مع تسارع انتشار وباء كورونا عبر العالم..

"العفو الدولية" تنتقد نظام قطر عدم توفير الحماية لخادمات المنازل

منظمة العفو الدولية تدين قطر بـ"استعباد" خادمات المنازل

الدوحة

جدّدت منظمة العفو الدولية انتقادها لقطر بسبب عدم توفيرها الحماية اللاّزمة لخادمات المنازل من سوء المعاملة على الرغم من مطالبات سابقة بذلك على خلفية تقارير حقوقية أظهرت تعرّض هذه الشريحة الهشّة من العمال الوافدين لصنوف كثيرة من التعدي على حقوقهنّ المادية والمعنوية، يرتقي بعضها إلى مرتبة العبودية المعاصرة.

وقالت المنظمة إنّ خادمات المنازل في قطر يعانين ظروف عمل شديدة القسوة. وجاء ذلك في تقرير نشرته المنظمة، الإثنين، استنادا إلى لقاءات أجرتها مع 105 نساء، حيث قالت نحو 85 في المئة منهنّ إنهن نادرا ما يحصلن على أيام راحة أو لا يحصلن عليها إطلاقا، وإن أرباب عملهن يحتفظون بجوازات السفر الخاصة بهن. كما قالت العديد من هؤلاء النساء إنهن يتقاضين أجورهن بشكل متأخر أو لا يتقاضينها أصلا.

وبحسب المنظمة، فإن قطر يعيش بها نحو مليوني عامل مهاجر، وينحدر هؤلاء بالدرجة الأولى من دول فقيرة مثل بنغلاديش ونيبال والهند. وتعمل 173 ألف امرأة كخادمات منازل نصف عددهن في منازل خاصة.

وأشارت النساء، اللاتي التقت المنظمة معهن، إلى سوء ظروف العمل وتعرضهن لتعد لفظي وبدني وإذلال، وقالت 24 امرأة إنهن لا يحصلن على طعام مناسب أو يأكلن من فضلات الطعام وأنهن ينمن على الأرض وأنهن محرومات من الرعاية الطبية.

وقالت نساء أخريات إنهن تعرضن للضرب والتحرش الجنسي أو حتى الاغتصاب، وشمل استطلاع المنظمة ناشطين وكذلك موظفين في سفارات هؤلاء النسوة.

وقالت إحدى الخادمات السابقات للمنظمة “هذه عبودية وأنا لن أفعل هذا”، مشيرة إلى أنها ظلت على مدار أكثر من عامين تعمل لدى اثنين من أرباب العمل لمدة 14 ساعة يوميا دون يوم واحد للراحة، وأضافت أنها لم تحصل سوى على أجر شهرين وأنها اُتُّهِمَتْ زورا بالسرقة.

ورأت المنظمة أن أحد الأسباب الرئيسية للظروف السيئة للعمل هو نظام الكفالة الذي يُلزم هذا النظام العامل الأجنبي بضامن محلي من مواطني البلد بوصفه رب عمله الذي يجب أخذ موافقته في حال أراد العامل تغيير وظيفته. ويقول منتقدون إن هذا النظام يفتح الباب أمام سوء المعاملة.

وكانت قطر تعرضت لانتقادات على خلفية أعمال التحضيرات لاستضافة بطولة كأس العالم 2022، وقد أعلنت الدوحة عن إجراء إصلاحات لتحسين وضع العمالة المهاجرة وذلك بعد استمرار الانتقادات.

وتضمنت هذه الإصلاحات السماح للعامل بتغيير وظيفته مستقبلا دون موافقة رب العمل الحالي، كما أصبحت قطر أول دولة في المنطقة تضع حدا أدنى للأجر الشهري بـ1000 ريال، ووصفت منظمة العمل التابعة للأمم المتحدة هذه الإصلاحات آنذاك بأنها “خطوة تاريخية”.

ومع ذلك لا تزال التقارير الحقوقية تظهر ممارسة أرباب العمل في قطر لهيمنة مطلقة على العمال الأجانب في مشاريعهم ومؤسساتهم، وحرية تصرّف بحقوقهم ومستحقاتهم ما في ذلك رواتبهم التي تقلّ عادة عما هو منصوص عليه في عقود الشغل، وقد يصل الأمر حدّ عدم تمكينهم من أي أجور وهي ممارسة شاعت في قطر على نحو واسع مع انتشار وباء كورونا وتعثّر بعض الأعمال والمشاريع.

وساهمت جائحة كورونا التي غزت قطر على غرار سائر بلدان العالم، في لفت النظر إلى ظروف عيش العمّال السيئة، حيث يتكدّس عشرات الآلاف منهم في معسكر قرب العاصمة الدوحة ويتقاسمون غرفا ضيقة كما يتقاسمون المطابخ والحمامات بشكل جعلهم عرضة للإصابة بالفايروس أكثر من سائر سكّان الإمارة.

وفي شهر مارس الماضي، ومع تسارع انتشار وباء كورونا عبر العالم، أطلقت منظمة العفو الدولية تحذيرا من تعريض الحكومة القطرية للآلاف من العمال والمهاجرين في المنطقة الصناعية بالعاصمة الدوحة لخطر الإصابة بالفايروس، حيث أشارت المنظمة الدولية إلى إقدام السلطات القطرية على إغلاق المنطقة التي تؤوي الآلاف من العمال ما جعلهم محاصرين في ظروف مهيأة لانتشار الفايروس في أوساطهم.

ولفتت المنظمة إلى أنّ انتهاكات الأجور تفاقمت منذ انتشار فايروس كورونا، حيث “تذرّع بعض أصحاب العمل بالوباء لحجز الأجور أو رفض دفع أجور عالقة لعمال محتجزين أو مبعدين قسرا إلى أوطانهم”.

ويظهر ذلك أن ما وضعته قطر من قوانين جديدة منظمة لعلاقات العمل تظل صورية في غياب الحرص على تنفيذها، وعلى معاقبة من لا يلتزم بها.

وبالرغم من ذلك، فإن ريجينا شبوتل خبيرة قطر في المنظمة أشارت إلى ما وصفته بأنه “إفلات واسع النطاق من العقاب”، حيث قالت إن النساء غالبا لا يستطعن تحرير محاضر لأن ذلك يعرض وضعهن القانوني ودخلهن وسكنهن للخطر، وأضافت شبوتل أن نظام الكفالة لا يزال قائما ويتيح لأرباب العمل “قدرا كبيرا من القوة غير المتناسبة”.