رولا القط تكتب لـ(اليوم الثامن):
سقوط بشار الأسد: التداعيات الاستراتيجية على النفوذ الإيراني.. حالة من الصدمة شهدت ايران
عقب سقوط نظام بشار الأسد، حالة من الصدمة والارتباك السياسي تجلت في خطاب المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي عكس المخاوف العميقة من تبعات هذا الحدث على مشروعها الإقليمي. يمثل سقوط الأسد تحولًا استراتيجيًا له أبعاد إقليمية ودولية تمتد إلى صميم الهيمنة الإيرانية في الشرق الأوسط.
الأهمية الجيوسياسية لسوريا في المشروع الإيراني لطالما كانت سوريا محورًا استراتيجيًا في مشروع الهيمنة الإقليمي الإيراني. وصف حسين طائب، الرئيس السابق لاستخبارات الحرس الثوري، سوريا بأنها “المحافظة الخامسة والثلاثون”، تأكيدًا على دورها المحوري كحلقة وصل بين طهران وحلفائها الإقليميين، خصوصًا حزب الله في لبنان.
استثمرت إيران مليارات الدولارات لدعم نظام الأسد، سواء عبر تقديم النفط المجاني، أو شراء الأراضي والعقارات، أو تمويل مرتبات العاملين في الدولة السورية. ومع اندلاع الثورة السورية عام 2011، لم تتردد طهران في إرسال قوات الحرس الثوري، بقيادة قاسم سليماني، لتثبيت حكم الأسد وقمع الانتفاضة، معتبرة ذلك “خط الدفاع الأول” عن مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
التداعيات الإقليمية لسقوط الأسد أدى سقوط الأسد إلى انهيار العمق الاستراتيجي لإيران في الشرق الأوسط. فبغياب النظام السوري، فقدت طهران ممرها اللوجستي الأساسي لتزويد حزب الله بالسلاح والدعم المالي، مما أضعف قدرة التنظيم على فرض هيمنته في لبنان.
كذلك، تراجعت قدرة إيران على استخدام الأراضي السورية كنقطة انطلاق لتوسيع نفوذها نحو العراق واليمن. سقوط الأسد يشير إلى تراجع دورها كقوة إقليمية قادرة على تصدير الأزمات، ما يهدد استمرارية دعمها للمليشيات المسلحة التي طالما استخدمتها كأذرع عسكرية.
التحديات أمام الحرس الثوري الإيراني سقوط الأسد يمثل انتكاسة كبيرة لمكانة الحرس الثوري وقائده الراحل قاسم سليماني، الذي أسس لسياسة التدخلات العسكرية الإيرانية في المنطقة. تدخل روسيا لدعم الأسد عام 2015، بناءً على طلب سليماني، لم يمنع في النهاية انهيار المشروع الإيراني في سوريا.
هذه الهزيمة تعكس محدودية النفوذ الإيراني في ظل توازنات القوى الإقليمية والدولية، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية على طهران نتيجة سياساتها العدائية.
ردة الفعل الإيرانية: خطاب خامنئي وواقع النظام في محاولة للتقليل من حجم الخسارة، وصف خامنئي سقوط الأسد بأنه “جزء من مؤامرة أمريكية-صهيونية”، ولكن خطابه كشف حالة القلق المتصاعدة داخل النظام الإيراني. الانتقادات الداخلية بدأت تبرز بوضوح، حيث شكك مسؤولون ومحللون إيرانيون في جدوى الاستثمارات السياسية والمالية في سوريا، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد.
عدم بث الخطاب مباشرة على وسائل الإعلام الرسمية يعكس الحذر من تداعيات هذا الحدث على معنويات الشعب الإيراني، الذي بدأ يُظهر تململًا متزايدًا تجاه السياسات الإقليمية التي استنزفت موارد البلاد.
انعكاسات داخلية: هشاشة متزايدة للنظام الإيراني لطالما بررت القيادة الإيرانية تدخلاتها الخارجية بحجة “حماية الأمن القومي”. لكن سقوط الأسد يضع هذه الذريعة محل تساؤل، ويكشف عن فشل الاستراتيجية الإيرانية