"الانتقالي" كسب جولة سياسية جديدة..
تحليل: إخوان اليمن في الجنوب.. سلطة هشة وضربة إقليمية متوقعة
حرب جديدة يخوضها "إخوان اليمن"، في محافظة شبوة النفطية، يهدف من خلالها فرع التنظيم الدولي إلى إزاحة الحلفاء الذين شاركوه معركة (أغسطس /آب) 2019م، للسيطرة على واحدة من أبرز معاقل الثقل القبلي في الجنوب، الطامح في استعادة الدولة السابقة بحدود مع قبل الوحدة مع صنعاء في (مايو آيار) 1990م، ومحاولة تحصين وجوده بإخوانة كل شيء، تحسبا او تفاديا لضربة قد توجه له في ظل إصراره على رفض تنفيذ اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة اليمنية التي يتحكم فيها التنظيم والمجلس الانتقالي الجنوبي.
قتال الاخوان في شبوة وقبلها في أبين، هدفها في الأساس إزاحة قيادات عسكرية موالية لهادي وهي من خارج التنظيم، لكن ذلك لم ينفع في مواجهة الانتفاضة الشعبية في مناطق سيطرته، التي بينت ان الوضع في "شبوة ووادي حضرموت ولودر بأبين، لا يزال هشا"، رغم القبضة العسكرية الحديدية.
رئيس مريض ونائب يسعى لتكرار سيناريو 2012..تحليل: إخوان اليمن وهادي.. مخططات إيقاع السعودية في الفخ |
بعد حرب صيف العام 1994م، كانت شبوة ساحة صراع محلية "بين القبائل"، ودولية بفعل تحولها إلى مواقع لتمركز تنظيم القاعدة، اشد الفروع تطرفا في الجزيرة العربية، استخدم نظام صنعاء بعد سيطرته العسكرية "سياسة فرق تسد"، بتغذية الثأرات القبلية لتجند أي انتفاضة قبلية مسلحة ضده، خاصة وان قبائل شبوة معروف عنها مقاومتها لأي وجود "اجنبي"، فشبوة سبق لقبائلها ودخلت في قتال عنيف مع الوجود البريطاني قبل العام 1967م.
فكانت الثأرات السبيل الوحيد لشغل القبائل بالقتال فيما بينها، في حين يتفرغ النظام لاستحواذ على منابع النفط في واحد من اغنى المحافظات، لكن سكانها ظلوا يعانون من شظف العيش، وغياب الخدمات.
في أبريل (نيسان) 2015م، تعرضت شبوة لاجتياح من الحوثيين الذين استطاعوا الوصول الى "مدينة عتق"، المركز الإقليمي للمحافظة، لكن المقاومة القبلية سرعان ما نجحت في دحرهم حتى ريف بيحان المحاذية لمحافظات اليمن الشمالية، وهناك ظلوا لسنوات بفعل وجود مخاوف لدى الاذرع المحلية في مأرب، من ان تحرير بيحان قد يقرب الجنوبيين من الاستقلال، ناهيك عن وجود ما يشبه بالحاضنة الشعبية "السادة الهواشم"، الذين يدين بعضهم للحوثيين، ومنهم ما يعرف بقائد قوات الأمن الخاصة لعكب الشريف الهاشمي.
قمة سعودية عمانية لإعادة رسم وحدة اليمن..تحليل: مسقط تستحضر خلافاً قديماً مع عدن والرياض تعود لصنعاء |
هذه الحاضنة وظفها تنظيم الإخوان مجددا في معركة استعادة السيطرة على شبوة، فعين قيادات أمنية وعسكرية (شخصيات مقربة من الحوثيين)، في مناصب قيادية قبيل معركة السيطرة على عتق وبلدات ريفية أخرى كانت خاضعة لسيطرة قوات النخبة، المتخصصة في مكافحة الإرهاب والتي نجحت في تطهيره أبرز معاقل التنظيم المتطرف في خلال فترة وجيزة.
في مطلع العام المنصرم 2020م، ضغط الحوثيين بشكل أكبر نحو مأرب، واستطاعوا في مدة قصيرة السيطرة على فرضة نهم واسقاط سبعة الوية عسكرية معززة بترسانة اسلحة ضخمة كانت كفيلة بتحرير صنعاء من الحوثيين، قبل ان تصبح في قبضتهم بالإضافة الى محافظة الجوف المجاورة وصولا إلى محيط مأرب.
