بحوث ودراسات
حقائق عن الإرهاب في اليمن
كيف إدار صالح والإصلاح تنظيم القاعدة باليمن؟
حاربت دولة الجنوب قبل الوحدة كل مظاهر التطرف والغلو الديني وحصرت دور مساجد البلاد في الجانب الديني الروحاني التوعوي المسالم المرتبط بثقافة ألمحبه والتسامح بين الناس , وبالتالي حافظت على دور الدين النقي بعيداً عن استخدامه كوسيلة إكراه وعنف وتحريض ضد الداخل و الخارج , ولهذا كانت كل محافظات الجنوب آمنه و خالية من أي مظاهر التشدد والعنف والإرهاب , أما خلفية التنظيمات المتطرفة التي نشطت على جغرافية دولة الوحدة بعد 22 مايو1990 , فهي لم تظهر من العدم , بل كانت تعيش وتتحرك بشكل حر بين القبائل في الشمال , لان أكثرية عناصر هذه التنظيمات كانت من أبناء هذه القبائل ألجهله , الذين تم غسل أدمغتهم بطريقة قذرة وسادية بمفهوم الجهاد ضد ما كانوا يطلقون عليهم الكفار الشيوعيين السوفيت و وجوب قتالهم في أفغانستان , وكأن أعضاء السي اي ايه , الذين دربوا الجهاديين في الشمال ومدوهم بالمال والسلاح كانوا من حجاج بيت الله الحرام , حينها شجع المخلوع صالح , الذي كان في بداية حكمة نهاية السبعينيات من القرن الماضي هذا النشاط الجديد ولم يقاوم إغراء استخدام تلك الشخوص المشبعة بالجهل وبثقافة الموت , خاصة أن سلطته كانت تواجه أزمات داخلية خطرة وهو الذي وصل إلى الحكم في البلاد عقب اغتيال الرئيسين ألحمدي و الغشمي بفترة قصيرة وبحاجة لمن يحميه و يضحي بنفسه لآجلة وهذا لن يحصل إلا عن طريق ضمان ولاء القبائل شيوخاً وإفراد وخاصة تلك المرتبطة بالجهاديين , وكانت هذه هي البداية لتأسيس نظام الكلِبتوقراطية في الشمال , إذ قام صالح حينها بالاتفاق مع قادة المجاميع الجاهلة من شيوخ الدم على الاستخدام والاستفادة المشتركة من تلك العناصر المتشددة الذاهبة والقادمة من أفغانستان في سبيل تقوية سلطته , كما عمل على إثبات أهميته أمام دول الخليج و الإدارة الأمريكية كحليف من آجل دعم حكمه , من خلال فتح معسكرات للجهاديين على أراضية في استعراض رخيص له ولحكمة على ألمشاركه في محاربة السوفييت في أفغانستان والنظام في جنوب الجزيرة العربية , ولكن الاستفادة الحقيقية والقصوى للمخلوع صالح ونظامه من تلك التنظيمات الجهادية كانت بعد الوحدة إذ تم تصفية الكثير من الكوادر الجنوبية وأعضاء في الحزب الاشتراكي اليمني على أيدي عناصر تلك التنظيمات الإرهابية بإشراف أفراد من الأجهزة الأمنية والقبلية المرتبطة بالمخلوع صالح , الذي عاود الاستفادة منها مره أخرى حين اتحد فرع التنظيم التابع لصالح و استخباراته مع فرع الإصلاح وشاركوا بقوة في الخطوط الأمامية أثناء اجتياح الجنوب في 1994 , أما ما بعد الحرب فقد عمت الفوضى وفقدت السيطرة والرقابة والإدارة على تلك الجماعات الجهادية , التي انقسمت إلى ثلاثة فروع , الأول كما هو تابع مخلص للمخلوع صالح وأجهزته الأمنية , و الثاني يتبع تنظيم الأخوان ( الإصلاح ) وبإشراف وإدارة الصف الأول من الإصلاح وعلى رأسهم عبدالمجيد الزنداني مع بروز خط داخلي يطالب بفك الارتباط مع التنظيم , الثالث من الجهاديين الذين يؤمنون وبصدق بفكرة الجهاد وبإمكانية تحقيق الخلافة الإسلامية وهؤلاء يخضعون لقيادات شابة بعضها مرتبطة بصالح والزانداني .
