهودة ولا اتوقع شخصيا من ياتي الخير من وجه الدبور والشؤم والحماقة