الحوثيون قالوا في العام 2020م، وعلى لسان القيادي محمد البخيتي ان "الذي منعهم من السيطرة على مأرب، هي دولة إقليمية"؛ في إشارة ربما الى قطر التي لها تحالفات علنية وواضحة مع الاذرع الإيرانية في اليمن، ولا تريد هزيمة حلفائها في مأرب قبل ترتيب وضعهم بشكل أكبر في الجنوب، تمهيدا لمشروع التقاسم "الشمال لإيران والجنوب لقطر وتركيا".
قيادية إخوانية تقدم المشروع بصورة ناعمة..تقرير: تقاسم نفوذ في اليمن بين إيران وقطر.. السعودية خارج الملعب |
شعرت الدوحة ان تسليم مأرب للحوثيين أو سيطرتهم عليها، قد يتحول الى "انتكاسة"، خاصة بعد ان فشلت قوات الإخوان في السيطرة على مدينة زنجبار مركز محافظة أبين، بعد ان تصدت القوات الجنوبية التي يشرف عليها المجلس الانتقالي الجنوبي، لهجمات "عديدة"، كانت تمثل خرفا لاتفاقية الرياض.
الانتكاسة التي كان يخشاها الإخوان في "تسليم مأرب"، وقعت في أبين التي خسروا على أثرها قيادات عسكرية رفيعة، الأمر الذي أوقف الحوثيين على تخوم مأرب، وعادوا مجددا لتنشيط جبهة الضالع، حيث تقاتل هناك قوات يشرف عليها "الانتقالي"، ولكن الحوثيين لم يحققوا أي تقدم هناك.
لا جدوى من البحث عن حلول هشة في اليمن.. تحليل: "القاعدة" يضرب الجنوب.. ماذا عن المصالحة السعودية القطرية |
خلال الأشهر الماضية، طفح على السطح "الصراع الإخواني على الرئاسة"، أو من سيخلف هادي في الحكم، فعلي محسن الأحمر – الذي يصف بالأب الروحي للقاعدة- يرى انه الأقرب لخلافة هادي، والاجدر بثقة قطر وتركيا، وقد لا يعارض الحوثيون "ان يكون رئيسا لخلافة هادي المرض بالقلب والذي يتلقى العلاج في الولايات المتحدة الأمريكية".
تعرضت فروع التنظيم الدولي للإخوان لضربات قوية في معظم دول العالم العربي، ولم يتبق الا اليمن، الذي لا يزال الفرع فيه متماسكا، ربما بفضل استحواذه على قرار الرئيس "هادي منصور"، لكن هذا يعني الفرع اليمني قد بات الرهان الأخير لعودة التنظيم في أكثر من قطر عربي.
حلفاؤه يشرعنون لتدخل تركي في الجنوب.. تحليل: "عبدربه منصور هادي".. رئيس مؤقت ومشكلة دائمة في اليمن |
تناور أنقرة بالتخلي عن دعم تنظيم الإخوان واغلاق قنواتهم، كبادرة حسن نية للتصالح مع دول عربية أبرزها مصر، التي تضرر من دعم انقرة للإخوان، لكنها في ذات الوقت تمد إخوان اليمن "عسكريا بالطائرات المسيرة التي تأكد استخدامها في أبين خلال العام الماضي"، وسياسيا من خلال تمويل قنوات ومنصات إعلامية مخصصة لمهاجمة الجنوب.
لم تخف أنقرة ومن خلفها الدوحة الرغبة في السيطرة على أرخبيل سقطرى بالإضافة الى عدن وخليج عدن وباب المندب، فخلاف للدعم الذي تقدمه قطر وتركيا للإخوان في شبوة، مولتا انشاء ما عرف بقوات الحشد الشعبي في تعز، وهي ميليشيات اخوانية تم تجميع مقاتليها من الكثير من الجبهات في مواجهة الحوثيين.
في تعز، بدأ الاخوان مرحلة التغول صوب ميناء المخأ وباب المندب، في العام 2019م، كان يعتقدون ان العقبة التي تعرقل طريقهم، تتمثل في اللواء 35 مدرع، ليتم تصفية قائده العميد عدنان الحمادي، الذي تقول العديد من التقارير الإخبارية اليمنية ان المتهمين "اخوان"، تم تهريبهم ويتم مماطلة النظر في القضية.
