حمدي البيه يكتب لـ(اليوم الثامن):
هل تصل دول المشرق الى تجريم التشريعات الإسلامية
بعد ايلول ٢٠٠١ توصلت الكثير من حكومات ودول العالم الغير إسلامية وفي مقدمتها الدول الغربية الى قناعة تامة بأن الأصولية الإسلامية خطر وشيك يهدد الأمن والسلم العالميين خصوصا بعد زوال الخطر السوفيتي وتوصل الغرب ايضا الى ان هذا الخطر يهدد بنسف مضامين الحضارة الغربية اذا ترك بنفس وتيرة التمدد الفكري والعقائدي الذي صاحب حينها مايسمى بالصحوة الإسلامية. وعلى اثر ذالك أقيمت في تلك البلدان عدد من المؤتمرات والندوات وورش العمل واحتضنت المراكز البحثية عدد من الدراسات الإستراتيجية والإستشرافية صبت كل ثمارها في كبح جماح خطر الإصولية الإسلامية المتطرفة لم تكتفي تلك النتاجات بإستخدام القوة فقط التي ترافقت مع الحملة العسكرية لحلف الناتو بقيادة امريكاء الى افغانستان لضرب تنظيم القاعدة المتمثل حينها بنظام الملأ محمد عمر (طالبان) وضهور مبدا جورج بوش الإبن حينها( من ليس معنا فهو ضدنا) مشرعا الباب امام عهد جديد في صدارته الحرب على الإرهاب وفقا للرؤية الأمريكية . فسنت عدد من البلدان قوانين تجريم الإرهاب وفتح المعتقلات لذالك ومنها المعتقل الشهير جوانتانامو . وأُجبرت دول العالم على الإتحاد مع الغرب في الحرب على الإرهاب ومنها دول الشرق الأوسط التي حينها رفعت وعلى إستحيا مطلب تعريف محدد للإرهاب لتبرئة ساحتها وديانتها الإسلامية من هذا الجرم بإعتبارهم ان الإرهاب لادين له . ولكن النخب التي كانت تصنع القرار في بلدان الغرب كانت تراء عكس ذالك وتيقن تماما بأن الإرهاب ليس افراد منحرفون يتم القضاء عليهم كماء هو حاصل حينها في كابول وقندهار بقدر ماهي افكار مستوحاه من تعاليم الدين الإسلامي.
** استراتيجيات جديدة
وكما اسلفنا ان دراسات عدد من النخب ومراكز الدراسات الإستراتيجية التي يعتمد عليها صانعوا القرار الغربي ودوائر المخابرات ايضا لمواجهه خطر التطرف والإرهاب لم تكتفي بإستخدام القوة فقط لؤاد بؤر التطرف الإسلامي بل انتجت عدد من المشاريع ومنها محاربة الدين بالدين كي يسهل عليها حرف مسار الخطر وتوجيهه الى بلدان المعقل الرئيسي للإسلام في الشرق الأوسط وحينها تم اطلاق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي اهم مرتكزاته مشروع محاربة الدين بالدين ممايسهل خلق بيئة جاذبة للأفكار المتطرفة الجهادية مع ضمان حرف بوصلة خطرها حصريا على الدول الإسلامية والعربية منها خصوصا بعبقريه ودهاء استخباري تم انشاء جماعات وظيفية متطرفة بفكر متشدد منغلق جهادي استوحاه من سرديات التراث الإسلامي وضل الغرب يدعمها ويرعاها ويحركها عن طريق عناصرة في اوساطها من المؤسسين لها وعن طريق دول عميلة تهتم بالتمويل والإنفاق عليها مع الحرص على ان تكون تلك الجماعات متفرقة ومشتته وفقا لمرجعيات فقهيه وعقدية مستوحاة كذالك من التراث الإسلامي اثنا عشرية وسلفية وجهادية ووهابية وقاعدية وإخوانية وغيرها لكل منها فلسفتها الخاصة في الإختلاف والتكفير وقدح الأخرين ولكن جميعها تؤدي نفس الغرض الوظيفي ومهما بدت متفرقة فالمخرج واحد وجعلها كذالك لإستراتيجية خاصة كي يعم الخراب اكبر نطاق ممكن بإسم الله وماتلى ذالك من رؤية الفوضى الخلّاقة والتي بموجبها غرقت الكثير من الدول العربية في وحل الفوضى والدمار تصدر فيها الإسلام السياسي المشهد من خلال تلك الجماعات الوظيفية حيث عمدت بعدها مراكز المخابرات الغربية والإسرائيلية على ضخ المزيد من الدعم المالي واللوجستي لتلك التنظيمات الدينية في بلدان الشرق الاوسط ومنها اليمن والعراق وسوريا وليبيا وغيرها .لصناعة حاضنة شعبية لتلك الأفكار المتطرفة كمعول هدم بالوكالة لسماحة الدين وقيم المحبة والسلام والتعايش الإسلامي الحنيف .
وقد شاهد العالم اجمع تدفق الألاف من المجاهدين من مختلف الدول ومنها الغربية للقتال في صفوف داعش ولايفقهون من الدين سوى التطرف والقتل في سبيل الله حسب زعمهم . تم ذالك بإشراف استخباري بحت وبعد تقديم صورة مشوهة عن الإسلام الى عموم العالم من خلال تلك الجماعات المتطرفة والمآجورة وإبداعها في صناعة اشكال متعدده من الإجرام كالقتل حرقا وذبحا وتفجيرا وغرقا ودفننا بإسم الله وتعاليم الدين الإسلامي .
