د. محمد الموسوي يكتب لـ(اليوم الثامن):

بدء الهدم من العراق؛ ومن لا يرى من الغربال أعمى

ما يجري تحت مظلة الشريعة في ضيعة ولاية الفقيه بالعراق؛ صناعةً للوباء وبدايةً لتجزئة المتجزئ

كيف يكون الحال عندما يكون العراق نسخة من نظام الملالي تابعة له، ويكون المُلا المدعي بأنه (رجل دين) في قمته وأفضل حالاته (...) يحمل أسفاراً وموالياً مخلصاً لغير العراق؟ والقوس الفارغ يضعه القارئ بنفسه كما هو مناسب للجملة، وأتمنى أن يكون هذا القارئ مُلا!!!

كيف سيكون حال العراق وأهله عندما تُختصر سيادة العراق على كافة المستويات والتفاصيل في يد رهطٌ مُتردٍ من جند الولي الفقيه في إيران؟ 

بعد أن كان في قمة قدرات البناء والعطاء البشرية ونزعوا منه كافة هذه القدرات أمام صمت عربي يجهل عواقب فعله؛ فماذا تترجون من العراق اليوم وترجون له عندما يكون السفهاء قادة يفرضهم النظام العالمي تحت عنوان الديمقراطية وصناديق الإقتراع، وقد كانت الانتخابات التشريعية الأخيرة التي لم تأتي بالحكومة الحالية بل جاء بها الغرب إرضاءاً للسلطان في إيران، وماذا نترجى وقد أضحى الدين مجرد رداء ووسيلة لتخدير البسطاء وخداعهم لبلوغ الغايات وجعل السوقة والرعاع في صدارة الإمتيازات، وإبقاء أهل العلم والقيم والتضحيات إما زنازين الموت أو في شتى المنافي ومعاناتها، والبعض منهم لا زالوا في قلب جحيم الرعب رهينة الخوف والعوز لا مُنجي ولا ناصر لهم غير الله؟

كيف سيكون حال العراق عندما يكون رهينة بيد ملالي إيران الذين يُضمِرون له السوء منذ حرب الثمانينيات، ولا يعتبرونه سوى حديقة خلفية لهم جعلوا إدارتها لجنودهم بمباركة غربية؟ واليوم جعلوه نسخة من وبائهم وقاعدة لجحيمهم ونفاياتهم ومخدراتهم ومنطلقاً لمؤامراتهم وممولا لمغامراتهم!

وإذا كانت سلطة الولي الفقيه غارقة في الدكتاتورية والظلم والبغي المفاسد على كافة الصُعد فماذا سيصدر الولي الفقيه إلى ضيعته وعُماله في العراق الذين لا تحتاج بذرتهم إلى إفساد فهي كما يقال نتاج لزرع الملالي؛ والملالي كما يقول المثل الشعبي العراقي إشارة لسوء الإنحطاط والتردي فلان (أفسد من البيضة) وبمعنى آحر أنه لا يحتاج إلى إفساد فهو أفسد من البيضة؟

المتتبع الدقيق لحال الشعب الإيراني منذ أن سطا الملالي على السلطة بعد سرقة الثورة يجد أن ما تعرض ويتعرض له الشعب الإيراني هو نفسه الذي يتعرض له الشعب العراقي وكأن المؤلف والمخرج والمنتج هو نفسه في كلا البلدين، وفي لبنان واليمن وسوريا لم تُصبِح السلطة كاملةٌ فبعد لم يكتمل السيناريو المطلوب حتى يبدأ إخراج فيلم الجحيم الذي سيعيد العرب إالى ما قبل الإسلام.

ولإيضاح الصورة لا تستغربوا إن سمعتم بأن قُضاة ملالي الجاهلية يراودون نساء السجناء السياسيين في إيران عن أنفسهن.. فيقول أحد هؤلاء القضاة لزوجة سجين سياسي تطلقي منه وكوني خليلتي لتعرفين طعم السعادة، وقضاة آخرين يشترطون علنا بأن تتطلق نساء السجناء السياسيين من أزواجهن غيابياً ويلعب المحققون في تلك القضايا دورا كبيرا في مشروع الفساد والإفساد هذا الذي بات يخرج إلى العلن بفعل وسائل التواصل الإجتماعي، وبعض النساء تطلقن بالفعل من أزواجهن تحت هذه الضغوط، ولو أن نساء يعانين من العنف والذل في بيت الزوجية وطلبن الطلاق فلن يحصلن عليه، وإن حصل فلن يكون إلا بشق الأنفس وبضريبة مُذِلة؛ والحال في العراق هو نفسه وأشر وأكثر سوءا وفُحشاً، فبيع وشراء الحق والباطل وبيع وشراء الرقيق ذكوراً وإناثاً تحت قبة ما يسمونه بـ القضاء العراقي.. وصفقات هنا وهناك لا حديث فيها يقل عن الـ 50 ألف دولار، وأحكام لا علاقة لها بالقضاء والقانون على الإطلاق ويخرج من خلالها صاحب الحق ليس فارغ اليدين فحسب بل مُداناً ويُزج به في الحبس، وأحكام أخرى في جرائم تتعلق بما يسمونه بـ الإرهاب يخرج المُدان منها بريئاً ويمارس حياته الطبيعية شرط أن يتعامل مع المحامين الذي يعرفون دروب إبليس لا بل ويعلمون إبليس نفسه كيف يكون الشر.

