عبدالرحمن كوركي مهابادي يكتب لـ(اليوم الثامن):

حل من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والعالم

لأكثر من أربعة عقود، يقاوم الشعب الإيراني الديكتاتورية الدينية التي تحكم بلادهم. هذه المقاومة، المتجذرة في الرغبة بالحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، رفعت صوتها مرات عديدة ليصل إلى العالم. لكن السؤال هو: هل أدرك الغرب، بعد حرب الـ12 يومًا وظهور نقاط ضعف النظام الإيراني، أنه يجب أن يقف إلى جانب الشعب الإيراني ومقاومته؟ أم أنه سيظل عالقًا في فخ سياسات المهادنة؟

الحرب الخارجية والمهادنة: وجهان لعملة واحدة ضد مصالح الشعب الإيراني

أظهرت حرب الـ12 يومًا، التي وقعت عام 1404 هـ (2025 م) بين إيران وإسرائيل، مرة أخرى أن لا الحرب الخارجية ولا المهادنة مع الديكتاتورية الدينية يشكلان حلاً لمشاكل الشعب الإيراني. الهجمات الخارجية، وإن بدت تضعف النظام، تجعل الديكتاتورية أكثر جرأة في قمع الحركات التحررية والعدالة التي يقودها الشعب الإيراني بقوة أكبر. من ناحية أخرى، سياسة المهادنة التي يتبعها الغرب مع النظام الإيراني منذ سنوات، لم تؤدِ إلا إلى تعزيز هذه الديكتاتورية، مما سمح لها بانتهاك حقوق الإنسان، دعم الإرهاب، التدخل في شؤون دول المنطقة، ومتابعة برنامجها للتسلح النووي، مما يعرض المنطقة والعالم للخطر.

هذان النهجان – الحرب والمهادنة – يتعارضان مع مصالح الشعب الإيراني، المنطقة، وحتى العالم. الحرب الخارجية، بدلاً من مساعدة الشعب، تمنح النظام ذريعة لتبرير القمع الداخلي. أما المهادنة، فإنها، بمنحها تنازلات غير مبررة، تبقي النظام في السلطة وتطيل معاناة الشعب الإيراني. وكما أشار بعض المحللين، أظهرت حرب الـ12 يومًا أن النظام الإيراني ليس فقط أضعف مما يدعي، بل هو أيضًا هش للغاية أمام مقاومة الشعب الإيراني الداخلية.

الحل الثالث: دعم الشعب ومقاومة الشعب الإيراني

الحل الذي قدمته السيدة مريم رجوي قبل أكثر من عقدين باسم "الحل الثالث" هو حل حقيقي ومستدام لإنهاء الديكتاتورية الدينية. هذا الحل لا يعتمد على الحرب الخارجية ولا على المهادنة مع النظام الديكتاتوري الديني. بل يركز على قوة وإرادة الشعب الإيراني لتغيير النظام من خلال نضال مستمر ومنظم.

يطالب هذا الحل بالاعتراف بحقوق الشعب الإيراني ومقاومته. ومن الإجراءات المقترحة: إدراج قوات حرس خامنئی في قوائم المنظمات الإرهابية، إغلاق سفارات النظام في الدول، تفعيل آلية "الزناد" لفرض عقوبات دولية على النظام الحاكم، وطرد النظام من المؤسسات الدولية التي يحتلها بشكل غير مشروع. هذه الإجراءات لا تضعف النظام فحسب، بل تظهر للشعب الإيراني أن العالم يقف إلى جانبه.

دور وحدات المقاومة

في داخل إيران، تقاوم وحدات المقاومة، كذراع نشط للمقاومة، النظام يوميًا. هذه المجموعات، بشجاعتها وتضحياتها، تتحدى النظام ومؤسساته القمعية. لقد أثبتت أنشطتها أن "النضال من أجل الحرية" حي في قلب إيران، وهي تضع النظام في مأزق. لكن هذه الجهود تحتاج إلى دعم دولي. يجب على الغرب التخلي عن الدعاية الرجعية والاستعمارية التي تخدم النظام، والوقوف إلى جانب الشعب الإيراني.

لماذا لا يمثل العودة إلى الديكتاتورية السابقة حلاً؟

لا يزال البعض في الغرب يعتقدون خطأً أن العودة إلى الديكتاتورية السابقة (مثل نظام البهلوي) يمكن أن تكون بديلاً للوضع الحالي. لكن هذه الفكرة ليست حلاً، بل تخدم استمرار الديكتاتورية الحالية. الشعب الإيراني، الذي عاش تجربة ديكتاتوريتين، يسعى إلى نظام ديمقراطي يعتمد على إرادة الشعب، وبشكل خاص فصل الدين عن الدولة، كما يؤكد برنامج المقاومة الإيرانية لإيران الحرة غدًا. دعم الشعب الإيراني ومقاومته يعني الاعتراف بمطالبهم بالحرية والمساواة والعدالة.

ضرورة إنهاء سياسة المهادنة الغربية مع الديكتاتورية

أظهرت حرب الـ12 يومًا أن النظام الإيراني هش أمام الضغوط الداخلية والخارجية. لكن هذا الضعف لا ينبغي أن يتحول إلى فرصة لمزيد من المهادنة. يجب على الغرب إعادة النظر في سياساته، وبدلاً من التفاوض مع نظام فقد شرعيته، دعم مقاومة الشعب الإيراني. يمكن أن يشمل هذا الدعم الدبلوماسي، والضغوط الاقتصادية الموجهة، وتفعيل "آلية الزناد"، وتعزيز صوت الشعب الإيراني في المحافل الدولية.

الخلاصة:
حان الوقت لأن يتقبل العالم حقيقة إيران: النظام الديكتاتوري الحاكم لا يتماشى مع المجتمع البشري المعاصر. كل لحظة تأخير في دعم الشعب الإيراني ومقاومته تعني المزيد من إراقة دماء الأبرياء. لقد أظهرت مقاومة الشعب الإيراني، بشجاعتها وتضحياتها، الطريق. على الغرب أن يعترف بهذه المقاومة ويدعم مطالبها، ليقف إلى جانب الشعب الإيراني. الحل الثالث، الذي رسمته المقاومة الإيرانية، ليس فقط في مصلحة الشعب الإيراني، بل في مصلحة السلام والاستقرار في المنطقة والعالم. فلنضع حدًا للتكرار الممل ولنصنع مستقبلاً مشرقًا لإيران والعالم بدعم هذا الحل.