أبها ميثاق تكتب لـ(اليوم الثامن):

الأضرار الصحية للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة على الشباب

تشهد فئة المراهقين والشباب إقبالاً كبيراً على المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، نظراً لطعمها الجذاب وتسويقها المكثف. ولكن الاستهلاك المفرط لهذه المشروبات يشكل خطراً صحياً لا يستهان به. إذ تعمل الكميات العالية من الكافيين والسكريات فيها على إثارة إفراز حمض المعدة، ما قد يسبب حرقة المعدة وتهيج بطانتها. كما أن بقاء محتويات المعدة لفترة طويلة قد يؤدي إلى التهاب المعدة المزمن وتقرحاتها، ففي دراسة حالة وُثّقت إصابة شخص بتلك المشاكل بعد شربٍ طويل الأمد لمشروبات الطاقة وبيّنت أبحاث تحليلية حديثة أن تناول كميات كبيرة من المشروبات الغازية المحلاة بالسكر يزيد بنسبة 69% خطر الإصابة بالتهاب القولون التقرحي (UC)، مما يعني أن الجهاز الهضمي يبدي تفاعلاً التهابيًّا مع هذه المشروبات.

صورة توضيحية: استهلاك المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة يهيّج الجهاز الهضمي ويسبب حرقة وتهيج المعدة. الدراسات الحديثة تحذر من أن الإفراط قد يؤدي إلى التهاب بطانة المعدة المزمن (atrophic gastritis) ومشاكل في الأمعاء.

التأثيرات العصبية

المكونات المنبهة في مشروبات الطاقة لا تؤثر على الجهاز الهضمي فقط، بل تمتد آثارها إلى الجهاز العصبي المركزي. فالكافيين بكميات كبيرة يرفع مستويات الأدرينالين في الدماغ، ما يؤدي إلى زيادة اليقظة والقلق وصعوبة في النوم. من أبرز الأعراض المُبلَّغ عنها من قِبَل مستهلكي مشروبات الطاقة نوبات التوتر والقلق المفرط، وقد تتطور الأعراض في بعض الحالات إلى نوبات صرع واضطرابات نفسية حادة؛ فقد سجّلت مراجعات طبية حديثة أن حوالي 27٪ من حوادث الطوارئ المرتبطة بمشروبات الطاقة تضمن ظهور نوبات صرع أو أعراض ذهانية (مثل الهلوسة والاضطراب العقلي). كما أن ارتفاع السكر المفاجئ في الدم يليه انهيار مفاجئ (سُكر دم منخفض) قد يسببان دوخة وتقلبات مزاجية.

صورة توضيحية: منظار تصوري لعقد عصبية في الدماغ. يؤثر الكافيين بكميات كبيرة على عمل الجهاز العصبي المركزي، مما قد يسبب القلق والأرق والتشنجات العصبية.

التأثيرات القلبية والأوعية الدموية

لا تقتصر أخطار هذه المشروبات على الجهاز العصبي، بل تمتد أيضاً إلى القلب والأوعية الدموية. فتراكيز الكافيين المرتفعة تعمل على تسارع ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم بشكل غير طبيعي. وقد أشارت مراجعات حديثة إلى أن مشروبات الطاقة المزعومة بزيادة النشاط يمكن أن تسبّب اضطرابات خطرة في نظم القلب، تصل إلى الرجفان القلبي والاحتشاء القلبي، وأحياناً حالة تمدد الشريان الأورطي أو الوفاة. كما أن ارتفاع السكر المضاف يزيد من مخاطر السمنة ومرض السكري، وهما عاملان معروفان يضرّان بصحة القلب على المدى الطويل.

صورة توضيحية: قلب مع خط تخطيط كهربائي وقهوة، يرمزان إلى ارتباط الكافيين بمنبهات القلب. الدراسات تؤكد أن مضغوطات الطاقة تسبب اضطراب نظم القلب واحتشاء عضلة القلب في بعض الحالات.

آلية الضرر الفسيولوجية

الكافيين والمواد المنبهة: تزيد من إفراز الأدرينالين والنورأدرينالين، مما يؤدي إلى تسارع القلب وارتفاع ضغط الدم وزيادة حموضة المعدة. كما ينشط الكافيين الجهاز العصبي فيحفّز اليقظة ويمكن أن يسبب اضطراب النوم والقلق.

السكريات والكربوهيدرات المضافة: ترفع مستوى السكر في الدم بسرعة، ما يحفّز إفراز الإنسولين ثم هبوط حاد في الطاقة؛ هذا النوع من التقلبات يرهق البنكرياس، ويساهم في مقاومة الإنسولين وزيادة الوزن. كما تغذي بيئة للأمعاء الدقيقة غير متوازنة قد تؤدي إلى التهابات مزمنة.

الأحماض والكربونات: حمض الفسفوريك الموجود في بعض الصودا والكافيين في مشروبات الطاقة يهيّجان بطانة المعدة والمريء. فقنينة غازية تسبب زيادة الغازات وارتجاع حمض المعدة، ما يفسر حرقة المعدة والألم المصاحب.

أكثر الفئات تأثراً

يُعتبر المراهقون والشباب من أكبر المستهلكين لهذا النوع من المشروبات، لذلك فهم الأكثر عرضة للأضرار الصحية الناجمة عنها. كما أن الأطفال أقل قدرة على تحمل جرعات الكافيين والسكر، لأن أجهزة القلب والعصب لديهم ما تزال في طور النمو. كذلك، تزداد المخاطر لدى من يعانون من مشاكل صحية مزمنة؛ فمرضى السكري مثلاً قد يصعب عليهم ضبط مستوى السكر عند شربهم هذه المشروبات، ومن يعانون من تقرحات المعدة أو اضطرابات ضغط الدم قد تتفاقم مشاكلهم.

الماء الصافي أو الفوّار: أفضل مشروب صحي على الإطلاق لترطيب الجسم دون سعرات زائدة. يمكن إضافة شريحة ليمون أو نعناع لإضفاء نكهة طبيعيّة.

عصائر الفاكهة الطبيعية: تحضير عصائر منزلية من فواكه طازجة خالية من السكر المضاف يوفر فيتامينات هامة، ويفضل تناولها باعتدال لاحتوائها على سكريات الفواكه الطبيعية.

الحليب ومشتقاته: مثل الحليب الخالي أو قليل الدسم، واللبن، لأنها تزود الجسم بالكالسيوم والبروتين دون حموضة.

مشروبات الأعشاب: شاي البابونج أو النعناع أو الزنجبيل، فهي تخفف من تشنجات المعدة وتمدّ الجسم بمواد مضادة للالتهاب بطريقة طبيعية.

مشروبات الطاقة الطبيعية: مثل ماء جوز الهند أو كوب من عصير الرمان الممزوج بالماء، فهي تعوض الأملاح والسوائل بشكل صحي.

باختيار هذه البدائل الصحية والاعتدال في استهلاك المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، يمكن للشباب حماية صحتهم الهضمية والنفسية والقلبية من المخاطر الموصوفة. الوعي الصحي والتوازن الغذائي هما أساس الحماية من هذه المخاطر.