أما بعض الملالي في العراق فيلاحقون بعض نساء السجناء ويطلبنهن لمتعة بعضهم بحجة أنه يحق لها ذلك شرعا لطالما زوجها غائب وما أكثر هذه القضايا في مدينة النجف.. النجف الذي لم يعد أشرفاً بعد استفحال دناءة وطغيان هؤلاء المعممين فيه تحت مظلة وراية المرجعية العليا التي تشجع على ذلك ولا يعنيها شيئاً سوى ما تجنيه من أموال، وتُزكي الدنيئ فيرتفع وتشي بغضبها على كريم فيُسحق في أسفل السافلين.

القطيع 

أما حال القطيع فأسوأ حال.. يرى الحقيقة لكنه سبحان الله يستمتع تحت سياط الظلم والاحتيال والخداع شرط أن يوفروا له بحيرات الوحل والطين ليغط ذاته وكرامته، وشرط أن يسمحوا لبعضهم بأن يُصبح كلباً للحضرة ويستمتع بالنباح قليلا، وللبعض الآخر بتطبير رأسه فينزف بعضهم حتى الموت، ولو حللت دماء بعضهم لوجدتها مُشبعةٌ بالخمور والكحوليات والمخدرات، وتلك هي بركات ولي الفقيه والمرجعية في العراق. 

المثلية والرذيلة والمخدرات في العراق

أربعة عقود ونيف من حكم الملالي في إيران وأكثر من عقدين من الزمن سادتها أبشع صور الخروج عن الدين والقيم، وأبشع صور الظلم ووالفساد والرذيلة والإفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، وانتشرت فيها تجارة المخدرات التي تمددت من إيران إلى العراق وسوريا ودول المنطقة ومن لبنان إلى سوريا التي أصبحت مصنعا ومركزاً لتهريب وترويج المخدرات إلى دول المنطقة والعالم.

وصلت المخدرات في العراق منذ سنوات إلى حدٍ أصبحت في مناول فتيات المدارس الإبتدائية ولم يصدر عن المرجع والمُلا أية فتوى تحريم، وانتشرت المثلية في العراق ولم تصدر أية فتوى بهذا الخصوص أيضاً، وتعاظمت المثلية في العراق حتى بلغت مرحلة الزواج في العراق وبالتحديد في مدينة النجف التي يحتلها المرجع ولم تصدر الفتوى أيضاً... 

تسهيل تجنيس الملايين في العراق وإسقاط الجنسية تلقائياً عن بعض العراقيين  

يتم ومنذ عدة سنوات تسهيل عملية تجنيس الملايين من الإيرانيين، والأفغان والباكستانيين في العراق خاصة أولئك المرتزقة الذين عملوا لصالح حرس الملالي في العراق وسوريا، فالأفغان الذين أضناهم الفقر والذل في مخيمات اللاجئين تحت نظام الملالي منذ عقود طوال قد استسلم أبنائهم الشباب الذين وُلِدوا في إيران ورفض الملالي إعطائهم أية حقوق مادية أو معنوية إستسلموا لعروض ميليشيا الحرس لهم للقتال في سوريا والعراق لقاء مبالغ مالية جيدة وحق التجنيس في العراق.. هذا بالإضافة إلى تجنيس أتباع المراجع الدينية الأفغانية والباكستانية المقيمين في العراق ومنحهم إمتيازات قد يحلم بها الكثير من المواطنيين العراقيين أباً عن جد؛ في المقابل يتم إسقاط الجنسية تلقائياً عن بعض العراقيين خاصة المعارضين ممن هم في المنفى ولا يستطيعون العودة إلى العراق لتغيير أوراقهم الرسمية بعد إلغاء وثيقة شهادة الجنسية العراقية.. وبطبيعة الحال فإن هذا التجنيس سيعزز من موقف الملالي في العراق سياسياً وأمنياً وحتى عسكرياً إن طلب منهم الملالي القتال ضد البلد الذي يحملون جنسيته فهم وكثيراً من الدواب في العراق لا ينتمون له وإنما للملالي أولياء النعم.. 

الهدم يبدأ بالعراق 

 لم يعد للملالي في إيران والعراق علاقة بالفضيلة على الإطلاق فقد   دنسوا النجف وكربلاء وبغداد وكافة أرض العراق، وقد ساعدهم في ذلك القطيع القابل للترويض حتى وهو في قعر الجحيم بعد أن قدم الغرب العراق للملالي على طبق من ذهب لإعادة تكوين المنطقة من جديد بعد تفتيتها، ولا تستعجلوا فما سبقكم العراق إليه سيصلكم عما قريب، ويكفيكم أن تنظروا قليلا إلى الوراء لتروا أن الهدم يبد بالعراق.. وإما إن بقينا على حالنا دون حراك يتفق مع حجم البلاء فإن من لا يرى من الغربال فهو في الحقيقة أعمى.. وليجد له قوة تعينه على الحرب مع باقي حواسه.

د. محمد الموسوي / كاتب عراقي