مواجهة كورونا..

رئيس الوزراء يحذر الجزائريين من التراخي في تنفيذ الإجراءات الوقائية

حملة دعائية تفاقم المخاوف من تفشي كورونا

صابر بليدي

حذّرت الحكومة الجزائرية من تداعيات التراخي في تطبيق الإجراءات الوقائية لمواجهة وباء كورونا، مما ترجم مخاوفها من العودة اللافتة لانتشار الوباء في الآونة الأخيرة، لكن مصداقية تحذيراتها اصطدمت بتغافل السلطات المختصة عن الحشود الشعبية المنخرطة في حملة الدعاية للدستور الجديد، المقرر عرضه على الاستفتاء يوم الأحد القادم.

ووجّه رئيس الوزراء عبدالعزيز جراد، تحذيرا للرأي العام من مغبة التراخي في احترام وتطبيق الإجراءات الوقائية المطبقة في البلاد لمواجهة وباء كورونا، بعد تسجيل تصاعد في الآونة الأخيرة لعدد الإصابات الذي فاق المئتي حالة يوميا.

ولكن الانتقادات لبيان الحكومة لم تتأخر، حيث هاجم العديد من المواطنين هذا البيان مندّدين بتعمد السلطات المختصة وعلى رأسها وزارة الداخلية الترخيص لتنظيم تجمعات شعبية في إطار الحملة الدعائية للاستفتاء الشعبي، أين سجلت حضور حشود شعبية في فضاءات مغلقة دون احترام للتدابير الوقائية.

ويبدو أن اللجنة العلمية المنكبّة على متابعة الملف، تتجه إلى مراجعة بعض قراراتها في حال استمرار تفشي الوباء بوتيرة مقلقة، ولذلك توجهت للرأي العام ببيان تحذيري صادر عن رئيس الوزراء، من أجل “ضرورة الاستمرار بكل صرامة ومسؤولية، في التقيّد بتدابير نظام الوقاية من تفشي فايروس كورونا ومكافحته”.

وذكر رئيس الوزراء أن “الجائحة تشهد انتعاشا مقلقا على الصعيد الدولي، وميلا نحو تفاقم الوضع الوبائي، فالعديد من البلدان في القارات الخمس، بصدد تعزيز التدابير الوقائية وتشديد الإجراءات المقيّدة لتنقل الأشخاص والأنشطة التي من المحتمل أن تزيد من خطر العدوى”.

بيان الحكومة الجزائرية واجه انتقادات حيث تمت مهاجمته من خلال التنديد بتعمد السلطات الترخيص لحملات دعائية للدستور

وأضاف “بعد التحكم في الوضع الصحي وتسجيل نتائج مشجعة للغاية، تظهر اليوم علامات على التراخي، تدعونا لأن نخشى عودة ظهور بؤر العدوى من جديد، والتي ينبغي أن تحثنا، ليس فقط على الحذر، وإنما يتعيّن علينا قبل كل شيء، أن نسهر على تعبئة أقوى والتزام الجميع لكبح انتشار فايروس كورونا”.

وتابع “في هذه الفترة الخاصة التي تتميز باستئناف مراقب وتدريجي للنشاط الاقتصادي والدخول المدرسي والجامعي، وكذا استئناف صلاة الجمعة في مساجدنا، يجب بذل كل الجهود للحفاظ على أقصى درجات اليقظة، والحفاظ على جميع تدابير الوقاية والحماية التي مكنّتنا حتى الآن من حماية أنفسنا من أي وضع قد يُعقد أي تكفل صحي”.

ولكن رئيس الوزراء لم يعلق على الخرق المثير للقوى السياسية والتنظيمات المدنية، التي تعكف على حشد أنصارها ومناضليها في فضاءات مغلقة ودون احترام شروط الوقاية، بدعوى تعبئة الشارع من أجل المشاركة القوية في الاستفتاء الشعبي وتزكية الدستور الجديد.

وكان الرئيس عبدالمجيد تبون، قد أعلن عن دخوله في حجر صحي وصفه بـ”الطوعي”، بعد ظهور أعراض إصابته بالوباء، إلى جانب تسجيل إصابات أخرى لدى موظفين ومسؤولين في رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، حسب ما أعلنه بيان رئاسي.

وكانت الأحزاب السياسية الكبرى في الجزائر، على غرار جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وجبهة القوى الاشتراكية، قد رخصت لها السلطات المختصة خلال الصائفة الماضية بتنظيم مؤتمرات سياسية وسط حضور كثيف، الأمر الذي أثار حفيظة المتابعين عن تغافل الحكومة عن أنشطة هذه الأحزاب رغم خطورة الوضع الصحي.

كما أخفقت الحكومة في فرض احترام الإجراءات التي سطّرتها لمواجهة الوباء، في عدد من الحالات الاجتماعية التي استقطبت حشودا من المواطنين، على غرار مركزة توزيع الدقيق في شهر أبريل ومايو الماضيين، وأزمة السيولة المالية في المصارف ومكاتب البريد ووسائل النقل الحضرية داخل العاصمة والمدن الكبرى.

ومازالت الجزائر تحظر النقل بين الولايات (المحافظات)، كما يبقى قرار الحدود البرية والبحرية والجوية ساري المفعول، فضلا عن العودة النسبية لصلاة الجمعة، لتفادي انتقال العدوى، لكن التراخي الرسمي والشعبي في الأنشطة الأخرى طعن مصداقية خطابها الصحي وأثار الشكوك في خلفياته، لدرجة أن المعارضة السياسية تتهمها بالتوظيف السياسي للجائحة.

وحضّت رسالة عبدالعزيز جراد “المواطنين والمواطنات على مضاعفة اليقظة والبقاء متضامنين، ومواصلة مكافحة فايروس كورونا بكل حزم”، ووجّهت إلى “مواصلة التحلي بالمسؤولية الفردية والجماعية لحماية أرواح المرضى والمستضعفين، وحياة مواطنينا، ولتقاسم العبء الذي تتحمله على الخصوص فرقنا الطبية وشبه الطبية الباسلة، وكذلك الأسلاك الأخرى التي تم حشدها لمواجهة هذا الوباء”.