تحليلات
تعيين مبعوثا لها في الصومال..
تقرير: كيف تخطط تركيا لضرب وجود الإمارات في الصومال
رجب طيب أردوغان
في محاولة جديدة للسيطرة على الصومال، عينت الحكومة التركية سفيرها السابق لدى الصومال «أولغان بكير» مبعوثًا خاصًّا لها للمحادثات بين الصومال وأرض الصومال «صوماليلاند»، والتي أعلنت الحكومة المحلية بقيادة الحركة الوطنية (SNM) الاستقلال عن بقية الصومال، وكان ذلك في 18 مايو 1991.
وأشاد السفير الصومالي لدى تركيا جامع محمد بهذه الخطوة، قائلًا: إنها «ستكون ذات فائدة كبيرة».
تعيين حكومة رجب طيب أردوغان مبعوثا لها في الصومال
يكشف عن الوجه الآخر للدور «العثماني» في اعادة هندسة الدولة الصومالية سياسيًّا بما يخدم على مصالحها، ووفقا لأيدولوجيتها في السياسة الخارجية، وتصدير مشهد الخلافة العثمانية لإعادة رسم الخريطة الاستعمارية في الدول العربية، ونهب ثوراتها.
وباتت الأنشطة التركية- المثيرة للريبة- من ناحية السياق والمضمون، مُلاحظة على نحو واسع من قبل الصوماليين عمومًا، وسكان العاصمة مقديشو خصوصًا.
ومؤخرًا جاء دخول تركيا على خط الأزمة بين الصومال وجمهورية أرض الصومال «صوماليلاند»، والتي أعلنت انفصالها عن الجمهورية الصومالية في 1991، ولكنها غير معترف بها، وتتمتع بتمثيل تجاري في بعض الدول الإقليمية كإثيوبيا؛ ليفسر ويجيب عن كثير من الأسئلة المعلقة.
بدايةً، تشكل «صوماليلاند» إحدى الولايات الست الفيدرالية التي تتكون منه الدولة الصومالية الاتحادية، وفقًا للدستور الصومالي، هذه الولايات تشهد دائمًا نزاعًا بين حكام هذه الولايات الفيدرالية والحكومة الاتحادية والتي ارتفعت وتيرتها بعد سيطرة رجل قطر «فهد ياسين» على وكالة الاستخبارات والأمن القومي في أغسطس 2018.
وترجع أهمية «أرض الصومال» الاستراتيجية، جزءًا أساسيًّا من تحرك تركيا نحو لعب دور الوساطة الظاهرة والتغلغل في «أرض الصومال»؛ من أجل استهداف الوجود العربي في «صوماليلاند»، وخاصة الدور الإماراتي القوي والداعم لحكومة أرض الصومال.
الدور التركي للعب دور الوساطة بين «صوماليلاند» والحكومة الصومالية الاتحادية ليس جديدًا، وهو دور يقابل بتحفظ من قبل حكومة أرض الصومال؛ نظرًا لمخاوف الأخيرة من عبث تركيا بأمن واستقرار «صوماليلاند».
أهمية أرض الصومال:
وتعد أرض الصومال من الولايات الاستراتيجية المهمة على خليج عدن، وتشكل موقعًا مهمًّا في طريق الملاحة الدولية، وتقديم الخدمات اللوجستية للنقل البحري، وكذلك مواجهة الإرهاب والقرصنة في خليج عدن والمحيط الهندي.
وتشكلت جمهورية أرض الصومال من الإقليم الشمالي الصومالي، وتتألف من 6 محافظات، ومساحتها 137 ألف كيلومتر مربع، تحدها إثيوبيا من الجنوب والغرب، وجيبوتي من الشمال الغربي، وخليج عدن من الشمال، وولاية بونتلاند الصومالية من الشرق، ويبلغ عدد السكان 4 ملايين من القبائل المختلفة التي تشكل كتلة بشرية متجانسة.
ويشكل ميناء« بربرة» بجمهورية أرض الصومال، والذي تديره شركة موانئ دبي العالمية، أحد الفاعلين الأساسيين في لعبة التنافس الاقتصادي القائمة على الضفة الأفريقية من البحر الأحمر، فميناء «بربرة»، عندم دخل مضيق باب المندب - رابع أهم المعابر البحرية العالمية - للتزود بالطاقة، يفتح الباب أمام الكثير من الأحلام خصوصا منذ أن تم في مارس 2018 توقيع اتفاق ثلاثي بين أرض الصومال وشركة موانئ دبي العالمية وإثيوبيا.
وتطمح جمهورية أرض الصومال التي تفادت الغرق في الفوضى التي يشهدها الصومال، إلى منافسة جيبوتي ذات يوم.
كما يشكل الوجود الإماراتي الداعم لجمهورية أرض الصومال في مواجهة الإرهاب، ودعم استقرار الأمن الداخلي، ومواجهة القرصنة، هاجس وقلق وخسارة كبيرة لتركيا التي سعت لسنوات طويلة أن تضع الصومال كلها في «جيبها».
وتقدم الإمارات دعمًا لقوات الشرطة والأمن في «صوماليلاند»، وكذلك تؤسس قاعدة عسكرية من المقرر افتتاحها خلال العام الجاري، والتي من المتوقع أن تلعب دورًا كبيرًا في مواجهة الإرهاب في الصومال ومنطقة القرن الأفريقي، وكذلك ظاهرة القرصنة في البلاد.
وفي مارس 2018، تم الإعلان عن تأسيس مكتب تجاري لأرض الصومال في الإمارات؛ بهدف تعزيز حركة التجارة والاستثمار بين الجانبين، بعدما وصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى 300 مليون دولار، بحسب تصريح لرئيس الإقليم موسى عبدي خلال مؤتمر صحفي عقده في دبي.
وقال المحللان المتخصِّصان في الجغرافيا السياسية، تيودور كاراسيك وجورجيو كافييرو: إن دخول تركيا إلى المنطقة -إضافة إلى أجندة إيران- يثير العديد من الأسئلة بالنسبة للدول العربية التي تتعرض للمخاطر الأمنية المحتملة في البحر الأحمر.
ودخلت جمهورية أرض الصومال بالكامل في صراع النفوذ بالمنطقة. ويتخوف بعض أهالي أرض الصومال من الثمن الذي قد تدفعه بلادهم. لكن شير يرد على ذلك بقوله: «بالطبع إن وجود قوي أجنبية على أرضك ينطوي دائما على مخاطر، لكن نعتقد أن المكاسب أكثر بكثير من المخاطر».