عبدالرحمن كوركي مهابادي يكتب لـ(اليوم الثامن):
إيران.. القمع وإشعال الحروب من أجل البقاء!
نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران، منذ تأسيسه عام 1979، بنى بقاءه وتوسع نفوذه على ركيزتين أساسيتين: إشعال الحروب والقمع. هذا النظام، القائم على أيديولوجيا دينية، استخدم هاتين الأداتين للحفاظ على سيطرته على المجتمع الإيراني وتوسيع نفوذه في المنطقة. يتناول هذا المقال كيفية تغذي النظام على الحرب والقمع، ولماذا يُعد تصنيف قوات الحرس منظمة إرهابية خطوة نحو إضعافه، ولماذا دعم الشعب الإيراني ومقاومته هو الحل الحقيقي الوحيد لإنهاء هذا النظام وإرساء الاستقرار في المنطقة.
إشعال الحروب: أداة بقاء النظام
منذ البداية، استخدم نظام ولاية الفقيه الحرب ليس فقط لصرف الانتباه عن المشكلات الداخلية، بل كوسيلة لتعزيز سلطته. الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988) مثال واضح على هذا النهج. بدأت هذه الحرب بتحريض وطموحات النظام، وتحولت إلى ذريعة لقمع المعارضين داخليًا وتثبيت مكانة النظام في الداخل. لاحقًا، سعى النظام إلى تصدير ما يسمى بـ"الثورة الإسلامية" إلى دول المنطقة، فأنشأ ودعم جماعات وكيلة مثل حزب الله في لبنان، الحوثيين في اليمن، والميليشيات في العراق وسوريا. هذه الجماعات ليست فقط أدوات لتوسيع النفوذ الإقليمي، بل تُستخدم كرافعة لتهديد دول الجوار وإثارة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط. هذا النهج، الذي جاء على حساب معاناة الشعب الإيراني وشعوب المنطقة، مكّن النظام من صرف الانتباه عن الفشل والفساد الداخلي عبر خلق أزمات خارجية.
القمع: ترويع المجتمع
داخل إيران، شكّل القمع المنهجي للمعارضين والمنتقدين الركيزة الأخرى لبقاء النظام. من الإعدامات الجماعية في ثمانينيات القرن الماضي إلى قمع الاحتجاجات الشعبية في أعوام 1999، 2009، 2017، 2019، و2022، استخدم النظام أدوات القمع، بما في ذلك الإعدام، التعذيب، القتل الجماعي، والسجن الطويل الأمد، لترويع المجتمع. هذه الأعمال لم تستهدف إسكات المعارضين فحسب، بل صُممت لزرع الخوف بين عامة الشعب لخنق أي محاولة للتغيير أو المقاومة في مهدها. وتحولت السلطة القضائية، التي تعمل تحت سيطرة ولاية الفقيه مباشرة، إلى أداة لتنفيذ هذا القمع.
دورقوات الحرس: الذراع العسكرية لولاية الفقيه
في إيران اليوم، إلى جانب الجيش النظامي، توجد قوات الحرس التابعة لخامنئي الذي يُطلق عليه خطأً "حرس الثورة"، وهو في الحقيقة الذراع العسكري الخاص بولاية الفقيه. هذه المؤسسة ليست مسؤولة فقط عن القمع الداخلي، بل تلعب دورًا محوريًا في إشعال الحروب الإقليمية. يدعم الحرس الجماعات الوكيلة ماليًا وعسكريًا ولوجستيًا، مما يعزز نفوذ النظام في المنطقة، وفي الوقت ذاته، يسيطر على أجزاء كبيرة من الاقتصاد الإيراني لتمويل أنشطته والنظام. تصنيف قوات الحرس كمنظمة إرهابية من قبل بعض الدول خطوة مهمة لإضعاف هذه الذراع القمعية والحربية، حيث يحد هذا الإجراء من قدراته المالية والعملياتية ويطعن في شرعية النظام دوليًا.
المهادنة والحرب الخارجية: حلول زائفة
أظهرت أربعة عقود أن النهجين الشائعين للتعامل مع نظام ولاية الفقيه، وهما المهادنة والحرب الخارجية، ليستا حلولاً، بل أدتا إلى تفاقم القمع الداخلي والانتفاضات الشعبية وإشعال الحروب خارجيًا. سياسة المهادنة، التي انتهجتها بعض الدول الغربية، سمحت للنظام بالاستفادة من الموارد المالية والدبلوماسية لمواصلة قمع الشعب وتوسيع نفوذه. من ناحية أخرى، أعطت تهديدات الحرب الخارجية أو التدخل العسكري النظام ذريعة لتبرير القمع الداخلي بإثارة أجواء الحرب. كلا النهجين أضرا في النهاية بالشعب الإيراني ومقاومته واستقرار المنطقة.
المقاومة الشعبية: الحل الوحيد
أظهر الشعب الإيراني مرارًا في احتجاجاته الوطنية رفضه لهذا النظام. المقاومة المنظمة، التي تشكلت في صورة جماعات وحركات متنوعة، تهدف إلى مواجهة الديكتاتورية الدينية وإحداث تغيير ديمقراطي. دعم هذه المقاومة، المتجذرة في مطالب الشعب الحقيقية، هو الحل الوحيد المستدام لإنهاء نظام ولاية الفقيه. على العالم أن يدرك أن الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط لن يتحققا دون إسقاط هذا النظام. هذا الدعم لا يعني التدخل العسكري، بل الدعم السياسي والدبلوماسي والأخلاقي للشعب الإيراني ومقاومته.
الخلاصة
اعتمد نظام ولاية الفقيه على إشعال الحروب في المنطقة والقمع داخل إيران للحفاظ على سلطته على مدى أربعة عقود. استخدم النظام قوات الحرس والجماعات الوكيلة ليس فقط لقمع الشعب الإيراني، بل لزعزعة استقرار المنطقة بأكملها. تصنيف قوات الحرس كمنظمة إرهابية خطوة نحو إضعاف النظام، لكنها ليست كافية. الحل الحقيقي يكمن في دعم الشعب الإيراني ومقاومته. على العالم أن يقف إلى جانب الشعب الإيراني لإسقاط هذا النظام الإجرامي، مما يفتح الطريق لإرساء الديمقراطية والاستقرار في المنطقة.