اسعد عبدالله علي يكتب لـ(اليوم الثامن):
شكل الشرق الأوسط من دون ايران
شكل قيام الثورة الاسلامية في ايران صداع مزمن للدوائر الغربية, والتي تطمح بشرق أوسط خاضع لها تماما, كما كان في زمن الشاه, فكيف بدولة مؤثرة جدا "ايران" تخرج عن السرب, وتعلن الرفض لكل مشاريع الغرب في المنطقة, حيث الموقف العلني الصريح المؤيد للقضية الفلسطينية واهمية تحرير الارض المغتصبة, ويكون موقفا حقيقيا بخطوات عملية على أرض الواقع, بدا من تحويل سفارة الكيان الصهيوني في طهران الى سفارة دولة فلسطين, الى اعلان يوم القدس العالمي بآخر يوم جمعة من شهر رمضان, وليس مجرد شعارات للاستهلاك الاعلامي كما هو حال الدول العربية.
وشعرت لحظتها القوى الغربية بالخطر الكبير على مصالحها ومخططاتها المستقبلية بشرق اوسط حسب رغباتهم, لذلك وضعت مخطط كبير لاشغال ايران في معركة جانبية تؤخرها عن ما قد تفعله في الشرق الاوسط, فدفعت ابنها في بغداد "الاحمق صدام" للانقلاب اولا على رئيسه "البكر", واجهاض مشروع الوحدة مع سوريا, ثم دفعته لشن الحرب على ايران, بذرائع واكاذيب متنوعة, وقامت بتمويل "صدام" وتجهيزه بما يحتاجه كي تستمر الحرب لأطول فترة ممكنة, وبعد 8 سنوات من الحرب أصبح "صدام" غير قادر على الاستمرار بالحرب, والهزيمة تلوح بالافق, والتي تعني هزيمة مخطط الغرب, عندها تحركت الامم المتحدة وتقرر ايقاف الحرب.
الآن دعونا نفكر كيف سيكون شكل الشرق الاوسط لو لم تكن ايران بهذه القوة وكل هذه القدرات.
الصهاينة تبتلع لبنان
في السبعينات كانت دولة لبنان تعيش حرب اهلية مزقت البلد, وكان خطر الكيان الصهيوني شديد, حيث طموح المحتل الصهيوني في توسيع أرضه, وكان يحلم بجنوب لبنان, حيث يمكن ان تمثل (جنوب لبنان) جغرافيا حماية وأمان للكيان الصهيوني, ومع حالة التفكك التي يعيشها لبنان لذلك يكون صيدا سهلا, وكان المخطط مكتمل عند الصهاينة, وتحركت جيوش الصهاينة في عام 1982 لتحتل جنوب لبنان.
وكرد فعل للتوغل الصهيوني في جنوب لبنان أنشأت ميليشيا جيش لبنان الجنوبي، للدفاع عن الوطن ضد المحتل الصهيوني, وقد برزت فكرة حزب الله بين رجال الدين اللبنانيين الذين درسوا في النجف، والذين تبنوا النموذج الذي وضعه آية الله العظمى السيد الخميني بعد الثورة الإيرانية عام 1979, واتخذ مؤسسو الحزب الاسم الذي اختاره آية الله العظمى السيد الخميني (حزب الله), هذا الكيان السياسي والعسكري وجد العون الكبير من ايران, ليستطيع لاحقا من تحرير جنوب لبنان من المحتل الصهيوني, بل اصبح يمثل خطر حقيقي لامن الكيان الصهيوني, ولولا وجود "حزب الله" لابتلع الصهاينة دولة لبنان.
فعدم وجود إيران بقيادتها ومنهجها المقاوم لخط القوى الاستكبارية يعني: توسع الكيان الصهيوني وابتلاع لبنان.
داعش تبتلع العراق
بعد ان فشلت مخططات امريكا في تحقيق أهدافها من احتلال العراق, وضعت مخطط خطير يهدف لتقسيم العراق لثلاث اقاليم, وقد نجحت امريكا في تكوين تنظيم ارهابي تحت عنوان "داعش", دخل فيه تنظيمات بقايا البعث والمقاتلين العرب والاجانب, ونجح "داعش" في اجتياح ارض واسعة من سوريا, ثم كان الاتجاه نحو العراق وبدعم امريكي, فاستطاع التنظيم الإرهابي بوقت قصير من احتلال الموصل بسبب ضعف القوة العسكرية, مع وجود كبير من بقايا البعث المؤيدين لداعش, ثم استمر تساقط المدن حتى سقطت تكريت واجزاء كبيرة من الانبار, وكان الهدف بغداد.
