خلاف حول الدور التركي..

ليبيا: تعثّر إقرار اتفاق الهدنة بعد محادثات موسكو

وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو والمشير خليفة حفتر في موسكو

موسكو

فشلت الأطراف الليبية، أمس، في التوصل إلى توافق حول شروط وقف النار وآليات مراقبة تنفيذ الهدنة، وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في ختام جولات مطولة من المحادثات التي استمرت نحو سبع ساعات، عن «تحقيق تقدم في المفاوضات»، لكنه لمّح إلى وجود نقاط خلافية ظلت عالقة، مشيراً إلى أن أحد طرفي المفاوضات (حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج) وقّع الوثيقة المقترحة حول الهدنة، في حين طلب الطرف الثاني (قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر) مهلة إضافية. وقال لافروف إن المشير حفتر طلب إضافة بعض العناصر إلى الوثيقة الختامية قبل توقيعها، مشدداً على أن الجهود الروسية والتركية ستتواصل لإنجاز الاتفاقات ووضعها موضع التنفيذ.

وأوضح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، خلال مؤتمر صحافي مقتضب عقده الوزيران، أن قائد الجيش الوطني الليبي المشير حفتر طلب مهلة حتى صباح اليوم الثلاثاء لتحديد موقفه، وهو الموقف الذي تبناه كذلك رئيس مجلس النواب عقيلة صالح الذي شارك في المفاوضات.

وكانت جولة المباحثات انطلقت أمس في موسكو باجتماع ضم وزراء الخارجية والدفاع ورؤساء أجهزة الاستخبارات في روسيا وتركيا.

وأعلنت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في وقت لاحق أن الوفدين الليبيين انضما إلى الاجتماع. واللافت أن مستشار رئيس مجلس النواب الليبي حميد الصافي قال بعد ذلك إن الأطراف الليبية لم تعقد مفاوضات مباشرة، وإن الحوارات جرت بشكل منفصل بوساطة روسية وتركية، ما أوحى بأن حديث زاخاروفا عن انضمام الوفدين، تركز على جلسة افتتاحية تمهيدية فقط. وبدأت الجلسات بلقاءات ثنائية قبل أن تنطلق المفاوضات، وتولى الوفد الروسي إدارة الحوار مع المشير حفتر وعقيلة صالح، في حين قام الجانب التركي بحضور دبلوماسيين روس بإدارة الحوارات مع السراج.

وقال الصافي، في نهاية الاجتماعات، إن «المفاوضات انتهت دون التوصل إلى توقيع اتفاق». وكانت وزارة الخارجية الروسية أكدت أن المحادثات تأتي استمراراً لمبادرة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره التركي، رجب طيب إردوغان، لوقف إطلاق النار في ليبيا اعتباراً من منتصف ليل 12 يناير (كانون الثاني)، والتي أعلن طرفا النزاع الليبي استجابتهما لها.

وبرغم أن المفاوضات جرت خلف أبواب مغلقة، لكن تسريبات أشارت إلى بروز عدد من النقاط الخلافية التي شكلت محاور لمناقشات مطولة. وجاء في مسودة الوثيقة الختامية التي تسربت بشكل غير رسمي إلى وسائل الإعلام أن تلتزم الأطراف بوقف إطلاق النار دون شروط مسبقة. وبموجب مسودة الاتفاق، فإنه من المتوقع أن تعمل الأطراف الليبية على استقرار الوضع في طرابلس والمدن الأخرى.

كما جاء في المسودة أن الجانبين الليبيين المتنازعين اتفقا على تشكيل لجنة عسكرية لتحديد خط اتصال ومراقبة وقف إطلاق النار.

لكن تباينات كثيرة برزت خلال المفاوضات، إذ نقلت وكالة «سبوتنيك» عن وزير الخارجية في «الحكومة المؤقتة» شرق ليبيا، عبد الهادي الحويج، الذي لم يشارك في اللقاء، أن «الجيش الوطني الليبي» لن ينسحب من ضواحي طرابلس، واتفاق وقف إطلاق النار لا يعني التوصل إلى السلام، مشدداً على رفضه مشاركة الجانب التركي في المحادثات.

وقال الحويج: «نؤيد وندعم الأصدقاء والحلفاء الروس، ونؤيد المبادرة الروسية». لكنه لفت إلى نقطة خلافية أساسية، مشدداً على «رفض أن تكون تركيا جزءاً من مبادرة وقف إطلاق النار في ليبيا لأنها طرف في الصراع، وتدعم الميليشيات الإرهابية، وترغب في نهب ثروات البلاد».

وأردف وزير الخارجية في حكومة شرق ليبيا: «المشاركة التركية يُسأل عنها الجانب الروسي، وليس ليبيا، ولم نرحب بوجود الجانب التركي ولا ندعوه لحضور توقيع الاتفاقية».

وشدد على أن «الأزمة الحالية في ليبيا هي أزمة أمنية وليست سياسية»، لافتاً إلى أن ما يتم العمل للتوصل إليه هو «اتفاق لوقف إطلاق النار وليس اتفاق سلام».

وعكست هذه العبارات جانبا من النقاط الخلافية على خلفية تردد معطيات حول اقتراح بتشكيل لجنة روسية - تركية مشتركة لمراقبة تنفيذ الهدنة، وهو اقتراح قوبل بتحفظ من جانب الجيش الليبي. كما أشارت مصادر إلى أن بين عناصر الخلاف مسألة انسحاب القوات إلى الثكنات وهو أمر يعارضه حفتر بقوة.

وسبق أن أكد السراج، الذي يتولى منصب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، قبيل بدء المحادثات، أن خطوة التوقيع على وقف إطلاق النار تهدف إلى منع إراقة المزيد من الدم الليبي، داعياً «كل الليبيين إلى طي صفحة الماضي ونبذ الفرقة ورص الصفوف للانطلاق نحو السلام والاستقرار». ورحب السراج بمبادرة وقف إطلاق النار، ولكن بشرط انسحاب وحدات الجيش الوطني الليبي من مناطق حول طرابلس.

من جهته، قال قائد الجيش الوطني الليبي، خليفة حفتر، إنه يرحب بمبادرة وقف النار، لكنه أكد أن الجيش الليبي سيرد بقوة على أي محاولات استفزازية، لافتاً إلى عدم نيته الانسحاب من المواقع التي شغلها أخيراً.