بحوث ودراسات

ترجمة خاصة

الإمارات العربية اللاعب الجديد الكبير في الشرق الأوسط

القوات المسلحة الإماراتية

خاص (عدن)

من المرجح أن  تلعب الإمارات العربية المتحد دورا كبيرا من في الصراع الدائر في الشرق الأوسط بسبب نفوذها الاقتصادي والعسكري والسياسي. وخلال الأربعة عقود الماضية احتفظت الإمارات بدور أقل أهمية في المنطقة. وكونها تصبح الآن قوة اقتصادية كبرى ومركزا للتجارة العالمية ، استجابت الإمارات للتهديدات الأمنية مع جارتها عبر عمل استثمارات كبرى في قدراتها العسكرية والتحالف الاستراتيجي مع دول أخرى كبرى، إقليميا ودوليا.

من موقع السياسة الدولية، وهي منظمة معنية بالسياسة الأمريكية والسياسات عبر العالم

  وبدأت الإمارات تظهر كقوة  إقليمية جديدة ستلعب أدوارا عديدة في المستقبل كعضو في عدد من التحالفات. وفي الأعوام الأخيرة، عمل الجيش الإماراتي جنبا إلى جنبا مع الولايات المتحدة في القتال ضد التطرف الإسلامي في العراق وسوريا. وتوجد قوات إماراتية أيضا في أفغانستان كعضو في التحالف الدولي.

وفي الوقت الحاضر تعشعش الاضطرابات والصراعات الجيوسياسية عبر المنطقة، ولهذا غيرت الإمارات استراتيجيتها بالانضمام مع تحالفات وركزت على الالتقاء بالقوى الدولية من أجل حماية أمنها القومي ومكتسباتها الاقتصادية والمادية مع ابتلاء عدد من دول المنطقة القريبة منها بالإرهاب والحروب الأهلية والاضطرابات السياسية والاجتماعية.

وانتهجت الإمارات سياسة خارجية متميزة حول العالم. فمنذ بداية الربيع العربي عام 2011، كانت سياسة أبو ظبي الخارجية معادية للإسلاميين وخصوصا جماعة الإخوان. ثم أعلنت الإمارات حركة الإخوان كجماعة إرهابية وشنت حربا عليها باعتبار أن الحركة خطرا على استقرارها الاقليمي.

وربما كان أكبر عرض للقوة العسكرية الإماراتية في اليمن، والتي لعبت فيها أبوظبي دورا كبيرا في التحالف الذي تقوده السعودية من أجل إعادة الحكومة المعترف بها دوليا وسحق حركة الحوثيين المتمردة ومن أجل ضمان تدفق البضائع والنفط عبر مضيق باب المندب. وتناضل الإمارات من أجل التعاون مع المجتمع الدولي لإعادة السلام في ليبيا بعد ستة أعوام من الحروب في تلك الدولة الغنية بالنفط والتي خلفت عددا كبيرا من الموتى والمشردين. وتسعى أبو ظبي التي ظلت تدعم حفتر منذ عام 2014 لطرد الإخوان من طرابلس من أجل إعادة بناء الدولة دون نفوذ للإسلام السياسي.

 لقد أصبحت الإمارات موطنا ثانيا للكثير من الناس. وساعد هذا النمو السكاني الإماراتيين في التوسع في أهدافهم في السياسة الخارجية ومن أجل البحث عن مصادر طبيعية في أفريقيا وأسيا من أجل دعم ليس الاستقرار الإقليمي فقط لكن أيضا استقدام إغاثة اقتصادية للدول التعيسة. ولا يمكن تأمين هذا النهج دون وجود استراتيجية إماراتية لحماية مكتسباتها وبدون جيش  قوي ومجهز لضمان المكتسبات والدفاع عن الدولة ضد التدخلات الخارجية. بمعنى اخر، تختبر الإمارات توازن القوى في الشرق الأوسط والاستفادة من استقرارها السياسي بينما تبلى دول أخرى بالإرهاب والعنف والحروب.

ومنذ أن أصبح الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية أميرا للبلاد، أصبحت تدار الدولة ليس فقط بالتنوع الجيوسياسي والجيواقتصادي فحسب بل أيضا برؤية أبوظبي لعام 2030 ورؤية الإمارات لعام 2012. كلا الرؤيتان لا يمكن تأمنيها وتحقيقها دون وصاية على مكتسبات الدولة من قبل محمد بن زايد. وتطلب هذا النهج من الإمارات العربية أن تغير استراتيجيتها من الحياد إلى التدخل الدبلوماسي والعسكري من أجل ردع مخاطر وتهديدات تواجه الإمارات ووحدتها واقتصادها وشعبها. وساعدت القوة والجيش الأمير محمد بن زايد في تحقيق هذه الأهداف.

بدأ محمد بن زايد لعب دورا كبيرا منذ عام 2006 بتفعيل السياسة الخارجية للأمارات. وكان الخطر الكبير الذي عالجته البلاد كان هو ذلك الذي حذرت منه الحكومة مرارا: تزايد خطر المتطرفين وأيديولوجياتها والتي انتشرت في منطقة الشرق الأوسط وتأثير حركتها.

وفي حديثه في اللقاء الثاني في الجدل الاستراتيجي في أبوظبي عام 2015، قال وزير الخارجية أنور قرقاش أن الإمارات تعتقد أن الايديولوجيات المتطرفة والإرهاب هم" وجهان لعملة واحدة، كل منها يقوي الاخر مما يسهم في عدم الاستقرار.