** نتائج وخيمة
استفحل الإجرام اكثر وصل الى سهوله ان يقتل المسلم اخوه المسلم بفتوى دينية مع تسابق على انشاء مراكز تعليم دينية على حساب التعليم الحكومي ورغبة جامحة لكل جماعة بالتسلط والحكم تحت مسمى تحكيم شرع الله منتشية بالجهاد لم تكتفي المراكز الإستخبارية التي تدير كل هذا الخراب بهذا فقط فهي تراهن على ان يكوئ كل فرد اضعاف مضاعفة بنيران التطرف الإسلامي في بلدان الشرق بعد تفتيتها وتدمير مؤسساتها الوطنية وفي مقدمتها مؤسسة الجيش والأمن وأستبدالها بمليشيات جهادية وليدة لتلك الجماعات المتطرفة كجناح عسكري من خلاله تتسلط تلك الجماعات على رقاب المواطنين الذي ينظر اليهم انهم مؤمنيين فقط وهم ولاة امرهم بعد فتح مبين والعقد الذي بينهم سماوي من عند الله وليس دستور البلاد ولايهم جغرافيا وحدود الدولة حيث اقتصرت دولتهم على المنطقة التي يسيطرون عليها فقط التي يعتبرونها ولاية إسلامية حتى ولو كانت قرية ولكنهم عازمون على تصدير هذه التجربة ليس للمحافظة التي هم فيها او الدولة التي قسموها الى كنتونات متشددة بل يريدون تصدير هذه التجربة المنغلقة والمتطرفة الى العالم اجمع وبتالي تدخل بلدان الشرق في حروب لانهاية لها باسم الله ممايؤدي الى تخلف وتاخير تلك البلدان عقود من الزمان حيث يسهل اخضاعها ونهب ثرواتها . ولم تكتفي المسالة عن هذا الحد فقط فالمخطط يسعى الى خلق قناعات شعبية مستقبلا في تلك البلدان المدمرة بالحروب الدينية والجهادية الطاحنة ان السبب الاول والرئيس لتعاستهم هي تعاليم الدين الاسلامي المتطرف كيف لا وهم يشاهدون الخراب والدمار والقتل من اجل دين الله ويشاهدون من خلال وسائل التواصل الرخاء والنعيم الذي تعيشة شعوب باقي البلدان يترافق ذالك مع هجمة إلحادية ابطالها افراد مثقفون من تلك البلدان بعد ان يتم صناعة لهم محتوى فكري يسهل من خلاله اقناع العامة ان الدين صناعة بشرية وبتالي يقف وعي الأفراد مشتت بين كماشتين إرهاب باسم دين الله وإلحاد بنكران وجود الله وامام هذا الكم الهائل من الضغوط والأوجاع تتجه الشعوب وبقنآعتها الى عقد إجتماعي ودستوري جديد يوفر له الغرب كل ممكنات النجاح هذا العقد الجديد يُجرم فيه التشريعات الإسلامية وسوف لن نجد في الدستور ان الشريعة الإسلامية مصدر كل التشريع كما كان حاصل بل يصبح التشريع الاسلامي جريمة ومصدر للبؤس والتخلف والدمار وسيتم توجية وادارة الوعي الجمعي على تجريمة ونبذه ونكرانه مثلا لن نشاهد تعدد للزوجات ولن تحصل المرأة على نصف الرجل في الميراث بل بالتساوي مع الرجل وسيجرم الجهاد والقتال في سبيل الله ووووو. وغيرها الكثير .
كل الدلائل تشير ان المرسوم الحالي لمصير الشريعة الإسلامية ان تسلك مصير النازية بعد الحرب العالمية الثانية .
** الخاتمة
اذا كان يستوجب التطرق الى سرد معالجات في هذه المادة فمشروع الإصلاح الديني هو السبيل الأمثل للحل ولنا في النهضة الاوروبية خير مثال وهنا لأبد من التاكيد على عدم الإكتفا بدور (مارتن لوثر) جديد بقدر مانحن نحتاج الى نخب دينية تتقدم مسيرة مشروع الإصلاح المنشود مستنيرة بالحب والتسامح والسلام تتحلى بشجاعة كسر مالوف الجمود والإنغلاق الذي رافق الدعوة لدين الله خلال ١٤ قرن وتدعو الى دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة وتجادل بالتي هي احسن وهو كما جاء في القران الكريم .حيث يقول الله في القران الكريم <<ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ. سورة النحل الأية ١٢٥ >> وهنا تضهر عظمة الدين الاسلامي المتسامح فالزاد والسلاح للدعوة الى دين الله هي الحكمة اولا والموعظة الحسنة ثانيا وفي الأخير اضطراريا المناظرة لو اردت ان تجادل فجادل ولكن بشرط ان تكون بالتي هي أحسن وليس بالتطرف والغلو فالحكمة هي ضالة المؤمن فحيث يجدها فاز. نستطيع نشر الأسلام من خلال العلمانية ومن خلال الرقي والعلم والتطور والسلام والنماء والإزدهار لو استخدمنا الحكمة .
حين نكون ناجحين في بلدان تنعم بالسلام والتنمية المستدامة اكثر تطورا وإزدهار يكون ديننا بقدر ماهو عبادة لله فهو بمثابة إرث حضاري وإنساني جميل يتشرف الكل بالانتساب الية من مختلف الأمم.
فمثلا لو كان الدين الإسلامي الديانة الرسمية للولايات المتحدة الامريكية لتستابق الجميع على الدخول في دين الله افواجاء ولكن بما انه دين الصومال واليمن والسودان وسوريا والعراق وايران وافغانستان اكيد نظرة الأخرين تجاه هذا الدين تختلف والإنتساب اليه تهمه بالتطرف والغلو . فنجاح دول الشرق الإسلامي وازدهارها هو ايضا نجاح لسماحة الدين الإسلامي والعكس صحيح .