نظام مير محمدي يكتب لـ(اليوم الثامن):

العودة إلى الماضي أم التقدم نحو مستقبل ديمقراطي؟!

في السنوات الأخيرة، زاد الاهتمام بأنشطة ابن شاه إيران السابق، رضا بهلوي، ومؤيديه من قبل بعض الدوائر الاستعمارية وأجهزة الاستخبارات التابعة للنظام الإيراني بشكل متزايد. ومع ذلك، تُظهر الحقائق على الساحة السياسية في إيران أن هذا التيار لا يمتلك أي قاعدة جماهيرية بين الشعب، بل إن له ارتباطات مشبوهة مع النظام الحالي، سواء بشكل علني أو سري.

أحد النقاط الرئيسية هو أن ابن الشاه عاش خارج إيران على مدى العقود الأربعة الماضية ولم يكن له أي دور في نضال الشعب ضد النظام. فهو لا يمثل سوى نفسه، وهناك دوائر تسعى إلى استغلاله لتحقيق مصالحها أو للإبقاء على النظام الحاكم. الحقيقة أن ديكتاتورية الشاه، التي أُطيحت بها من قبل الشعب في عام 1979، ما زالت مكروهة من قبل الإيرانيين، والحديث عن عودة النظام الملكي إلى إيران لا يعدو كونه سرابًا وإلهاءً عن الواقع.

خلال الانتفاضة الشعبية الشاملة في عام 2022، ظهر أن ابن الشاه ومؤيديه قد أبدوا دعمهم للانتفاضة في الظاهر، ولكن في الحقيقة تصرفوا لصالح النظام، ودعوا الناس إلى عدم استخدام العنف وعدم الاحتجاج. بالإضافة إلى ذلك، استغل النظام رضا بهلوي كأداة لتشتيت مسار الانتفاضة، حيث سخّر وسائل الإعلام وأجهزة الدعاية لدعمه.

في هذا السياق، يجب الإشارة إلى تصريحات هاشم خواستار، ممثل المعلمين المعتقل، التي تعكس بوضوح رأي الشعب تجاه رضا بهلوي. حيث كتب في رسالة من سجنه أن المسؤولين في السجن والمحققين طلبوا منه أن يتعاون مع "شاهزاده" (يقصد رضا بهلوي) بدلاً من المقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق، وأخبروه أنهم سيمنحونه رقم هاتف "شاهزاده" ليتمكن من التواصل معه، ولكنه رفض هذا الطلب. وأشار أحد السجناء الآخرين إلى أن رقم هاتف رضا بهلوي يتم توزيعه بشكل واسع على السجناء ليتمكنوا من الاتصال به.

كما طرح ابن الشاه أفكاراً تتعلق بالحفاظ على القوى الأمنية للنظام والحرس الثوري في مستقبل إيران. وأعلن في برامجه التلفزيونية أنه على تواصل مع بعض أقسام الحرس الثوري ويسعى للتعاون معهم لتغيير النظام. هذه القوات التي تلعب دوراً رئيسياً في قمع الشعب الإيراني وإشعال الحروب في دول المنطقة، ولهذا السبب هي مكروهة بشدة. هذا النهج لا يثير الشكوك فقط، بل يعيق بوضوح قيام انتفاضة شعبية حقيقية.

كما تم استغلال زيارة رضا بهلوي إلى إسرائيل والدعاية التي رافقتها من قبل النظام بشكل جدي، لتصوير المعارضة الإيرانية كدمية بيد إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، في 8 فبراير 2023، أصدر 166 من أعضاء مجلس النواب الأمريكي قرارًا يدعم انتفاضة الشعب الإيراني، والذي قوبل فوراً بحملات تضليل من قبل لوبي النظام وعناصر موالية لابن الشاه.

علاوة على ذلك، يعمل ابن الشاه ومؤيدوه على دعم الأفكار الشوفينية والمعادية للعرب، مما يزيد من حدة الخلافات بين الشعب الإيراني والشعوب العربية. هذه النظرة لها جذورها في سياسات الشاه السابق، والتي لم يدنها ابنه يوماً، بل على العكس من ذلك، أكد على الاستمرار في نهج والده الديكتاتوري. هذه السياسات من الواضح أنها ستؤدي إلى المزيد من الانقسامات والتوترات داخل المجتمع.

الحقيقة هي أن أمامنا في إيران اليوم ثلاثة خيارات: العودة إلى نظام الشاه، الحفاظ على النظام الحالي، أو التقدم نحو الديمقراطية والسلام. لكل من هذه الخيارات تداعيات وتحديات خاصة بها. الشعب الإيراني، بعد تجاوزه ديكتاتورية الشاه وسعيه لإسقاط النظام الديني، يطمح إلى مستقبل حر وديمقراطي. هذه الجهود تعكس الرغبة العميقة للإيرانيين في التغيير وتحقيق حقوقهم.

في هذه الظروف، يجب أن يكون البديل قوة معارضة لكلا النظامين، وتمثل المطالب الحقيقية للشعب. بمعنى آخر، فقط الجماعات التي تسعى إلى تغيير حقيقي في هيكل السلطة وتضع مصالح الشعب في المقام الأول يمكن أن تمثل آمال الناس. الاصطفاف مع رضا بهلوي، الذي يمثل الحكم الاستبدادي لنظام والده الديكتاتوري، لا يخدم مصالح الشعب الإيراني، بل يساعد في بقاء هؤلاء الحكام الظالمين، ويؤدي بالتأكيد إلى إحباط ومخاوف من العودة إلى حقبة جديدة من الديكتاتورية في إيران. يعتبر الشعب رضا بهلوي ممثلًا للقوى الأجنبية وحاملًا لذكريات مريرة من الديكتاتورية السابقة. لذلك، فإن أي طرف يسعى إلى التفاعل والتواصل مع ابن الشاه وحركته سيضر فقط بسمعته.

الحقائق الحالية في إيران والمنطقة تظهر أن الحل الحقيقي والدائم لتحقيق السلام والتعايش في الشرق الأوسط هو إقامة جمهورية ديمقراطية تقوم على فصل الدين عن الدولة في إيران. هذا الحل يجب أن يعكس المطالب الحقيقية للشعب الإيراني. المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الذي يتألف من جميع القوميات الإيرانية ويضم أكثر من 50٪ من النساء المتعلمات وذوات الخبرة الكبيرة، قادر من خلال قانونه الأساسي ولوائحه وخططه الواضحة على تحقيق هذه المطالب. للوصول إلى هذا المستقبل، فإن التعاون والتكاتف بين جميع القوى الديمقراطية والمحبة للحرية أمر ضروري.