لقد غيرت الإمارات سياساتها من عدم التدخل نهائيا  إلى التدخل بسبب خطرين جديدين والحربين القريبتين، واللتان تهددان أمن واستقرار ورفاهية الإمارات. وتخشى الحكومة من تحرك الجماعات المتطرفة والإرهابية في المنطقة بما في ذلك الدولة الإسلامية التي انتشرت فروعها في دول خليجية أخرى واليمن، مما يمثل خطرا كبيرا على منافذ الإمارات. وبما أن بعض الدول المجاورة للإمارات استضافت الكثير من الإرهابيين والمتطرفين، تؤمن الإمارات أن عليها أن تعمل على اتخاذ إجراءات وقائية لإجهاض مراكز التطرف الأيديولوجي. ويوضح هذا المفهوم أن القرار الحاسم الذي اتخذتها الإمارات في اليمن كان لاحتواء انتشار الشغب وعدم الاستقرار الذي ينتشر وراء حدود اليمن إلى دول أخرى. وبما أن الإمارات ترغب بخطوط ملاحة حرة ومفتوحة كجزء من اعتماد البلاد على التجارة والنقل فإن دول شبه الجزيرة العربية وكذا دول في القرن الأفريقي تعد من أولويات السياسة الخارجية لأبوظبي.

وأدركت الإمارات أن أي مجموعة متطرفة تمد جذورها في دول قريبة من الخليج العربي فقد تتفرع إلى دول الخليج ومن ثم ستعمل على تمزيق النسيج الاجتماعي وتطوير أفكار ضيقة عن العالم مستخدمة الإسلام لتبرير أعمالها وغسل أدمغة الشباب عبر رسائل مغرية. وشجع هذا الأسلوب المهدد للحضارة الاجتماعية والمدنية الذي ينتهجه المتطرفون إلى أن تنظم الأمارات مع تحالفات ضد الإرهاب كالتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب و أن تبقى عضوا فاعلا في التحالف الدولي لمحاربة داعش وانضمامها لعمليات عسكرية تديرها أمريكا خارج المنطقة العربية.

وبعد الأزمة المالية عام 2008-2009، بدأت الإمارات العربية لعب دورا سياسيا أكثر قوة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وكان للأمارات دورا كبيرا في التنمية السياسية في البحرين وتونس ودول أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وزادت البلاد من صفقات أسلحتها من الولايات المتحدة وروسيا والصين ويوغسلافيا سابقا وأوكرانيا وفرنسا وإيطاليا وأسبانيا وجنوب افريقية. وشرعت الامارات في إنتاج بعض الأسلحة عقب توقيع اتفاقات تحويل التكنولوجيا مع عدد من الشركات في روسيا وجنوب أفريقيا واسبانيا.

وتحاول الامارات العربية أن تنقل رسالة إلى أعدائها في أن موازين القوى في الشرق الأوسط قد تغيرت وأن عدد من الدول التقليدية المسلحة لا يهمها إذا ما كان للدول تقنيات أسلحة متطورة وقوى للعمليات الخاصة. وتوسع الإمارات  استراتيجيتها شرقا وغربا من أجل إحداث توازن في المتطلبات الأمنية المستقبلية. ويرى هذا النهج في القيام بالعديد من الزيارات لمسئولين إماراتيين كبار إلى اسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. وقام محمد بن زايد بعدد من الزيارات عام 2016 وبداية عام 2017 إلى الصين والهند وروسيا وبريطاني من أجل تعزيز العلاقات مع هذه الدول من أجل إحداث توازن في العالم المضطرب.

وفي يناير الماض، كانت دعوة الرئيس دونالد ترمب لمحمد بن زايد إلى واشنطن مؤشرا أن واشنطن تقدر عاليا الإمارات وتأمل من قيادتها أن تعالج قضايا ساخنة في الشرق الأوسط ووضع حد للشغب في المنطقة.  وواجهت الإمارات تحديات منذ ما يمسى بالربيع العربي الذي اندلع عام 2011 معطية اهتماما مستحقا لاستقرار ورخاء وامن البلاد التي نجت من فوضى الستة الاعوام الماضية.

وعموما، تتمتع الإمارات بأمن واستقرار منذ تحقيق الاستقلال عام 1971. ونشر تقرير لمنظمة العالم السعيد عام 2016 والذي اطلقته شبكة حلول التنمية المستدامة التابع للأمم المتحدة أن الإمارات سجلت رقما ساحقا 99.34% في مؤشر الأمن والاستقرار و 96.74% في العدالة. واستفادت الإمارات من مثل هذا المجال لتعزيز قدراتها التجارية والاقتصادية لينعم ملايين من الشعب بفرص عيش جيدة والاستمتاع بحياة رفاهية. ومع أنها تقع بالقرب من المناطق الساخنة في العالم، تقر الإمارات أن عليها أن تبقى دائما منتبهة ومستعدة لمواجهة أي خطر في هذه المرحلة الدقيقة.

تفشي الحميات الفيروسية في عدن ولحج.. دراسة تحليلية لانتشار البعوض في البريقة والحوطة وتبن وسط أزمة الحرب


التحرك السعودي نحو إيران.. موازنة نفوذ أم اصطفاف - قراءة في ديناميكيات الردع الإقليمي وتوازن القوى


أنور قرقاش: تقرير مجلس الأمن فضح حملة التضليل ضد الإمارات بشأن السودان


المهاجرون الأفارقة في اليمن: من رحلة البحث عن الأمان إلى ضحايا الغارات الجوية