استعرض الاخوان قواتهم في تخوم جبال الصبيحة بلحج، كإعلان الاستعداد للتقدم صوب عدن والتحشيد بإرسال تعزيزات عسكرية صوب أبين، متزامنا مع هجمة إعلامية منظمة على المجلس الانتقالي الجنوبي، إلا ان الأخير لم يتأخر في الرد على هذا التحشيد، بحشد أنصاره في شبوة "سلمياً"، الأمر الذي اثار مخاوف التنظيم اليمني، فحشد كل قواته العسكرية لمنع إقامة تظاهرة في يونيو (حزيران الماضي)، ورغم القمع، استطاع المجلس إيصال رسالته البليغة للإقليم والمجتمع الدولي وللأطراف التي تدعم الاخوان.
لم يقف المجلس الانتقالي الجنوبي، فلم تمر الا أيام قليلة على تظاهرة شبوة حتى دعا لتظاهرات أوسع في "يوم الأرض، الـ7 من يوليو (تموز) الجاري، وهي التظاهرات التي توسعت حتى وادي حضرموت الخاضع لسيطرة قوات إخوان اليمن.
"اليوم الثامن" تبحث التحركات العسكرية والمواقف السياسية.. تحليل: الموقف الأمريكي من الحوثيين يشجع الإخوان على اجتياح عدن |
هذه التظاهرات أربكت الأطراف الإقليمية الداعمة لإخوان اليمن، وفي ذات الوقت بينت ان السيطرة على منابع النفط لا تزال هشة، والمحتلون الجدد خلطت اوراقهم تظاهرات شعبية، لنرى مواقف دولية "من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والمملكة المتحدة"، جميعها اتفقت على وقف التصعيد "من الطرفين" والعودة لتنفيذ اتفاقية الرياض الذي يرفض الاخوان تنفيذ أي من بنوده وأبرزها الانسحاب من شبوة ووادي حضرموت.
حاول اخوان اليمن ومن "خلفهم الداعمون الاقليميون"، الى العودة لافتعال "ازمة الخلاف السعودي الإماراتي"، فجاءت اللقاءات العسكرية والدبلوماسية والسياسية، لتنتهي بلقاء جمعي وليي عهد البلدين محمد بن سلمان وأخيه محمد بن زايد، ليدحض اللقاء وجود الخلافات (غير الموجودة أصلا)، الا في الاجندة القطرية والتركية.
تحليل: الالتزام بمكافحة الإرهاب.. هل يقرب الجنوب من الحكم الذاتي |
بقي على اخوان اليمن الخيار الوحيد، العودة لاتفاق الرياض وسحب القوات من شبوة ووادي حضرموت والمهرة والدفع بها صوب مأرب لقتال الحوثيين، او الانتظار ربما لضربة قوية قد تجعل الفرع اليمني، مثله مثل فروع التنظيم في الأقطار العربية، فاقد كل شيء، الا منابر إعلامية للتحريض.
الضربة المتوقعة للتنظيم اليمني قد لا تكون كالضربات السابقة التي كان التنظيم يتحاشاها بنفي علاقته بالتنظيم الدولي للإخوان، لكن خلال العامين الماضيين اقر اخوان اليمن، انهم اخوان مسلمون.
وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية د. عبدالله آل الشيخ يؤكد على ان "الحركات الحزبية الخطيرة كحزب الإخوان لن تستسلم وستقاوم بكل ما أوتيت من قوة فاحذروا من تلبيسهم وخداعهم وتدليسهم بخطابات ورسائل تبرئ الصحويين والسرورين وتصفهم بمناقب وهمية وتنسب إليهم كل خير وتنفي عنهم كل شر وهم وفلولهم يروجون شهادات زور لعل وعسى أن تنطلي وتقبل، فكونوا على حذر وحيطة".
"بين احتمال الانحسار والبقاء"..تحليل: "القاعدة".. مستقبل جناح إخوان اليمن العسكري بوادي حضرموت |
هذا التحذير ربما يكشف بجلاء ان المواجهة القادمة ستكون للتنظيم الدولي للإخوان، وسيكون الفرع اليمني الذي صنفته الرياض في العا 2014م، على قوائم الارهاب، سيكون أبرز الضحايا في ظل رغبة دولية واقليمية على تجفيف منابع التطرف والتي مصدرها في اليمن تنظيم الاخوان بتأكيدات وزارة الخزانة الأمريكية التي وضعت قيادات ومسؤولين يمنيين إخوان على قوائم الارهاب بعد ثبوت تورطهم بدعم وتوجيه تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية.
---------------------------------------------------------------
مادة تحليلية تستعرض الاحداث في شبوة وانعكاساتها على مستقبل الفرق اليمني للإخوان - المحرر