لمحة تأريخية..

"البندق".. الأسلحة التقليدية في الشعر الشعبي الجنوبي

كتاب الباحث الدكتور علي صالح الخلاقي - أشيف

د. علي صالح الخلاقي
كاتب ومؤلف تأريخي له العديد من الاصدارات التأريخية والشعرية والأدبية يكتب لدى صحيفة اليوم الثامن

سلاح ناري، ذو عيار صغير، خفيف الوزن، يُطلق من الكتف، يحمله ويستخدمه فرد واحد في مختلف أوضاع الرماية والحركة. والبندق اسم جامع لصنوف متعددة من البنادق، قديمها وحديثها، وسميت البنادق عند ظهورها بالرومية نسبة للعثمانيين الذين جاءوا بها والذين يسميهم أهل حضرموت بالروم، ثم تعددت اسماؤها تبعاً لصنفها أو منشأها أو ما تعارف عليه الأهالي من مسميات. وهذا الشاعر عبدالله بن عمر بن عزان بن سند الكثيري يقول مفاخرا في بندقه:


(بندقي) بو روم زين الطي والشنبر
وقُوته القامزي واحبُوب موزونه

من قمت لا حزامتي كاره ولا محسر
ورأس دسمال والعصره مصبونه

ويصف الشاعر العلم عبدالحق معركة المكلا التي انتصر فيها القعيطي ضد الكثيري سنة 1283ه بمساعدة عدد كبير من آل تميم والمناهيل:
حملاتهم على الخصم ميله واحده
ما القوا شبيه الحرب لي نعتادي

نعتاد هات (بندق) وخُذ لك (بندق)
ويدخل الساعي وجا السدادي

وهذا الشاعر الشعبي أحمد بكير يذكر بندق مائة، نسبة إلى ثمنه المقدر بمائة قرش، وهي العملة الرائجة حينها، كما يبدو من قوله:
بو عوض قال من رام العلا لا يبالي
لا يلقي على الصندوق رزِّه وكيلون

آه يا بوي نا منه ويا ما بحالي
يوم (بندق) ميه صبح على قرش مرهون

قول الشاعر علي صالح بن طالب السعدي، رحمه الله، في وصاياه الشعرية المتسلسلة ينصح بترك التفاخر (الهِراء) حينما تتكلم البنادق، والتي لا قيمة لها بدون الرماة الذين يجيدون استخدامها:
والسابعه لو الخصوم اِتْقَابَلَهْ
حُطِّ الهِرَاء خَلِّ البنادق يَهْتَرَين

والثامنه أحسن سَلَبْ بالبَنْدَقَه
يَرمُون والاّ ما البنادق ما رَمَيْن

ويقول زامل للشاعر صالح بن عبدالله سلطان العوالق يعبر عن استعداده لكل الظروف:
غرنا على اصوات (البنادق)
وان ضربها منّي مجنِّب( )

العافيه قدنا لباها
وان شي بلاء قدني مطنِّب( )

وفي حفل زواج في دثينة (امقليته) شارك جماعة من ربيز بعد أخذ موافقة مضيفهم من الانجليز فلاحظ شاعر ربيز حيمد بن سريب بعض أهل دثينه ومعهم بنادق جديدة فسألهم هل هي إعارة من الانجليز أو ملكاً لهم، يقول:
قال دي حَلّ في شَيْ لَعْلا
دي يِجِيْبْ الفِيَدْ هو والخساره

غُلّ لي اليوم هذا (البنادق)
هي لكم ملك أو هي عياره

فرد عليه الشاعر ناصر شاخ الحسيني بأن تلك البنادق مشتراه وبثمن باهض، أما أنت فقد حصلت على دعم الإمام وتحسن حالك بعد الفقر، يقول في رده:
(امْبَنادق) معانا بقيمه
وامفرنجي معانا عزاره

واليمن لك وذَبَّيْت نفعه
كُنت فقري وسَيْت امتجاره

ويقول الشاعر ناصر علي سعيد المرزقي، معبراً عن استيائه من تسليح بعض الفئات:
يا راسي ابدع لا تضيّع هاجسك
لَهْل (البنادق) لا صلح تضياقها

اليوم في عافيه مَطْوَلْ منها
واتْبَنْدَقوا دي ما لهم بنداقها