العزلة النفطية التي فرضها القانون السابق..

هواجس التفريط في الثروات النفطية تغذّي الاحتقان الجزائري

الثروة النفطية الجزائرية خط أحمر

صابر بليدي

زاد مشروع قانون المحروقات الجديد في الجزائر، من حدة الصراع بين السلطة التي أعدته والشارع الجزائري الذي اعتبره تشريعا جديدا يفتح الباب للتفريط في الثروات النفطية للبلاد لفائدة شركات ومؤسسات أجنبية.

وبينما كان مجلس الوزراء يدرس القانون في مبنى رئاسة الجمهورية، عمت الاحتجاجات الشعبية محيط مبنى البرلمان والعديد من المدن والمحافظات، مما سيجعل مصيره ومساره غامضا، بعدما أخذ أبعادا سياسية ولم يمنح فرصة النقاش الاقتصادي والاستراتيجي.

وناقش مجلس الوزراء قانون المحروقات الجديد الذي عرضته حكومة تصريف الأعمال، وسط لغط كبير أخذ أبعادا سياسية تشكل امتدادا للصراع القائم بين السلطة والشارع منذ ثمانية أشهر.

وتتضمن مسودة القانون تحفيزات جبائية وجمركية للشركات الأجنبية، وصلاحية للشركة المحلية المختصة في منح الصفقات النفطية بالتراضي، إلى جانب تمديد مهلة الاستكشاف والاستغلال من سنتين إلى تسع سنوات ومن 12 سنة إلى 35 سنة، وحصر مهلة حق الشفعة للدولة في شهرين فقط بعدما كانت سنة.

ويشدد المؤيدون للقانون على ضرورة الخروج من العزلة النفطية التي فرضها القانون السابق على البلاد، وتطوير الصناعة البترولية والغازية، بشكل يُوفر للخزينة العمومية موارد مالية جديدة تضمن التوازنات الكبرى للبلاد، في حين يرى الرافضون أنه يرهن سيادة البلاد على ثرواتها، ويهدد مستقبل الأجيال القادمة بكوارث بيئية كبيرة.

وفشلت السلطة في التسويق الجيد للقانون الجديد، لعزله عن الصراع المحتدم بين السلطة والحراك الشعبي، حيث اعتبر تصريح وزير الطاقة محمد عرقاب، بمثابة الاستفزاز وتعقيد مأمورية تمريره بعيدا عن الصخب الشعبي وانتقادات المعارضة، لمّا أكد لوسائل إعلام محلية أن “القانون أُنجز بالتشاور مع خبراء الشركات النفطية العالمية الكبرى”، وهو ما اعتبر تجاهلا وتجاوزا لإرادة الشعب والمؤسسات المحلية.

وذكر مصدر مطلع لصحيفة العرب الدولية أن وفودا من خبراء الشركات النفطية العالمية قاموا في المدة الأخيرة بزيارات مكوكية للجزائر من أجل الاطمئنان على مخارج القانون الجديد، وتفادي تكرار فشل المحاولة الأخيرة للمدير السابق لشركة سوناطراك عبدالمومن ولد قدور، الذي أوكل مهمة إنجاز القانون خلال الأشهر الماضية لمكتب دراسات أمريكي، إلا أن ضغط الحراك الشعبي أجهض المشروع.

ويستغرب معارضون لقانون المحروقات أسباب تسريع السلطة لوتيرة تمريره رغم الأوضاع السياسية المضطربة في البلاد، و استمرار الاحتجاجات الشعبية، وربطوا ذلك برغبة السلطة في شراء دعم القوى الكبرى في العالم خاصة الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا عبر ثروة النفط والغاز، مقابل تزكيتها لمخارج الاستحقاق الرئاسي المقرر في 12 ديسمبر المقبل.

وقال الخبير الدستوري رضا دغبار، لـ”العرب” إن “حكومة نورالدين بدوي ليس من صلاحيتها الخوض في مثل هذه المسألة الاستراتيجية، لأن الدستور يحصر مهامها في تصريف الأعمال إلى غاية العودة إلى مسار المؤسسات الشرعية”.

وتسود أروقة البرلمان حالة ارتباك كبيرة، بسبب ثقل المشروع المنتظر إحالته خلال الأيام القليلة المقبلة له للمناقشة والموافقة. وعبرت عدة كتل برلمانية عن شكوكها في تسريع الحكومة لوتيرة القانون ليدخل حيز التنفيذ قبل الانتخابات الرئاسية المقررة قبل نهاية العام الجاري.

وأطلق النائب البرلماني عبدالوهاب بن زعيم، عن جبهة التحرير الوطني الحاكم، مساحة للتشاور والحوار المفتوح على توقيت برمجة قانون المحروقات الجديد، في حسابه الخاص على فيسبوك، داعيا الحكومة إلى إرجاء عرض القانون إلى غاية الانتهاء من الانتخابات الرئاسية وإفراز رئيس شرعي للبلاد.