اليوم فرع التنظيم المخلص لعفاش وأجهزته الأمنية يحاول وبكل الطرق زعزعة امن المناطق المحررة بالتواصل مع عناصر من فرعي القاعدة الاثنين الآخرين الخارجين عن سيطرته عبر استخدام الإغراءات المالية و أوراق الأمن القومي الابتزازية, فالفرع الجهادي من تنظيم القاعدة المؤمن بالخلافة هم الأقلية من بين بقية فروع التنظيم فشل في البقاء على الأرض التي سيطر وقاتل فيها وفشل في الاستقطاب والتأثير , بسبب الضربات الأمنية لأجهزة الدولة و قلة أفراده وشحه ألموارد المالية والعسكرية ولازالت جماعة هذا الفرع تبحث عن المعجزات وفي نفس الوقت تخضع نفسها لمن يدفع أكثر لكي تستطيع شراء السلاح وتسديد نقات مقاتليها وعائلاتهم والبقاء كفرع فعال على الساحة , وهي ألان من تقود الاضطرابات الحالية في أبين بالاتحاد مع الفرع الغني للتنظيم التابع المخلوع و مع بعض اذرعه فرع الإصلاح المعارض للانفصال , لتصوير الوضع الجنوبي بأنه هش ومقلق وأن التحالف العربي فشل في تأمين المناطق المحررة .
نبيل نعيم عبد الفتاح احد مؤسسي جماعة الجهاد بمصر , وكذلك إمام الشريف الشهير بالشيخ فضل مفتي القاعدة كانوا من أشهر الشخصيات الجهادية , التي فضحت علي صالح الذي أدار دفة الدولة مع حزب الإصلاح بعد حرب 1994 وعلاقة أجهزة استخباراتهم بالتنظيم و دعمهم لمقاتلي القاعدة بالسلاح والمال ومنحهم الرتب والمناصب العسكرية والمدنية في مؤسسات الدولة اليمنية, ولهذا لمن لازال أن يعتقد أن تنظيم القاعدة جنوبي وأنه جسد واحد علية أن يعيد حساباته وأفكاره ومراجعة شهادة نبيل نعيم و إمام الشريف و يقرأ تاريخ ظهور الجهاد في اليمن الحديث , وأن ينظر إلى جغرافية حرب التنظيم في اليمن ويضع سؤال لماذا فقط في المناطق الجنوبية ؟ , أما داعش اليمن فظهوره كأن مطلباً ضرورياً , أولا بسبب ثقة المخلوع بالولاء المطلق لداعش الأمن القومي له , وثانيا بسبب خوف وهلع المخلوع من انفصال الجنوب وحاجته إلى مزيد من أدوات الرعب إلى جانب اسم القاعدة لتخويف الجنوبيين من عواقب التفكير في الانفصال , ثالثاً إيصال رسائل إلى الجيران القريب والبعيد أن اليمن صاحب الموقع الإستراتيجي في خطر بدونه , ولكن رغم أكاذيب المخلوع و بعض النخب الشمالية من القيادات القبلية والسياسية تظل الحقيقة ساطعة مثل ضوء الشمس تقول بأن داعش تنظيم من صنيعة الأمن القومي في صنعاء , أهدافه وعملياته لا تختلف عن تنظيم القاعدة , فالتنظيمان صناعة وإدارة وتوجيه شمالي بامتياز ونشاطهم يقتصر على الجغرافيا الجنوبية وضد الكادر المدني والعسكري الجنوبي.