سركول الجاف تكتب لـ(اليوم الثامن):
النظام الإيراني عالق بين مطرقة الخوف من الغضب الشعبي وسندان المجتمع الدولي
يتزايد إصرار ألاف الإيرانيين الأحرار ومقاومتهم المنظمة وأنصارها على رفع أصواتهم ضد نظام ولاية الفقيه وكشف جرائمه في تظاهرات نيويورك يومي 23 و24 سبتمبر/أيلول بمظاهرات تطالب بإسقاط نظام الملالي الذي يمر بأسوأ أزماته بعد إخفاقات دبلوماسية وعسكرية.. ويتفاقم هذا الوضع بإعادة تفعيل آلية الزناد وإعلان ترامب عن سعيه لتدمير البرنامج النووي، وهنا يجد هذا النظام نفسه أمام أزمة استراتيجية متعددة الجوانب، وقد كشفت الأحداث المتسارعة في الأيام القليلة الماضية عن فشل دبلوماسي كارثي، وواقع عسكري متغير، واضطرابات داخلية عميقة.
هذا ويرسم التقاء المقاومة الشعبية المتصاعدة وأزمات النظام المتفاقمة على الساحة الدولية صورة نظام معزول في حالة من الارتباك وانعدام الخيارات مؤكداً أن لحظة التغيير في إيران باتت أقرب من أي وقت مضى.
مع إعادة فرض العقوبات الدولية بالكامل عبر آلية الزناد ينكشف ضعف النظام الإيراني، وفي محاولة يائسة لتجنب فخ العزلة التامة قدّم النظام عرضاً للأوروبيين كشفته "صحيفة وول ستريت جورنال " اقترحت فيه طهران تخفيض أو إزالة مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، مقابل تعهد أوروبي بعدم تمديد آلية الزناد، وضمان أمريكي بعدم شنّ هجوم عسكري، وإلغاء قرار مجلس الأمن رقم 2231.. إلا أن هذا العرض الذي وصفه عباس عراقجي بأنه "جدي" قد قوبل بالرفض من الدول الأوروبية الثلاث معتبرةً إياه "غير مُرضٍ"، ويعود سبب الرفض إلى أن المقترح لم يتضمن أي التزامات جديدة بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكان الهدف منه تجريد الغرب من كل نفوذه مقابل تنازلات محدودة الأمر الذي يؤكد عدم جدية طهران في التوصل إلى حل حقيقي والتزامها ببرنامجها النووي المثير للقلق.
تزامن هذا الفشل الدبلوماسي مع كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تفاصيل العملية العسكرية التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية.. حيث أكد ترامب في تصريحاته يوم الجمعة 19 سبتمبر/أيلول 2025 أن العملية "حالت دون نشوب حرب كارثية محتملة"وأن البرنامج النووي الإيراني دُمر بالكامل بقاذفات 2-Bوالصواريخ التي أطلقتها الغواصات.. وهنا لم تكن هذه التصريحات مجرد تفاخر عسكري بل مثّلت السياق الحقيقي الذي تطورت فيه الأحداث: وهنا لم يكن النظام الإيراني يتفاوض من موقع قوة بل من موقع الطرف الذي تعرّض برنامجه لضربة قاصمة.. وهذا يُفسر عرضه اليائس وما يقابله من تعنت في الموقف الغربي.. كذلك يُظهر أن النظام كان يتظاهر بالقوة وهو يتلقى الضربة تلو الأخرى.
داخليًا كشفت ردود الفعل الرسمية على إعادة فرض العقوبات عن حالة من الفوضى والتناقض.. فبينما حاول رئيس النظام مسعود بزشكيان التقليل من شأن تأثير العقوبات بقوله: "لن نموت بسبب سناب باك" في إشارة إلى العلاقات مع الدول المجاورة والكتل مثل البريكس وشنغهاي، وسارع مهاجراني المتحدث باسمه إلى الدعوة لدعم خامنئي مُشيراً إلى عمق الأزمة الداخلية والخوف من تصاعد الصراعات والانتفاضات الشعبية، وفي هذه الأثناء هدد أحد أعضاء برلمان النظام بإغلاق مضيق هرمز في الوقت الذي أقر فيه بأن مشاكل النظام نابعة من "غياب الرؤية لمستقبل الاتفاق النووي" وهذا اعترافٌ ضمني بفشل القيادة.
بلغت هذه السلسلة من الهزائم ذروتها بانسحاب النظام المُهين من تقديم مشروع قرار إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية يدين الهجمات على المنشآت النووية.. هذا التراجع الذي برّره ممثل النظام بأنه تأجيل ووصفه مندوب الولايات المتحدة بأنه نابع من مخاوف من رفض ساحق للقرار مما يُبرز مدى عزلة النظام الدولية.
في نهاية المطاف يجد نظام ولاية الفقيه نفسه اليوم عالقاً بين فشل دبلوماسي وهزيمة عسكرية مؤكدة واضطرابات داخلية الأمر الذي يضعه في إحدى أضعف لحظاته على الساحة الدولية.
إن هذه الأزمات المتتالية التي يواجهها النظام بدءاً من إعلان ترامب تدمير برنامجه النووي ووصولًا إلى فشله في تجنب آلية الزناد تُشير بوضوح إلى اقتراب نهايته.
على الجانب الآخر جانب الشرعية الشعبية يتظاهر الإيرانيون الأحرار في نيويورك لإيصال رسائلهم بوضوح إلى العالم والمجتمع الدولي الذي لا يزال بموقف بعيد عن نصرة الشعب الإيراني ومساءلة النظام الحاكم، ومفاد هذه الرسالة هو أن: الشعب الإيراني لن يستسلم وسيُغير هذا النظام المجرم.. مُؤكدين على أن الحل الثالث لا للحرب ولا للتنازلات ونعم لتغيير النظام من قِبل الشعب والمقاومة المنظمة.. وهذا هو السبيل الوحيد لقيام إيران حرة وديمقراطية غير نووية.
سرگول الجاف - كاتبة كردية عراقية