سركول الجاف تكتب لـ(اليوم الثامن):

النظام الإيراني في قمة مآزقه الداخلية يسعى لإعادة تأهيل أذرعه الإقليمية

في ظل التحديات الداخلية المتصاعدة التي يواجهها النظام الإيراني؛ يسعى خامنئي وأعوانه إلى تعزيز نفوذهم الإقليمي من خلال دعم وكلائهم وميليشياتهم في المنطقة، ويأتي ذلك استجابةً للضغوط الاقتصادية والسياسية الداخلية.. إذ يسعى النظام إلى الحفاظ على وكلائه الخارجيين كوسيلة للبقاء، ومؤخرًا زار علي لاريجاني الأمين العام الجديد للمجلس الأعلى للأمن القومي العراق ولبنان لتنفيذ هذه المساعي التي يرى فيها خلاصه كاشفًا عن القلق العميق داخل النظام.

تبدأ الأزمة الداخلية للنظام بتهديد الدول الأوروبية الثلاث: فرنسا وبريطانيا وألمانيا، بتفعيل آلية (Snapback)، أعلن الأوروبيون أنهم سيفعلون هذه الآلية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق نووي بحلول نهاية أغسطس/آب.. الأمر الذي سيؤدي إلى إعادة فرض عقوبات أممية صارمة بما في ذلك حظر على الأسلحة، وقد أعرب وزير خارجية النظام عن قلقه بهذا الشأن قائلاً: "إذا تم تفعيل الآلية فسيكون الأمر سيئاً" وسيعيدنا ذلك إلى الفصل السابع باعتباره تهديداً للأمن الدولي"..، وعلى الصعيد الشعبي سيؤدي هذا التهديد إلى تفاقم التناقضات الداخلية.. هذا في الذي يحتدم فيه النقاش حول التفاوض أو التصعيد مع تهديدات بوصول الصواريخ إلى أوروبا.

يواجه النظام علاوةً على ذلك خطر اندلاع انتفاضة شعبية بسبب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية؛ فأزمة المياه والكهرباء والغاز والتضخم تتفاقم يومياً.. كما أقرّ الرئيس بزشكيان قائلاً: "لدينا مشكلة في كل شيء... كل شيء قسري"، وفي محاولةٍ لاحتواء الغضب الشعبي لجأ النظام إلى عمليات إعدام جماعية حيث أعدم 93 شخصًا خلال الأسبوعين الماضيين، ورغم إجراءات النظام القمعية تواصل وحدات المقاومة عملياتها مثل إحراق مقرات الحرس الثوري في عدة محافظات، وشن هجمات في سيستان وبلوشستان أسفرت عن مقتل عناصر من قوات النظام.

على أرض الواقع ولأجل مواجهة هذه الضغوط يعتمد خامنئي على وكلائه الإقليميين لتعزيز موقفه؛ ففي العراق زار لاريجاني البلاد لضمان عدم استخدام المجال الجوي العراقي ضد إيران في حال نشوب حرب ولأجل تعزيز التعاون الاستخباراتي والاقتصادي وُقّعت اتفاقية أمنية وصفتها الحكومة العراقية بأنها مذكرة تفاهم حدودية؛ لكنها أثارت مخاوف في الولايات المتحدة، ويسعى النظام إلى الالتفاف على العقوبات عبر العراق من خلال تصدير النفط وتأمين الدولارات عبر شركات وهمية.. كما يهدف إلى توحيد الميليشيات الموالية كالحشد الشعبي للسيطرة على الحكومة العراقية مستغلًا مراسم الأربعين لإضفاء الشرعية على وجوده إلا أن النظام يفقد نفوذه تدريجياً بسبب الضغوط الأمريكية، مما يتطلب دعماً دولياً للقوى الوطنية العراقية لمواجهة هذا النفوذ.

في لبنان تُركّز جهود النظام على منع نزع سلاح حزب الله الذي يعتبره درعاً حيوياً؛ إذ يعتقد خامنئي أن فقدان هذه الأسلحة سيفتح الباب أمام هجمات عسكرية على إيران ولأجله تأتي زيارة لاريجاني إلى لبنان لتنفيذ خطط تشمل الضغط السياسي والإعلامي وخلق مناخ من انعدام الأمن من خلال توظيف عصابات لمهاجمة المراكز الأجنبية.. كما يُخطط للضغط على الحكومة السورية الجديدة إذا تعاونت في نزع السلاح..، وجدير بالذكر أنه مع سقوط نظام الأسد تراجعت موارد حزب الله الأمر الذي أضعف قاعدته الاجتماعية التي كانت تعتمد على المال الإيراني.

حاول ويحاول النظام ضخ الأموال عبر مكاتب الصرافة؛ لكن المعادلات قد تغيرت.. كما يتضح من الموقف الصريح للقادة اللبنانيين ضد التدخل الإيراني، ومطالبة الرئيس اللبناني بعدم التدخل فاتحاً الباب أمام إجراءات قد تصل إلى طرد السفير الإيراني وإغلاق السفارة.

في اليمن يدعم النظام الحوثيين كواجهة اقتصادية حيث يسيطر الحرس الثوري على مناطقهم ويرسل إليهم كميات هائلة من الأسلحة أخرها 750 طناً من الصواريخ، ويستخدم خامنئي الحوثيين كورقة ضغط في المفاوضات الدولية، ولمواجهة ذلك يجب دعم الحكومة اليمنية الشرعية سياسياً وعسكرياً لإنهاء سيطرة النظام.

في الختام.. كلما ضعف النظام داخلياً زاد اعتماده على وكلائه الخارجيين، وهنا يكمن الحل الجذري في إسقاط النظام على يد الشعب الإيراني مع فضح مخططاته إعلامياً وسياسياً، والتركيز على نزع سلاح حزب الله وحل قوات الحشد الشعبي لكسر قبضة خامنئي على المنطقة والمساهمة في استقرارها، وستحد هذه الجهود المتوازية من نفوذ نظام يعتمد على الإرهاب والقمع من أجل بقائه.