وهنا حصل امرين: الاول هو فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي, والثاني هو الدعم الإيراني السريع والكبير بالخبراء والسلاح والمعلومات, مما حفظ بغداد من السقوط, وافشل مشروع امريكا والبعث في العودة للسلطة عبر عاصفة داعش, واستمر الدعم الايراني غير المحدود حتى تحرير كل المدن والانتصار الساحق على "داعش".
فلولا الموقف الإيراني لنجح المخطط الأمريكي في تقسيم العراق, وابتلع "داعش" بغداد, ولحصلت فواجع تاريخية خصوصا مع وجود آثار طائفية لم تنته تماما.
الصهاينة تبتلع فلسطين
الصراع الفلسطيني –الصهيوني كان يميل للحسم وضياع فلسطين, بعد حدثين مهمين الأول: بعد عام 1978 حيث تم توقيع اتفاقية "كامب ديفيد" بين المصريين والصهاينة, حيث تم القضاء عبر هذه الاتفاقية على اهم بلد مدافع عن فلسطين وهو مصر.. وثانيا: بعد تساقط دولة العرب أمام الصهاينة ورضوخهم للسلام بفضل "الأحمق صدام" وغزوه للكويت عام 1990 مما اعطى ذريعة للامريكان بدخول المنطقة, بحجة حماية الانظمة من العفريت صدام, مما جعل الفلسطينيين وحيدين لا عون لهم في الصراع, مما كان يعني ان فلسطين سيتم ابتلاعها.
لكن سقوط نظام الشاه الداعم للصهاينة, ونجاح الثورة الاسلامية في ايران والتي كانت قضية تحرير فلسطين اساسية, ثم الدعم الكبير الذي قدمته إيران للفلسطينيين, كان عامل مهم في عدم تمكن الصهاينة من ابتلاع الضفة الغربية وغزة, حتى تحولت غزة الى عامل يخيف الصهاينة ويشكل مكمن الرعب لديهم.
ولو لم تكن ايران بهذا النهج, لانتهت قضية فلسطين من سنوات طويلة, بفعل تخاذل العرب وعدم وجود الدعم الفعلي للفلسطينيين, لكن البركة بالجهد الايراني السخي والمتنوع للفلسطينيين.
السعودية تبتلع اليمن
كان حلم ال سعود هو ابتلاع اليمن لما تشكله من اهمية استراتيجية, وكي تطمئن للجبهة الجنوبية من اي تهديد مستقبلي, فكانت تتدخل دوما في الشأن اليمني وتحاول ان تجعل ولاء الساسة لها, وتعتبر اليمن الحديقة الخلفية لها, ولكن بعد حروب التسعينات في اليمن التي افتعلها الخليج, ادت الى انتشار المشاكل مما ادى لتبلور فكرة خط مقاوم, وبدأت تتشكل أصوات منددة بالسياسات التي ينتهجها حكام اليمن, والتحذير من خطر ال سعود على اليمن, ومع بدات الالفية ظهر للوجود تشكيل الحوثيين, وكبر وتوسعت جماهيريته, لتصبح اجزاء كبيرة ومهمة من اليمن مع توجه القيادة الحوثية, مما دفع عربان الخليج لتشكيل جيش من عدة دول بهدف القضاء على الحوثيين, وهنا ياني دور الجمهورية الايرانية في نصرت المظلومين, فوقفت مع الحوثيين حتى اصبحوا قوة لا يستهان بها, وصمدت أمام جيوش العربان, حتى طلب آل سعود هدنة لحفظ ماء الوجه وللخلاص من الانتكاسات العسكرية التي حصلت بفعل ضربات الحوثيين.
فلولا موقف الجمهورية الايرانية لابتلع ال سعود اليمن, وهنا يظهر اهمية وجود ايران في الشرق الاوسط.
اخيرا
من خلال ما تقدم نستكشف ان وجود الجمهورية الاسلامية الايرانية هو خير لشعوب المنطقة, وهو مصدر قوة لكل شعوب الشرق الاوسط ضد مخططات الاستكبار العالمي, ويجب ان يرتفع وعي الامة لتدرك اهمية الدور الايراني. وتفهم الصورة بوضوح وبعين ثاقبة.