تقارير وتحليلات
خيبة أملها من بعض الآليات الدولية..
حكومة اليمن تصعّد معركتها ضد تسييس ملفها الحقوقي
كشفت مصادر حقوقية مطلعة لـ”العرب” من جنيف عن مشاورات تجري بين المجموعة العربية في مجلس حقوق الإنسان وعدد من الدول من بينها هولندا وكندا للتوصل إلى صيغة اتفاق مناسبة حول الملف اليمني وتمديد عمل فريق الخبراء التابع للمفوضية السامية لحقوق الإنسان الذي تتهمه الحكومة اليمنية بالانحياز للحوثيين والعمل وفق أجندة سياسية غير مهنية.
ووفقا للمصادر ذاتها يجري النقاش للتوصل إلى صيغة مرضية لكافة الأطراف الإقليمية والدولية ذات العلاقة بالملف اليمني من بين ما تتضمنه إعطاء اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان صلاحيات أوسع في رصد وتقييم الحالة الحقوقية في اليمن ومنح فريق الخبراء الأممي طابعا استشاريا مساعدا ومكمّلا لعمل اللجنة الوطنية التي شكلت بقرار من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.
وفي تعبير عن الرفض القطعي لطبيعة النشاط الذي تقوم به بعض المنظمات التابعة للأمم المتحدة، عبّرت الحكومة اليمنية عن “خيبة أملها من بعض الآليات الدولية في التعامل مع الأزمة في اليمن والتي انجرّت إلى تسييس ولايتها بطريقة تسهم في تعقيد الوضع بالبلد”.
وأشارت الحكومة في بيان لها، نشرته وكالة الأنباء الرسمية، الخميس، إلى أن “مجموعة الخبراء الإقليميين والدوليين أثبتت من خلال التجاوزات التي تضمنتها مخرجاتها في تقرير المفوض السامي لحقوق الإنسان بتاريخ 28 أغسطس 2018، تسييسها لوضع حقوق الإنسان في اليمن للتغطية على جريمة قيام ميليشيات مسلحة بالاعتداء والسيطرة على مؤسسات دولة قائمة، وانحيازها بشكل واضح للميليشيات الحوثية بهدف خلق سياق جديد يتنافى مع قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة باليمن وعلى رأسها القرار 2216”.
وفي تصعيد غير مسبوق للشرعية اليمنية تجاه ما تعتبره انحيازا أمميا للميليشيات الحوثية، أكدت الحكومة رفضها التمديد لمجموعة الخبراء البارزين “كون المخرجات التي توصلت إليها المجموعة والواردة في تقرير المفوض السامي قد جانبت معايير المهنية والنزاهة والحياد والمبادئ الخاصة بالآليات المنبثقة عن الأمم المتحدة، وكون هذه المخرجات قد غضت الطرف عن انتهاكات الميليشيات الحوثية للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني”.
وأشارت إلى أن “الآليات الوطنية هي الآليات الوحيدة القادرة على الإنصاف والمساءلة وأن الآليات الدولية ما هي إلا أدوات تكميلية لها ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون بديلة عنها، وترفض الحكومة فرض آليات تنتقص من سيادتها”.
البحث عن صيغة للتوفيق بين عمل اللجنة الوطنية للتحقيق في شبهات انتهاك حقوق الإنسان ومهام فريق الخبراء الأمميين
ودعا بيان الحكومة اليمنية المجتمع الدولي إلى “تقديم الدعم الفني والتقني للجنة الوطنية وفقا لما نص عليه البند 17 من قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 36/31، وكذا دعم السلطات القضائية اليمنية وفقا لما تنص عليه قرارات مجلس حقوق الإنسان منذ العام 2011 وحتى العام 2017 لضمان تنفيذ مخرجات اللجنة الوطنية للتحقيق، وتحقيق مبادئ المساءلة والإنصاف وعدم الإفلات من العقاب”.
كما دعت الحكومة المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة وعلى وجه الخصوص مجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان لمساعدة اللجنة الوطنية وتزويدها بالخبرات الدولية والإقليمية النوعية لإنجاح عملها بما يتماشى مع الفقرة “ب” من المادة الثانية من قرار إنشاء اللجنة رقم 140 لسنة 2012 الذي ينص على أن “للجنة الحق في الاستعانة بمن ترى من الخبراء المختصين محليين أو دوليين تحت القسم لمساعدتها في أداء مهامها ويتمتعون بالحصانة من الملاحقة القانونية للأعمال التي يقومون بها في إطار هذه المهمة”.
وفي تصريح لـ“العرب” قال مصدر حكومي يمني طلب عدم الإفصاح عن اسمه حتى انتهاء المفاوضات التي تجري بين المجموعتين العربية والأوروبية والتي ستظهر نتائجها خلال الساعات القادمة، أن الحكومة اليمنية عملت على توفير البيئة المناسبة والشفافة لعمل اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان التي حصلت على تزكية من مجلس حقوق الإنسان في جنيـف، مضيفا “كنا نتوقـع أن يعمل فريق الخبراء المشكل من قبل المفوض السامي لحقوق الإنسان على دعم جهود اللجنة الوطنية كما
هو منصوص عليه في قرار تشكيلها لكنا فوجئنا بانحراف مسار الفريق وظهور طابع سياسي واضح في عمله نزع عنه صفة الحيادية والمصداقية من خلال تقريره المسيّس وغير المتوازن والذي حمل في طياته الكثير من المغالطات وغض الطرف عن ممارسات الميليشيات الحوثية ولذلك ارتأت الحكومة أن استمرار عمل هذا الفريق هـو بمثـابة إساءة الحقيقـة وتشـويه لدور المفوضية السامية لحقوق الإنسان”.
وأشار المصدر الحكومي إلى أن الحكومة اليمنية تعتقد أن عمل اللجنة الوطنية كاف لإظهار حالة حقـوق الإنسان في اليمن، مضيفا “إذا كان هناك أي دور أممي يجب أن يكون تحت مظلة هذه اللجنة التي أثبتـت كفاءتها ونزاهتها إضافة إلى كونها مشكّلة بقرار من الرئيس عبدربه منصور هادي الرئيس الشـرعي للبـلاد والمعتـرف به دوليا”.
ومن جهته أكد الناشط الحقوقي اليمني همدان العليي في تصريح لـ“العرب” من جنيف أن جلسة اليوم الجمعة، في مجلس حقوق الإنسان ستتضمن التصويت على توصيات البند العاشر المتعلق بالدعم الفني والدولي في الدورة 39 لاجتماعات المجلس.
ولفت العليي إلى أن الموقف اليمني الرسمي لا يزال يصر على عدم التمديد لعمل فريق الخبراء التابع للمفوضية السامية لحقوق الإنسان والذي بدا بحسب تعبير العليي منحازا بشكل فج للميليشيات الحوثية.