تحليلات
الحوثيون.. علي عبدالله لم يعد صالحا
تحالف الحوثيين وصالح في اليمن على شفا الانهيار
قالت مصادر مطلعة في حزب المؤتمر الشعبي العام إن تحالف الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وميليشيا “أنصار الله” الحوثيين شارف على نهايته، في وقت يصعد الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب من ضغوطه على إيران، الداعم الرئيس للحوثيين.
ويقف صالح على شفا فك الارتباط بالحوثيين بشكل مفاجئ إذا ما عثر على صفقة مناسبة تضمن الحد الأدنى من المشاركة السياسية له ولحزبه في ما بعد انتهاء الانقلاب.
وفهم صالح رسالة ترامب جيدا. فخطاب الرئيس الأميركي يتخطى حتى أكثر الخطابات تشددا لإدارات أميركية سابقة تجاه نفوذ إيران في المنطقة، ويبدو عازما على وضع حد له.
وكشف علي الشعباني، السكرتير الإعلامي في مكتب صالح، على صفحته في موقع فيسبوك عن دراسة حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح) الانسحاب من “حكومة الإنقاذ” بسبب انقلاب الحوثيين على ما أسماه “اتفاق الشراكة”.
وسرد الشعباني، وهو صحافي مقرب من صالح، عددا من “التجاوزات” التي أقدم عليها الحوثيون بحق أعضاء وقيادات حزب المؤتمر، ومن بينها “استهداف الحوثيين لوزير الصحة في حكومة الإنقاذ سالم بن حفيظ ومحاصرته وفرض القرارات عليه واستهداف 12 ناشطا إعلاميا وسياسيا مؤتمريا بالاعتقال والتهديد والقمع والمحاكمة من قبل الحوثيين”.
وأضاف “الحوثيون يمنعون عبدالعزيز بن حبتور (رئيس حكومة الإنقاذ في صنعاء) من صرف المرتبات حسب ما وعد في تصريحه الإعلامي السابق من أجل تحميل المؤتمر مسؤولية تجويع الشعب وإذلاله”.
واتهم الشعباني الحوثيين بتوقيع اتفاق سري منفرد مع الولايات المتحدة والسعودية يقضي “بتعيين السياسي محمد أبولحوم نائبا لرئيس الجمهورية ونقل صلاحيات عبدربه منصور هادي إليه، ومنح الحوثيين نصف الحكومة المزمع تشكيلها برئاسة (وزير الخارجية السابق) عبدالله الصايدي والاتفاق على التوسع في المحافظات الجنوبية لمحاربة الإرهاب مع الأميركيين”.
علي الشعباني: قيادات المؤتمر تدرس الانسحاب من الحكومة لتنكر الحوثيين للشراكة
وبات صالح يشعر بتحركات منفردة للحوثيين بالتنسيق مع إيران، من دون إشراك حزب المؤتمر، وهو ما أثار خلافات عميقة بين الجانبين. ويقول مراقبون إن الخلافات بين “الحليفين” وصلت إلى مستوى غير مسبوق.
وقال الشعباني لـ”العرب” إن “قيادات المؤتمر تتدارس موضوع الانسحاب من الحكومة رسميا على خلفية تجاوزات الحوثيين لاتفاق الشراكة”، معتبرا أن “ما نشره ليس تسريبا كما يعتقد البعض ولكنه يأتي من موقع عمله كسكرتير إعلامي لصالح في حزب المؤتمر”.
ويتسابق الحوثيون وصالح على عقد صفقات منفردة على الرغم من التحالف الظاهري بين الجانبين، الذي بلغ ذروته من خلال الإعلان عن المجلس السياسي الأعلى في أغسطس، وتشكيل “حكومة الإنقاذ” في أواخر نوفمبر من العام الماضي.
ومن مسقط وموسكو وبكين إلى مدينة الظهران جنوب السعودية، يجوب الوفد الحوثي بقيادة محمد عبدالسلام البلدان بحثا عن مخرج دبلوماسي للأزمة التي يقول دبلوماسيون غربيون إنها وصلت إلى طريق مسدود.
لكن صالح ظل معزولا دون قنوات تواصل تذكر مع المجتمع الدولي، بعدما اختار التصعيد في خطبه الإعلامية السابقة، وانتهج سياسة استفزازية لدول التحالف العربي، الذي تقوده السعودية منذ مارس 2015 لمواجهة انقلاب الحوثيين وصالح على شرعية هادي.
ويقول سام الغباري، المسؤول الإعلامي في حزب المؤتمر (الجناح المؤيد للشرعية) لـ”العرب” إن “إعلان جناح صالح في المؤتمر نيته تدارس الانسحاب من حكومة الانقلاب يعكس طبيعة العلاقة ‘الشاذة’ بين المؤتمر والحوثيين، ويؤكد أن صراعات الأجنحة داخل ميليشيا الحوثيين مستعرة ومتناقضة وكلها تسعى إلى النهب والاستحواذ ولا
تلتزم بأي اتفاق رسمي داخل الجماعة حتى لو أعلن (زعيم الميليشيا) عبدالملك الحوثي ذلك”.
وقبل أيام بعث صالح برسالة مغايرة لدول الخليج لأول مرة منذ انطلاق “عاصفة الحزم”، إذ دعا في كلمة أمام قيادات حزبه دول مجلس التعاون الخليجي إلى “المساهمة في حل الأزمة اليمنية، وإيقاف الحرب”.
وقال في كلمته، التي وصفت بأنها إعلان استسلام، إنه “على أشقائنا في مجلس التعاون الخليجي أن يساعدونا على الخروج من هذه الأزمة، مثلما ساعدونا في العام 2011. أنا أتودد من أجل السلام”.
ورغم المواجهات الحامية في محافظة تعز، باتت قوات التحالف العربي مسيطرة على عدن وشبوة وحضرموت، وتمكنت الشهر الماضي من تحرير ميناء المخا المطل على باب المندب.
ووضعت هذه الانتصارات العسكرية والسياسية الحوثيين وصالح في مأزق، دفع كلا الطرفين إلى إعادة التفكير في مصالحه على حدة.
ويقول نجيب غلاب، رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات، إن “ما يحدث من تدهور في العلاقة بين شركاء الانقلاب هو امتداد للخطأ القاتل الذي ارتكبه التحاق مؤتمر صالح بركب ميليشيا الحوثيين وبناء شراكة معلنة معها عبر المجلس السياسي والحكومة ومن ثم تحمل أعباء الانقلاب وتبييض جرائمه”.
وأكد غلاب لـ”العرب” أن “مسألة فك الشراكة مع الحوثيين باتت ضرورة لحزب صالح، لكنه لا يملك الجرأة ولا القوة لتحدي الحوثيين، إذ صارت العلاقة قائمة على أساس الاستتباع القهري والمذل”.