أمنة الدبش تكتب لـ(اليوم الثامن):
فلسطين: أرامل الإبادة.. صراع الفقد والبقاء في غــ قطاع ــزة
مع استمرار الحرب وتوسع دائرة القصف، ترتفع أعداد النساء اللواتي فقدن أزواجهن في القطاع، حيث تتحول فتيات في بداية العشرينات إلى أرامل في لحظات مفاجئة، وفق شهادات تجمع بين الفقد المبكر والثقل المتزايد للمسؤوليات اليومية. ومع تدهور الظروف الإنسانية وغياب مقومات الحياة الأساسية، تتصاعد أعباء النساء بين محاولة حماية الأطفال والتعامل مع غياب المعيل.
تقول منظمات محلية إن المئات من النساء أصبحت أرامل منذ بدء العمليات العسكرية، وإن كثيرات فقدن أزواجهن في الأيام الأولى من زواجهن أو أثناء النزوح. وتظهر الشهادات أن جزءاً من الأرامل لم ينجبن أطفالاً بعد، بينما تحمل أخريات أجنة لم يرَ آباؤهم النور.
سارة أحمد، 21 عاماً، من مخيم رفح، تزوجت قبل أيام من مقتل زوجها. وتقول إن زوجها خرج لشراء احتياجات منزلية بعد اليوم الثالث من زواجهما قبل أن يُقتل في قصف مفاجئ. وتضيف: «كل شيء كان جديداً؛ البيت، الأحلام، وحتى ابتسامتي. الحرب لم تقتل زوجي فقط، بل سرقت عمري وأنا في بدايته».
وفي مخيم الشاطئ، تواجه لينا شحادة، وهي أم لثلاثة أطفال، واقعاً مختلفاً بعد مقتل زوجها بصاروخ خلال قصف عنيف. وتوضح لينا أن أطفالها «لا يدركون معنى اليُتم بعد، لكنهم يشعرون بغياب والدهم»، مضيفة أنها تحاول توفير حياة طبيعية لهم رغم الدمار. وتقول: «لم يكن هذا حلمي، لكن عليّ الآن أن أكون الأب والأم معاً».
أما آية أبو شهلا (24 عاماً) من خانيونس، فكانت في شهرها الأول من الحمل عندما قُتل زوجها في غارة استهدفت منزل عائلته. وتقول إنها تعيش بين فرحة الحمل وصدمة الفقد، موضحة: «كنت أعدّ الأيام لبدء حياتنا، واليوم أعدّ الشهور لولادة طفل لن يعرف والده».
بيانات العاملين في مجال الدعم النفسي تشير إلى أن غياب الوقت للحداد وتواصل القصف يدفع النساء إلى مواجهة متوازية: فقدان الشريك وإدارة حياة يومية تريد الحد الأدنى من الاستقرار. ومع ارتفاع أعداد الأرامل، تتزايد الأعباء المالية والصحية والاجتماعية على النساء، خصوصاً في ظل النزوح، وندرة المياه، وصعوبة الحصول على الغذاء.
وتقول منظمات إن كثيراً من الأرامل يتحملن مسؤوليات تمتد من رعاية الأطفال إلى تأمين المأوى والغذاء، بينما تتعرض بعضهن لضغوط اجتماعية إضافية تتعلق بالزواج أو نظرة المجتمع. ورغم ذلك، تشير شهادات عدة إلى قدرة عالية على الصمود، باعتبار أن البقاء أصبح شكلاً من أشكال المقاومة اليومية.


