الاقتصاد

الأزمة الإيرانية..

تقرير: إيران بين سندان الأزمة السياسية ومطرقة الضائقة الاقتصادية

ملايين الريالات الإيرانية إلى جانب بضع دولارات أمريكية

وصف الكاتب غارث فريزين الوضع الحالي في إيران بال "خطير" حيث يُجبر تشابك الأوضاع الجيوسياسية، والاقتصادية، والسياسة الداخلية، نظام الملالي على التغيير، ويتساءل: "كيف وصلت إيران إلى هذه النقطة، وإلى أين تتجه؟".

إذا عرقلت إيران الملاحة في هرمز فإنها لن تعاني من أزمة سياسية داخلية فحسب وإنما من تداعيات أزمة جيوسياسية خطيرة جداً

ويشير فريزين، في مقال بمجلة "فوربس" الأمريكية، إلى أن الأمور بدأت تتفكك عندما انسحبت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، وبعد أن تأخرت عوائد التجارة الأكثر انفتاحاً التي كان من المفترض أن تجني ثمارها إيران لسببين، أهمهما أن الممثلين الحكوميين الإيرانيين جمعوا المدفوعات النقدية المقدمة إلى إيران عند توقيع الصفقة، بدل توزيعها على الشعب الإيراني.

العقوبات الأمريكية
ولم يدعم نظام الملالي الانفاق المحلي لمساعدة المواطنين على التعامل مع القضايا الحرجة مثل نقص المياه، وتلوث الهواء، وبدل ذلك، ذهبت الأموال إلى تمويل إضافي للحرس الثوري الإيراني، ودعم رجال الدين المتشددين، الأمر الذي أثار غضب السكان بشكل عام.

أما السبب الثاني، في رأي فريزين، فيتمثل في تجديد إدارة ترامب للعقوبات ضد إيران، ما يعني تقويض قدرة إيران على التجارة بالنفط والمنتجات الأخرى للحصول على الدولار الأمريكي أو اليورو، وبسبب ندرة العملة الصعبة انخفضت واردات الأغذية والمنتجات الأساسية الأخرى، فاندلعت الاحتجاجات الغاضبة في شوارع إيران.

على خطى فنزويلا
ويرى كاتب المقال أن الأزمة الحالية التي تشهدها إيران تشبه إلى حد مخيف الأزمة الاقتصادية الحالية في فنزويلا لعدة أسباب منها، أن سعر العملة المحلية في السوق السوداء أضعف بكثير من السعر الرسمي، إضافةً إلى انتشار الفساد والنهب في الحكومة على نحو واسع وتنفيذ القضاء "غير المستقل"  رغبات سماسرة السلطة، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، والتضخم، وتراجع احتياطي العملة الأجنبية، مع العجز عن الحصول على الدولار الأمريكي، فضلاً عن عزلة إيران على الصعيد الدولي، ليواجه الشعب صعوبة متزايدة في سد حاجاته.

وعلى غرار فنزويلا، لا توجد بيانات موثوقة عن الاقتصاد في إيران، ولذلك من الصعب قراءة الأداء الحديث، ولكن حقيقة تداول العملة المحلية في السوق السوداء بسعر أقل من السعر الرسمي بمقدار 150% تشير إلى أن السياسة النقدية لا تتماشى مع الاقتصاد، كما أن انخفاض المواد الخام في أول أسبوعين من أغسطس (آب) الماضي يؤكد تباطؤ التجارة في البلاد، ورغم أن معدل التضخم المُعلن  هو 18%، إلا أن الخبراء يعتقدون أن الرقم الحقيقي للتضخم أضعاف ذلك بكثير.

فساد النظام 
ويلفت كاتب المقال إلى أن الأزمة الإيرانية تتجاوز مجرد الضعف المؤقت للعملة المحلية، وارتفاع معدلات التضخم، حيث شهدت إيران العديد من الأزمات الاقتصادية المماثلة طوال السنوات الأربعين الماضية، ولكن الفرق يكمن اليوم في أن الشعب الإيراني يلوم الحكومة، في الوقت الذي يُحاول فيه نظام الملالي إلقاء اللوم على الولايات المتحدة.

ولا شك في أن العقوبات الأمريكية تؤثر سلباً على الاقتصاد، ولكن فساد المسؤولين الإيرانيين هو السبب الرئيسي وراء اندلاع العديد من الاحتجاجات.

وعلى سبيل المثال، يمنع سقف العشرة الآف يورو من العملة الأجنبية، المسموح للمواطنين الاحتفاظ بها خارج البنوك، الإيرانيين من حماية أنفسهم من خسائر الريال، بينما يستطيع العديد من المسؤولين الحكوميين شراء الدولار الأمريكي بالريال الإيراني بأسعار أقل من سعر السوق، ومن ثم يشعر الشعب بالغش ويتطلع إلى التغيير.

ويشير مقال "فوربس" إلى أن رئيس البنك المركزي، ووزراء العمل، والاقتصاد، والمالية، فقدوا مناصبهم بسبب ذلك، وفي الأسبوع الماضي استجوب الرئيس الإيراني حسن روحاني أمام البرلمان، ويُكافح الآن بقوة حالياً للبقاء في السلطة، فضلاً عن أن الأجندة الإصلاحية التي تسعى إلى علاقات أفضل مع الغرب باتت معرضة للخطر، وربما يعود رجال الدين المتشددون للسيطرة على الأوضاع، ولكن معظم الإيرانيين لن يرضوا بذلك النتيجة، خاصةً لأنهم سئموا العزلة عن العالم الخارجي.

أزمة جيوسياسية خطيرة
ويقول كاتب المقال إن "إيران في مأزق صعب، فهي من ناحية تحتاج إلى إلى الغرب من أجل الحصول على المعونة الاقتصادية، ومن ناحية أخرى تتورط بعمق في لوم الولايات المتحدة على مشاكلها الحالية، وفي الأثناء تتعالى احتجاجات المواطنين، مع تفاقم الصعوبات الاقتصادية".

وفي الوقت الراهن، يبدو أن حكومة الملالي تتجه إلى المزيد من العزلة، إذ قال خامنئي في الأسبوع الماضي: "الاتفاق النووي وسيلة وليس غايةً في حد ذاته، وإذا توصلنا إلى استنتاج أنه لا يخدم مصالحنا الوطنية، فيمكننا التخلي عنه".

وقال مسؤولون آخرون إنه إذا لم تتمكن إيران من بيع نفطها بسبب الضغط الأمريكي، فلن يُسمح لأي دولة إقليمية أخرى ببيع نفطها. 

ويحذر كاتب المقال من تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز، الشريان الإستراتيجي الذي يربط منتجي الخام الخليجيين بالعالم، وإذا حدث ذلك، فإن إيران لن تعاني من أزمة سياسية داخلية فحسب، بل ومن  تداعيات أزمة جيوسياسية خطيرة جداً.   

تقرير: جولة ترامب الخليجية تُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط وتهمش إسرائيل


دراسة تحليلية: كيف يُهرَّب السلاح إلى الحوثيين في اليمن؟ الفاعلون والمسارات من 2014 حتى 2025


محادثات روسية أوكرانية مباشرة في إسطنبول: آمال حذرة بغياب بوتين وزيلينسكي


الحوثيون يلتزمون بوقف الهجمات على أمريكا ويستثنون إسرائيل: مستقبل غامض في البحر الأحمر