زعم مؤامرة أميركية سعودية في شن "حرب مالية اقتصادية"..

تقرير: "حزب الله".. لماذا يصرّ على ابعاد لبنان عن العمق العربي؟

مخاوف دولية من وقوع أموال الدعم في يد حزب الله

بيروت

يتوارى حزب الله اللبناني خلف ما يزعم أنها مؤامرة أميركية سعودية في شن "حرب مالية اقتصادية" على لبنان تشمل حسبه، تلاعبا بسعر الدولار ومنع الدول والحكومات من تقديم المساعدة للبنان وحماية الفاسدين، وذلك للتغطية على ممارساته التي دفعت المجتمع الدولي للإحجام عن دعم الدولة اللبنانية بينما يعتقد جازما أنها صارت "رهينة" للحزب المدعوم من إيران.

ولم يعد خافيا أن هناك مخاوف دولية من تقديم دعم مالي للبنان خشية أن تصل أي تمويلات ليد الجماعة الشيعية التي تهيمن على مفاصل الدولة تماما كما تحجم عن الإفراج عن أي قروض وهبات في ظل حكومة تعتقد غالبية الدول العربية والغربية أنها ضعيفة وغير قادرة على مكافحة الفساد.

وترى جهات دولية ومحلية أن منظومة الحكم وحزب الله يعتبر الشريك المهيمن فيها، متورطة في الفساد الذي أثقل كاهل لبنان ودفع اقتصاده إلى حافة الهاوية.

ويروج حزب الله منذ خطاب أمينه العام حسن نصرالله الأخير الذي هاجم فيه العاهل السعودي الملك سلمان واتهم المملكة بدعم الإرهاب من خلل ما زعم أنها عمليات تجنيد وتشكيل لتنظيم لدولة الإسلامية في العراق وسوريا، لرواية تعرض لبنان لمؤامرة تستهدف اقتصاده وسيادته وهي مزاعم ردت عليها السعودية في أكثر من مناسبة.

وفي أحدث حلقة من مسلسل الافتراءات، قال نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله علي دعموش في خطبة الجمعة إن "هناك حربا اقتصادية ومالية دنيئة تشنها الإدارة الأميركية والسعودية على لبنان منها التلاعب بسعر الدولار ومنع الدول والحكومات من تقديم المساعدة للبنان وحماية الفاسدين".

وتابع بحسب بيان صادر عن مكتب العلاقات الإعلامية في حزب الله "إن الحرب السعودية الأميركية على لبنان تستخدم فيها كل الأسلحة والوسائل بهدف الضغط على اللبنانيين لتبديل خياراتهم السياسية والانتخابية تحت تأثير الجوع والقلق والخوف".

وأضاف "من هذه الوسائل  المستخدمة في هذه الحرب التلاعب بسعر الدولار ومنع الدول والحكومات من تقديم المساعدة للبنان وحماية الفاسدين في الداخل وعدم السماح بمحاكمة ومحاسبة حاكم مصرف لبنان وعرقلة الحلول للازمات وتسييس بعض القضاء اللبناني والتدخل فيه لمنع محاكمة ومحاسبة من أهدر المال العام واكل أموال المودعين وسمح بتهريب الأموال للخارج".

وتتناقض هذه الاتهامات مع واقع الحال في لبنان، فرياض سلامة حاكم مصرف لبنان يحظى بدعم من شخصيات سياسية نافذة من بينها رئيس مجلس النواب رئيس حركة أمل نبيه بري حليف حزب الله. وسبق أيضا لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن أعلن أنه لا يمكن "تغيير الضباط أثناء الحرب"، في إشارة إلى رفضه إقالة سلامة.

وبالنسبة للقضاء فإن الثنائي الشيعي وبعض من حلفائه مثل تيار المردة هم من عطلوا التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت. ويتمسك هؤلاء باستبعاد المحقق العدلي في تفجير مرفأ بيروت طارق بيطار من التحقيق لأنه طالب بمثول مسؤولين ووزراء سابقين مقربين من الجماعة الشيعية للتحقيق قبل أن يصدر مذكرة اعتقال بحق عدد منهم.

وجاءت مغالطات علي دعموش نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، بينما لم يعقد مجلس الوزراء إلى الآن أي جلسة على الرغم من الوضع الملح وحالة الشلل السياسي والاقتصادي وقضايا لا يمكن التعاطي معها إلا من خلال جلسة لمجلس الوزراء.

وتتهم قوى لبنانية حزب الله بالتسبب في تفاقم الأزمة المالية والسياسية وفي توقف الدعم الخارجي بسبب ارتباطه بإيران وبسبب أنشطته المشبوهة في المنطقة.

وحزب الله المصنف تنظيما إرهابيا في دول خليجية وأوروبية وفي أميركيا مشمول بعقوبات أميركية وأوروبية ويواجه باستمرار اتهامات بتبييض الأموال وتجارة المخدرات وببناء شبكة معقدة جزء منها ينشط في أميركا اللاتينية.

ولهذه الأسباب تضعه واشنطن على قائمة التنظيمات الإرهابية وتتعقب أنشطته في الخارج.

وتقول مصادر دبلوماسية غربية إن الفساد وهيمنة حزب الله على الدولة اللبنانية وارتهانها لإيران، أسباب كافية للإحجام عن تقديم دعم مالي مباشر للدولة فيما تستمر في دعم المؤسسة العسكرية التي تعتبر صمام الأمان في الوقت الراهن. كما يتم توزيع المساعدات من خلال هيئات أهلية لا حكومية.     

وبحسب ما يراه حزب الله فقط، يقول دعموش أن "إدخال لعبة الدولار في المعركة الانتخابية هو عمل دنيء وابتزاز رخيص للبنانيين وهذه  اللعبة باتت مكشوفة ومفضوحة والذين يلعبون بالدولار ويجوعون الناس ويستغلون الأزمة  للضغط على اللبنانيين في خياراتهم السياسية باتوا معروفين ومفضوحين وفي مقدمتهم حزب القوات اللبنانية الذي صرح رئيسه سمير جعجع بشكل واضح أن انتخبونا فيستقر سعر الدولار".

واستحضار دعموش لحزب القوات اللبنانية في خطبة الجمعة في خضم التوتر القائم اصلا، يبدو تحريضا معلنا بينما يكابد لبنان لتفادي موجة عنف سبق أن اختبر نتائجها في الحرب الأهلية (1975 - 1990) وفي بروفة الحرب الأهلية الأخيرة خلال أحداث الطيونة في أكتوبر/تشرين الأول 2021.

ويتبادل حزب الله وحزب القوات اللبنانية الاتهامات بالتسبب في موجة العنف خلال أحداث الطيونة الدموية، بينما لم تهدأ السجالات السياسية بين الجماعة الشيعية وحلفائها من جهة وحزب القوات وحلفائه من جهة ثانية.

ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية طاحنة مع تراجع في حجم التدفقات المالية من الخارج، وارتفاع في حجم الدين العام وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين بفعل ارتفاع الأسعار وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية الذي تخطى قبل أيام عتبة الـ33 ألف ليرة لبنانية للدولار لينخفض اليوم الجمعة إلى 27800 ليرة.